أربيل — سبوتنيك. وتتنافس عدة أحزاب كردستانية على نيل ثقة الناخب في الإقليم الذي مر بمنعطفات سياسية وأمنية عديدة في السنوات الأخيرة، حيث تتجه الأنظار للحزب الديمقراطي الذي يقوده رئيس الإقليم السابق مسعود بارزاني، ورئيس الحكومة نيجرفان بارزاني، وكذلك الاتحاد الوطني الكردستاني الذي أسسه الراحل جلال طالباني رئيس العراق السابق، بالإضافة إلى حركة التغيير التي تزعمت المعارضة في الإقليم منذ عام 2009، علاوة على الاتحاد الإسلامي، والجماعة الإسلامية، وحراك الجيل الجديد، والحزب الشيوعي الكردستاني، والتحالف من أجل الديمقراطية والعدالة الذي عاد رئيسه برهم صالح فجأة إلى صفوف الاتحاد الوطني أملا في نيل منصب رئيس الجمهورية.
ويبدو أن الحراك السياسي في بغداد انعكس على المشهد في الإقليم بشكل كبير، فما يزيد الوضع تعقيدا هو سعي تلك التجاذبات والانشقاقات داخل الأحزاب المتنافسة، ما جعل الأمر يبدو مثل لعبة الكراسي الموسيقية.
يسعى الحزب الديمقراطي الكردستاني، بقيادة بارزاني، إلى الحفاظ على هيمنته على المشهد السياسي في الإقليم، ليس فقط داخليا، فعلى الرغم من إبرامه لاتفاقه التاريخي مع غريمه الاتحاد الوطني عام 2007 بتقسيم المناصب، ليكون منصب رئيس الإقليم من نصيبه، ومنصب رئيس الجمهورية من نصيب الاتحاد، إلا أنه عاد لترشيح منافس قوي على المنصب الأخير، ما أحدث صدمة في صفوف الطالبانيين، واعتبروه انقلابا سياسيا على الاتفاق بينهما.
جغرافيا، لم تعد حدود الإقليم كما كانت عليه في السنوات الماضية، فبعد الإجراءات التي فرضتها الحكومة الاتحادية في بغداد عقب إجراء الإقليم للاستفتاء على الاستقلال عن العراق في إيلول/سبتمبر 2017، خسر الإقليم أهم مناطق ثروته، وموارده، وأصبح يقتصر فقط على المحافظات الثلاث: أربيل، ودهوك، والسليمانية، ولن تجرى انتخابات برلمان الإقليم في مناطق أخرى مثل كركوك، وسنجار، نظرا لسيطرة القوات الاتحادية عليها.
وبحسب قانون الانتخابات في الإقليم، يعتبر الإقليم بالكامل دائرة واحدة، حيث يصوّت الناخب في أي من المحافظات الثلاث للمرشح الذي يريده، سواء كان في أربيل، أو دهوك، أو السليمانية.
وفي الانتخابات السابقة للبرلمان، فرض الحزب الديمقراطي الذي تأسس في سبعينيات القرن الماضي، سيطرته على غالبية مقاعد البرلمان، حيث يحتفظ بأصوات الناخبين في أربيل، مركز الإقليم الحيوي والاقتصادي حاليا، وكذلك في دهوك، بينما كانت تتواصل معركة حامية الوطيس في السليمانية، الواقعة على حدود إيران، بين الغريمين: التغيير، والاتحاد الوطني.
في عام 2009 انشقت قيادات من الاتحاد الوطني الكردستاني على رأسهم نائب الأمين العام للحزب نيشروان مصطفى، ليشكل "كوران" أو حركة التغيير، التي ضخت دماءً جديدة لبرلمان الإقليم، وفازت آنذاك بـ25 مقعدا، ما اعتبر تغييرا حقيقيا، وفي الانتخابات التالية التي جرت أواخر عام 2013 فازت حركة التغيير بـ24 مقعدا، وهو ما جعلها تقود أصوات معارضة فعلية أمام الحزبين التاريخيين: الديمقراطي، والاتحاد الوطني.
مثّلت نتائج حركة التغيير صدمة كبيرة في صفوف الاتحاد الوطني، الذي خسر أكثر من نصف مقاعده في برلمان الإقليم المنتهية ولايته لصالح "كوران"، حيث حصل على 18 مقعدا فقط.
ويرى مراقبون أن النتائج المبهرة التي حققتها حركة التغيير كانت بفضل وجود مؤسسها نيشروان مصطفى، في ظل تراجع الاتحاد بعد مرض مؤسسه جلال طالباني، والاثنان الآن متوفيان، بالإضافة إلى عوامل اقتصادية واجتماعية أخرى، قد تؤدي إلى تراجع كبير في صفوف "كوران" لصالح الاتحاد الوطني.
وأجريت، الجمعة، عملية الاقتراع الخاص بالقوات الأمنية والبشمركة في المحافظات الثلاث، وأظهرت النتائج الأولية تقدم الحزب الديمقراطي، ثم الاتحاد الوطني الكردستاني، ثم حركة التغيير بفارق كبير.
وأعلن المتحدث باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء في الإقليم شيروان زرار في مؤتمر صحفي، الجمعة، أن نسبة المشاركة في الاقتراع الخاص بلغت نحو 91.69 بالمائة، حيث أدلى 156 ألفا و114 أمني وعسكري بأصواتهم، من اصل 170 ألف ناخب.
ومن المقرر أن تفتح مراكز الاقتراع أبوابها، في الثامنة من صباح اليوم، على أن تستمر عمليات التصويت حتى السادسة مساء.