نواكشوط — سبوتنيك. وجاء في التقرير الذي حصلت "سبوتنيك" على نسخة منه، أن "خمس جهات من أصل 12 جهة، هيمنت على 72 في المائة من عدد الأفراد المعتقلين ضمن الخلايا الإرهابية المفككة من طرف الأجهزة الأمنية".
وأبرز الباحث في تقريره، أن:
الظاهرة تزداد مؤشراتها عند الانتقال من الجنوب المغربي نحو شماله، على اعتبار، أن كل انتقال يواكبه ازدياد حدة التوتر النفسي والثقافي بين الغرب المتقدم وشعوب شمال أفريقيا.
وأوضح أن "تمركز الأنشطة الاقتصادية في الجهات الخمس عموما أدى الى نشوء أحزمة الفقر، وانتشار البناء العشوائي، والهجرة القروية المكثفة إلى تغير اجتماعي كبير، كما أن بعض هذه الجهات تتميز بانتشار أنشطة غير مشروعة كالتهريب والاتجار في المخدرات، ولا يمكن إغفال دور سبتة ومليلية المحتلتين في عمليات التجنيد والاستقطاب والتمويل".
وأحصى التقرير، الذي يغطي فترة عمل المكتب المركزي للأبحاث القضائية منذ تأسيسه في 10 آذار/ مارس 2015، تفكيك 52 خلية إرهابية، 21 خلال سنة 2015 و19 خلال سنة 2016 و 9 خلال سنة 2017 و 4 فقط خلال سنة 2018 ، جميعها مرتبطة بتنظيم " داعش".
وأرجع الباحث التراجع في الخلايا الإرهابية المفككة كل سنة إلى عوامل داخلية تمثلت في تأسيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية كبنية مؤسساتية جديدة متخصصة في التصدي للجريمة الإرهابية وباقي الجرائم المنصوص عليها في المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية الماسة بأمن الدولة والجرائم العابرة للقارات، وهو ما سمح بتجميع المعطيات على الظاهرة في مؤسسة واحدة وتحليلها وتنسيق جهود باقي الأجهزة الأمنية والاستخباراتية مما أدى إلى انسجام وفعالية في الأداء، عوض النهج الذي كان معمول به سابقا يتمثل في تداخل عمل أكثر من جهاز أمني واستخباراتي في قضايا الإرهاب و "المنافسة" بينها إلى تشتيت الجهود وبطء الفعل.
وجاء في التقرير أنه "على المستوى الخارجي ساهم اندحار تنظيم "داعش" بسوريا والعراق وليبيا إلى تراجع قدراته التنظيمية، مع ما واكب ذلك من مقتل العشرات من المقاتلين المغاربة لدى التنظيم، الذين كانت من بين مهامهم تجنيد واستقطاب الشباب وتأسيس الخلايا الإرهابية وتزكية القيادات المحلية، كما أدى ضرب تفكيك الخلايا التي كانت تنشط بين إسبانيا والمغرب إلى الحد من تمويل الإرهاب".
وكشف التقرير أن الذكور يمثلون 95 بالمئة من المعتقلين في الخلايا الإرهابية مقابل 5 بالمئة فقط من الإناث بعضهن قاصرات، وأرجع الباحث ذلك إلى أن "التصور حول ظاهرة التطرف لدى العقل الأمني المغربي هي، أنها ظاهرة ذكورية، علما أن الإناث لديهن قدرة فائقة على التمويه والتخفي بسبب طبيعة المجتمع المغربي، الذي يعتبرهن عورة وهو ما يسمح لهن بحركية أكثر بعيدا عن العيون الأمنية، مع العلم أن نساء مغربيات لعبن دورا كبيرا في استقطاب وتجنيد الشباب، وترويج الأفكار المتطرفة على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي، إضافة إلى أن بعضهن قيادات بارزات في التنظيمات المتطرفة وعلى رأسهم تنظيم داعش".
وأبرز التقرير أن عدد المعتقلين ضمن الخلايا الإرهابية مما كانوا ينوون التخطيط لعمليات إرهابية خلال سنة 2015 شكلوا 53 بالمئة، وممن تورطوا في التمويل والتجنيد بـ 21 بالمئة و 14 بالمئة حاولوا الالتحاق ببؤر التوتر و 8 بالمئة ممن انخرط في تمجيد الإرهاب، إما على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي أو عبر كتابات تمجد الإرهاب على جدران بعض المؤسسات والفضاءات العمومية مثلا.
أما خلال سنة 2016 ، يلاحظ ، أن التخطيط للعمليات الإرهابية حافظ على نفس المؤشر تقريبا بـ 52 بالمئة مع ارتفاع لمحاولات الالتحاق ببؤر التوتر وخصوصا بفرع ليبيا بـ 30 بالمئة والتمويل والتجنيد بـ 9 بالمئة تمجيد الإرهاب بـ 9 بالمئة أيضا.
أما خلال سنة 2017، فقد تم تفكيك 9 خلايا فقط من طرف الأجهزة الأمنية، يلاحظ من خلال البيانات والإحصائيات أن هناك تشتت في الاستراتيجية بعد اندحار تنظيم داعش القوي بسوريا والعراق وبليبيا حيث انخفض التخطيط للعمليات الإرهابية إلى 31 بالمئة ومحاولة الالتحاق ببؤر التوتر إلى 31 بالمئة أيضا و23 بالمئة تجنيد وتمويل الإرهاب، و 15 بالمئة لتمجيد الإرهاب.
وذكر التقرير، أنه خلال الستة الأشهر الأولى من سنة 2018 ، التي تم خلالها تفكيك 4 خلايا فقط، انخرط 75 بالمئة من الأفراد المعتقلين في تمجيد الإرهاب مقابل 25 بالمئة حاولوا التخطيط لعمليات إرهابية، ويوضح ذلك أنه لا زالت هناك حواضن للفكر المتطرف، وأن المعركة القادمة يجب، ان تكون على المستوى الثقافي بما في ذلك التحسيس وتقوية دور المجتمع المدني.
وجاء في التقرير، أنه "على مستوى القيادات، يلاحظ أن 73 بالمئة من قيادات الخلايا المفككة من طرف المكتب المركزي للأبحاث القضائية خلال ثلاث سنوات كانوا لهم صلة مباشرة بأفراد من تنظيم داعش موجودون على الساحة السورية والعراقية أو الليبية، وأدى مقتل هؤلاء إلى تراجع كبير في الخلايا الإرهابية، التي كانت تخطط للقيام لاستهداف زعزعة استقرار المغرب، مقابل 15 بالمئة معتقلون سابقون في قضايا الإرهاب، و 12 بالمئة من العائدين وهو ما يعيد النقاش إلى خطورة العائدين من بؤر التوتر والقدرة على إعادة إدماج كلا الفئتين داخل المجتمع المغربي".