بيروت — سبوتنيك. وأجريت الانتخابات البرلمانية في لبنان يوم السادس من أيار/ مايو الماضي، حيث شهدت منافسة حادة بين 583 مرشحاً توزعوا على 77 لائحة في 15 دائرة انتخابية.
وجرت هذه الانتخابات على أساس النظام النسبي والصوت التفضيلي الذي أتاح للناخبين فرصة تفضيل مرشح واحد ضمن اللائحة الواحدة، والذي شكل الأساس لتحديد الفائزين بعد احتساب عدد المقاعد التي حازتها كل لائحة.
ومع إقفال باب الطعون أمام المجلس الدستوري، ظهر اليوم الأربعاء، أنه تمّ تسجيل 17 طلب طعن في دوائر بيروت الأولى، وبيروت الثانية، وطرابلس — المنية — الضنية (شمال)، وزحلة (البقاع الأوسط)، وبعلبك — الهرمل (البقاع الشمالي)، والشوف — عالية (جبل لبنان)، والمتن (جبل لبنان).
وفي دائرة بيروت الأولى، التي خاض فيها رئيس الحكومة سعد الحريري منافسة حادة مع مرشحين مدعومين من "حزب الله" و"حركة أمل"، تقدّم بالطعون كل من زينة منذر لإبطال نيابة فيصل الصايغ ووزير الداخلية نهاد المشنوق، نديم قسطا ضد نيابة إدغار طرابلسي، ورئيس "حركة الشعب" (يسار) إبراهيم الحلبي ضد النواب السنّة الستة الفائزين، وعمر نجاح واكيم (من "حركة الشعب" ايضاً) ضد نيابة نزيه نجم، فيما قدمت لائحة صلاح سلام طعناً بكل نتيجة الدائرة، بجانب طعن مقدّم من21 مرشحاً خاسراً في كل نتيجة الدائرة.
في دائرة بيروت الأولى، تقدّمت الكاتبة والصحافية جمانة حداد بطعن ضد نيابة أنطوان بانو. وخاضت حداد الانتخابات في هذه الدائرة، ذات الغالبية المسيحية، ضمن لائحة "كلنا وطني"، وهي اللائحة الوحيدة التي نجحت في إيصال نائبة من المجتمع المدني إلى الندوة البرلمانية، هي الإعلامية بولا يعقوبيان. وكانت حدّاد تبلغت بفوزها من خلال الماكينات الانتخابية الحزبية قبل أن تظهر النتيجة الرسمية فوز مرشح "بيروت القوية" ("التيار الوطني الحر")، ما أثار انتقادات حادة، واتهامات للسلطات بـ"تزوير" النتيجة.
وفي شمال لبنان، تمّ تقديم طعن من لائحة اللواء أشرف ريفي، السياسي المنشق عن "تيار المستقبل" الذي يتزعمه سعد الحريري، وذلك لإبطال نتيجة هذه الدائرة الانتخابية ذات الغالبية السنية. كذلك تقدم المرشح طه ناجي بطعن على نتيجة الدائرة نفسها، بينما قدم المرشح كاظم الخير بطعن ضد النائب المُنتخب عثمان علم الدين.
وفي دائرة زحلة، تقدم كل من ناصيف التيني بطعن ضد فوز النائبين سيزار المعلوف وادي دمرجيان، وبوغوص كورديان ضد المرشح ادي دمرجيان، بينما تقدّمت رئيسة "الكتلة الشعبية" ميريام سكاف بطعن ضد نيابة ميشال ضاهر وجورج عقيص.
وفي دائرة الشوف — عاليه، تقدّمت الإعلامية غادة عيد بطعن ضد نيابة فريد البستاني والنتيجة الكاملة للدائرة.
وفي بعلبك — الهرمل، المعقل المهم لـ"حركة أمل" و"حزب الله"، تقدم يحيى شمس وسليم كلاس وغالب ياغي ورفعت المصري وحسين صلح بطعن لإبطال نتيجة الدائرة بكاملها.
