تشعر وأنت بداخل البيت التراثي، بالعودة لسنوات في أعماق التاريخ، ويكبر معك هذا الشعور كلما انتقلت من غرفة إلى أخرى داخل البيت لتطوف برأسك عشرات القصص وتظهر صور في مخيلتك، لترصد فارقا زمنيا كبيرا بين الحياة اليومية في الحاضر والحياة منذ عشرات العقود.
يقول حاتم سويلم، مشرف القرية التراثية بسلطنة عمان لـ"سبوتنيك": "التراث العماني يتكون من عدة بيئات منها الحضرية والبدوية والريفية والبيئة البحرية، وكل بيئة تختلف عن الأخرى في عاداتها وتقاليدها وحتى في الزي، الذي يرتديه أهلها.
البيت التراثي
أما عيسى أكزون، مشرف البيت التراثي العماني فيقول لـ"سبوتنيك": "البيت التراثي يحوي الكثير من الكنوز، التي تحكي كل قطعة تاريخا معينا ما بين الجلديات والأخشاب والزينات، التي لا يقل عمرها عن 250 عاما، بعضها مصنوع من جريد النخل والأخشاب وجلود الأبقار".
وفي غرفة أخرى من غرف البيت التراثي شاهدنا مجموعة من الملابس، التي قالوا لنا إن بعضها يعود لعصر مملكة "سبأ" في عصور ما قبل الميلاد نظرا لقرب المسافات بين السلطنة ومناطق الحضارة اليمنية القديمة، وتتميز تلك الملابس بالذيل، الذي كانت تتميز به أزياء الملكات في ذلك الحين.
وخلال جولتنا في البيت التراثي من غرفة إلى أخرى دخلنا إلى غرفة الأخشاب، التي تعبر كل قطعة منها عن حقبة زمنية مختلفة سواء من حيث الشكل أو نوع الخشب وطرق الفتح والغلق، حيث أشارت أم وليد، إحدى المشرفات على الخشبيات، إلى تجويف خشبي به عود من الخشب قالت إنه "المنحز" وهو مصنوع من جذع شجرة النارجيل"جوز الهند" وهي شجرة شديدة الصلابة ليتم طحن الحبوب به وهو من أهم الأدوات التي كان يستخدمها القدماء في حياتهم.
وفي ركن آخر من البيت، كانت هناك غرفة بها مجموعة من الأدوات البدائية القديمة، التي تمثل عقود زمنية مختلفة، حيث لفت انتباهنا قطعتين من الحجر تحتهما مجموعة من أعواد الخشب تعلوهما "حلة" قديمة فسألنا السيدة الجالسة في تلك الغرفة "أم جمال" عنها فقالت إنها "التراكيب".
والتراكيب هي الموقد، الذي يتم الطهي عليه بعد إشعال الخشب وهو يختلف عن "الكانون" وهو تراث قديم تطور بعدها لـ"وابور الجاز" بعد ظهور البترول، وكان المطبخ القديم هو لكل الأسرة في البيت القديم، وترى فيه أشياء أخرى مثل الميزان ذو الكفتين.
وفي زاوية أخرى تجلس أم معت، في غرفة قديمة تعبر عن الأثاث القديم لغرفة الزواج حيث القطع العتيقة المتوارثة مثل الصندوق الخشبي ذو القفل، الذي يمثل "خزانة للثياب والأشياء المهمة، من أجل المحافظة عليها من الضياع والتلف.
والصندوق الخشبي هو قطعة أساسية لا يمكن أن يكتمل الزفاف بدونها، وفي الركن الآخر تجد السرير ذو الأعمدة والناموسية المكونة من مجموعة من الأقمشة ذات الألوان المثيرة، التي تلفت الانتباه، لم ينسى صانع السرير الطفل القادم فقام بإلحاق سرير صغير معلق أسفل سرير العرس لوضع المولود به وليكون قريبا من والديه.
تقرير أحمد عبد الوهاب
