دمشق — سبوتنيك. البلدة التي كانت يسيطر عليها ما يعرف بـ "لواء أسود السُنة" بعد سيطرة "الجيش الحر" عليها أواخر العام 2011، عادت إلى سيطرة الدولة السورية بعد انضمامها إلى عملية المصالحة الوطنية التي انضم إليها معظم بلدات ومدن ريف درعا الشرقي.
ويقول أحد المسلحين ويدعى محمود خالد المحاميد (28 عاما)، لوكالة "سبوتنيك": "كنت في الجيش الحر لأحصل على الطعام… أنا أنهيت الخدمة العسكرية الإلزامية في الجيش السوري عام 2012 وكنت أخدم بمطار كويرس بحلب، وبعد انتهاء الخدمة عدت إلى قريتي أم المياذن وكانت واقعة تحت سيطرة مسلحي الجيش الحر… وحدث اشتباك بين الجيش السوري والمسلحين داخل البلدة وأصبت بطلق ناري برأسي وأسعفني المسلحون إلى مستشفى السلام في الأردن، وحينما أنهيت علاجي هناك اعتقلتني السلطات الأردنية لثلاثة أيام وحققوا معي لأنني لم أكن أحمل بطاقة هوية".
وأضاف: "عندما عدت إلى أم المياذن قال لي قائد المجموعة المسلحة ويدعى محمد المحاميد الملقب بـ (الزغلول) أنني أصبحت مطلوبا عند النظام لأنني خرجت إلى الأردن وأن الجيش السوري سيقتلني، وحينئذ تملكني الخوف".
وتابع المحاميد قائلاً: "أنا أعمل في كهرباء السيارات لكن (زغلول) نصحني بأن أنضم إلى الجيش الحر، فقلت له أنا لا أعرف القتال فرد قائلا نحن نعلمك، وهكذا التحقت بالجيش الحر".
واستطرد الشاب المحاميد مسترجعا ذكريات تلك الأيام قائلاً "وقتها كنت أخاف من المشاركة في المعارك.. هم دفعوا لي خمسين ألف ليرة سورية شهريا [ما يعادل ألف دولار أمريكي وقتها]، لقاء انضمامي للجيش الحر، كما أن (زغلول) وعدني بأنه سيزوجني ويزودني بكل ما أريد، فانضممت للجيش الحر".
وتابع: "تسلمت أحد الحواجز داخل البلدة لمدة ستة أشهر.. ولكنهم طردوني بسبب خلافاتي المتكررة مع الأهالي.. وبقيت بلا عمل حتى عام 2015، وذهبت إليهم أرجوهم للانضمام لهم وقبلوا وأوكلوا لي مهمة نقل الذخيرة وحراستها".
ويعترف المحاميد بمشاركته بالقتال ضد الجيش السوري، قائلا "شاركت بمعارك ضد الجيش السوري إحداها ضد كتيبة الهجانة على الحدود السورية الأردنية، وفي معركة الشيخ مسكين وكانت مهمتي التذخير [الإمداد بالذخيرة]، لمسلحي الاقتحام، بقيت معهم حوالي سبعة أشهر، قبل أن أعمل مع والدي بمعمل البلوك".
وسقطت على الأرض وكُسرت يدي ولم يقدم لي المسلحون أية مساعدة واضطررت للسرقة من أجل أن أحصل على المال لإطعام عائلتي.. سرقت أسلحة وذخيرة من حواجز المسلحين وبعتها للحصول على المال".
وأردف المحاميد قائلاً: "كانت تكاليف العيش غالية جداً.. كنا نشتري أسطوانة الغاز المنزلي بـ 20 ألف ليرة سورية بينما يبلغ سعرها في مناطق سيطرة النظام 2500 ليرة سورية فقط".
وأضاف: "في إحدى المرات اكتشف المسلحون أنني سرقتهم وقاموا بضربي وسجني في سجن غرز المركزي".
وحول لواء أسود السنة، قال المحاميد إن "تعداد مسلحيه في البلدة [أم المياذن] بلغ 800 مسلحا معظمهم من الغرباء عنها..كانت تأتينا معونات من الاردن تصل إلى مستودعات الطيبة وكان القادة يسرقونها..كان المال ولسلاح يأتينا من أمريكا والسعودية والامارات وتركيا..كانت تأتينا طرودا عسكرية عليها العلم الأمريكي".
وأضاف: "الزغلول هرب إلى الأردن قبل دخول الجيش [السوري] بيوم واحد، وكذلك.. جميع القادة هربوا إلى الأردن، كما هرب عدد من كبار المسلحين إلى بصرى الشام".
وختم المحاميد قائلاً: "قادة المسلحين نهبوا وسرقوا وبنوا الفيلات وكانوا يتناولون أشهى الأطعمة، فيما يتضور صغار المسلحين وعائلاتهم جوعا.. حينما دخل الجيش [السوري] إلى أم المياذن اكتشفنا أن مستودعات القادة مليئة بالمواد الغذائية وكنا نحن جائعون".
مسلح أخر من عائلة المحاميد، التي تصل نسبتها في البلدة إلى ثمانين بالمئة، واسمه محمد أحمد المحاميد (40 عاما) يقول لوكالة "سبوتنيك"، "كنت في الجيش الحر ولواء أسود السنة، ومهمتي كانت العمل على الكاميرا الحرارية إذ كنت أراقب والتقط الصور على الحدود السورية الأردنية لمنع تسلل الدواعش إلى الأردن".
وأضاف: "كنت أعيش في السابق بدمشق مع بداية الأحداث عام 2011، وقتها اعتقلني الأمن السوري وتعرضت للتعذيب، وبعد ذلك فضلت العودة إلى بلدتي أم المياذن وانضممت للجيش الحر ولواء أسود السنة لمدة ثلاث سنوات… القادة فروا إلى الأردن وتركونا لمصيرنا".
وتعاني أم المياذن، دمارا محدودا يكاد لا يذكر، لكن غالبية أهلها لم يغادروها بل عملوا على تجنيبها ويلات الحرب بالانضمام للمصالحة.