أما في دائرة المتن، فتقدّم المرشح الخاسر في لائحة "المتن القوي" ("التيار الوطني الحر") رجل الأعمال سركيس سركيس بطعن ضد نيابة المرشح الفائز عن حزب "الكتائب اللبنانية" الياس حنكش.
وبحسب القانون، فإنّ أمام المجلس الدستوري مهلة ثلاثة أشهر للبت بطلبات الطعن، التي تفاوتت حيثياتها بين وصول صناديق الاقتراع إلى لجان القيد غير مختومة، والتلاعب بالأصوات إذ لم يجد بعض المرشحين حتى أصواتهم في بعض أقلام الاقتراع، وبين مخالفات قام بها رؤساء الأقلام مثل طرد مندوبين خلال يوم الاقتراع بحجة أن تصاريحهم كانت للّائحة وليس للمرشح، إلى جانب مخالفات تتعلق بأصوات المغتربين، إذ قامت لجان القيد بـ"تصفير" نتائج العديد من الاقلام بسبب تأخر وصول أقلام الخارج، رغم وجود ناخبين ومقترعين فيها.
ومن المتوقع أن يعقد رئيس المجلس الدستوري عصام سليمان مؤتمراً صحافياً للحديث عن الطعون.
وأنشئ المجلس الدستوري في لبنان عام 1993، بموجب التعديلات الدستورية التي أقرها مجلس النواب وفق اتفاق الطائف، حدثاً دستورياً هاماً عام 1993، ومن صلاحياته البت في دستورية القوانين والنظر في الطعون الانتخابية سواء النيابية منها أو الرئاسية.
وتلقى المجلس الدستوري، منذ إنشائه عشرات الطعون، سواء بقانون الانتخاب نفسه، أو الطعون الانتخابية من المرشحين.
وكان الطعن الأوّل قد تقدّم به عشرة نواب في العام 1996، بشأن قانون الانتخاب الذي قبله المجلس فاعتبر تمديد ولاية المجلس أكثر من أربع سنوات باطلة، إلى جانب عدم مساواة القانون المقّر بين الناخبين من خلال ما تضمنه من اعتماد المحافظات في كل من بيروت والشمال والبقاع والجنوب والأقضية في جبل لبنان. ولكن بعد إبطال القانون اعتمد مجلس النواب التقسيم الانتخابي، مع إشارة إلى تقسيم دوائر جبل لبنان "لمرة واحدة فقط"، فيما الغى تمديد ولاية البرلمان أشهر. وأقرت هذه التعديلات قبل أسبوع واحد من موعد إجراء الانتخابات ما حال دون تأمين عشرة نواب (بحسب الدستور) لتقديم طعن جديد.
وبعد انتخابات العام 1996، تلقى المجلس الدستوري 13 طعناً من مرشحين خاسرين، قبل أربعة منها.
وفي العام 2002، شهدت الانتخابات الفرعية التي جرت في قضاء المتن بين المرشحة ميرنا المر (ابنة السياسي المخضرم ميشال المر) وبين عمّها غبريال المر، على المقعد الأرثوذكسي الذي شغر بوفاة النائب المخضرم ألبير مخيبر، واحدة من أغرب الوقائع الانتخابية والدستورية، حيث ادعى المرشحان فوزهما بعد الحصول على أصوات متقاربة، فتقدمت ميرنا المر بطعن ضد عمّها، فاستقر الأمر على اعتماد المجلس الدستوري قرارا بفوز مرشّح ثالث هو غسّان مخيبر.
وفي انتخابات 2005، لم يتسن للمجلس الدستوري النظر بالطعون الانتخابية بسبب تجميد عمله.
وفي انتخابات العام 2009 بلغ عدد الطعون التي تقدّم بها مرشحون خاسرون نحو عشرة طعون، ولم يؤخذ بأي واحد منها.
