أما اليوم ها هم الحلبيون أشد عزيمة وأكثر إيمانا بأن حلب لن تكون يوما إلا مهدا للحضارة والتراث وموسوعة ضخمة للموسيقى العربية الأصيلة من أدوار وقدود وموشحات.
فعاليات عديدة برعاية وزارة السياحة السورية
برعاية وزارة السياحة السورية أقامت مديرية سياحة حلب على أرض "خان الوزير" الأثري أمسيات رمضانية و فعاليات تراثية عديدة استمرت على مدى أربعة أيام وذلك في الفترة الواقعة بين 4 حزيران/يونيو الجاري حتى 8-6-2018.
وتخللت تلك الفعاليات أمسيات شعرية وفقرات غنائية لأصوات شابة إضافة إلى فقرات تحاكي التراث الحلبي كالمسحراتي والحكواتي و عروضا للرقص الفلكلوري.
من جهته المهندس باسم الخطيب، مدير السياحة بحلب، أشار في تصريح صحفي إلا أنه ليس من المستغرب أن نرى تلك المدينة تنهض سريعا خصوصا أن أهلها المفعمين بالنشاط والحياة باتوا اليوم أكثر إصرارا وعزيمة على ترميم بيوتهم ومحالهم التجارية المتضررة.. فها هم اليوم يجوبون الطرقات والأزقة الأثرية ليلاً.. ويسهرون حول القلعة الشامخة حتى ساعات الصباح الأولى..
إيمانا ومحبة ويقينا أن حلب ستعود قريبا بأبها حللها.
وأضاف "خطيب" معرجا: "هناك تركيز من مديرية السياحة على الاهتمام بالتراث(اللامادي) وذلك من خلال تقديم فقرات رمضانية كالحكواتي والمسحر حيث أن تلك الأمور لا تقل أهمية عن التراث المادي الأثري مشددا على ضرورة المحافظة على الجانب التراثي دائما".
ثم اختتم تصريحه قائلا: "يحق لأبناء تلك المدينة أن يحتفلوا فحلب التي عانت الكثير ستنهض اليوم مجددا بسواعد أبنائها الشرفاء وسترسم فصلا جديدا بألوان من الحب والوئام والإعمار".
وبالانتقال للحديث أكثر عن تفاصيل تلك الأمسيات والفعاليات الرمضانية التي حملت عنوان " فانوس رمضان ".
كانت الفعاليات متنوعة تخللها فقرات شعرية قدمها عدد من الأدباء و الشعراء الحلبيين منهم: (وفاء شربتجي، محمد حجازي، جهاد سباهي) وأخرى تراثية كزاوية الحكواتي والمُسحر التي قدمها الفنان القدير (نديم شرباتي) وعدد من الممثلين، فيما رافق تلك الأمسيات معرضا للحرف اليدوية والتقليدية ضمن الخان.
وشملت الفقرات الرمضانية أيضا محاضرات تاريخية تثقيفية تتحدث عن تاريخ تلك المدينة وأسواقها القديمة قدم إحداها الباحث المهندس عبد الله حجار. كما ضمت الفعاليات زوايا غنائية قدمها فنانون شباب أمثال فارس أحمر وفقرات عزف منفرد قدم إحداها عزفا على العود الأستاذ بشار الحسن.
وبحضور رسمي أقيم حفل غنائي قدمه الفنان "فؤاد ماهر" الذي لقبته الفنانة القديرة "ميادة الحناوي" بـ "عندليب حلب " حيث قدم "ماهر" العديد من الأغاني العربية الأصيلة التي سمَت بأرواح الحاضرين وآذان المستمعين.
وخلال تصريح صحفي على هامش الفعالية أشار "ماهر" إلا انه سعيد جداً بغنائه في هذا المكان تحديدا لما يحمله من طابع رمزي عريق ودلالة معنوية وتاريخية تحاكي أصواتا حلبية رحلت أمثال (صبري مدلل و محمد نصار و أسعد سالم).
وأضاف قائلا: " فوانيس رمضان في هذا الخان أضاءت ظلام حقبة من الإرهاب، لذا فها نحن اليوم نكمل المسيرة وننشر ثقافة السلام بأصداء من الموسيقى العربية الأصيلة وكلماتها التي تحمل معان عظيمة من الحب والإخلاص وتحث على التمسك بجذور الأرض.
فؤاد ماهر ذاك الصوت الشجي الذي يشتهر بعذوبة الصوت ونقاء الطنين، هذا الطنين نفسه الذي يصيب العلامة الموسيقية بسهم لا يخطئ الهدف دون أي نقص في عدد " الكومات " المُشكلة للبعد الموسيقي الصحيح.
غنى "ماهر" على عدد من المسارح العالمية والعربية منها مسرح قرطاج في تونس ودار الأوبرا السورية بدمشق وصولا إلى احد أهم المسارح في سويسرا الأوروبية، كما دأب على الاجتهاد كثيرا والارتقاء بفنه ليلامس إحساسه أرواح الحاضرين قبل آذانهم.
أتى ذلك مكملا لكونه حافظاً لعدد كبير من الأدوار والموشحات والقدود الحلبية الأصيلة، ذاك اللون الذي صبغ حنجرته بلون من الأصالة والتراث وأسبغ عليه عطرا من الوفاء لوطنه ومدينته التي لم يرضى أن يغادرها طوال سنين الحرب.