بيروت — سبوتنيك. وأقر مجلس النواب اللبناني، في جلسته التشريعية مساء أمس، قانون المفقودين والمخفيين قسرا، وذلك بعد التصويت عليه بندا بندا.
وتنص المادة الثانية من القانون على "حق المعرفة" الذي يعطي "لأفراد الأسر والمقربين الحق في معرفة مصير أفرادها وذويها المفقودين أو المخفيين قسرا وأمكنة وجودهم أو مكان احتجازهم أو اختطافهم، وفي معرفة مكان وجود الرفاة واستلامها"، على أن يشمل هذا الحق أيضا "تحديد مواقع أماكن الدفن وجمع الرفاة ونبشها وإجراء الكشف عليها والتعرف إلى هوياتها".
وتنص المادة الثالثة من القانون على "حق الاطلاع"، الذي يعطي لأفراد الأسر، وفي حال غيابهم للمقربين، الحق في الاطلاع على المعلومات المتصلة بتقفي أثر المفقودين والمخفيين قسرا، والتحقيقات غير الخاضعة للسرية قانونا، والتي من شأنها تحديد مصيرهم".
ويفرض القانون على السلطات اللبنانية المختصة أن "تضمن حقوق أفراد عائلات المفقودين أو المخفيين قسريا دون تمييز، في ما إذا كان الشخص المخفي عسكريا أم مدنيا، ودون الأخذ في الاعتبار اللون أم الجنس أم اللغة أم الدين أم المعتقد السياسي أم الأصل القومي أم الاجتماعي أم الانتماء إلى أقلية أم المرتبة الاجتماعية أم المادية أم العمر أم الإعاقة الجسدية أم العقلية أم أي وضع تمييزي آخر".
ويعطي القانون الحق للمفقودين والمخفيين قسرا وأفراد أسرهم الحق بالتعويضات المعنوية والماضية المناسبة التي يفترض أن تحدد بمرسوم صادر عن مجلس الوزراء.
كما يفرض القانون، في مادته السادسة، على كل من يمتلك معلومات متصلة بتقفي الآثار، بما في ذلك الأشخاص والهيئات والمؤسسات والسلطات والإدارات، الإدلاء بها عند الاستماع إليه من قبل الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسريا أو اللجنة الخاصة بنبش أماكن الدفن.
ويحدد الباب الثالث من القانون آلية إنشاء الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسريا، ومهماتها، وشروط الأهلية للعضوية فيها، وقواعد عملها وإخلاقياتها، فضلا عن تمويلها ومخصصات أعضائها.
وتشير المادة التاسعة من القانون إلى أن "الهيئة الوطنية"هي"هيئة مستقلة" و" تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي"، على أن تضم في عضويتها قضاة، وخبراء في القانون الدولي، وأساتذة جامعات متخصصين في حقوق الإنسان والحريات العامة، وطبيب شرعي، وناشطين في حقوق الإنسان، وناشطين في الجمعيات الممثلة لذوي المفقودين والمخفيين قسرا.
والملفت في القانون ما ورد في المادتين 37 و38، حيث تنص الأولى على أن "كل من أقدم بصفته محرّضا أو فاعلا أو شريكا أو متدخلا في جرم الاختفاء القسري، يعاقب بالأشغال الشاقة من خمس إلى خمسة عشرة سنة، وبالغرامة من خمسة عشر مليون ليرة لبنانية (10 آلاف دولار)، حتى 20 مليون ليرة لبنانية)، فيما تعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبالغرامة من مليون حتى عشرة ملايين ليرة لبنانية كل من يمنع النفاذ إلى المعلومات لفراد من أفراد الأسر أو الهيئة الوطنية، وكل من من يتسبب من دون أي مبرر بعرقلة إتاحة المعلومات، وكل من يعطي عن قصد معلومات خاطئة تؤدي إلى تضليل عملية تقفي اثر المفقودين والمختفين قسريا، وكل من يعرّض أي شخص للمسؤولية الجزائية أو للتهديد أو لأي شكل من أشكال الترهيب لمجرد أنه يسأل عن مصير مفقود أو مخفي قسرا أو مكان تواجده.
ويفرض القانون أيضا عقوبات متشددة في حال تبيّن أن الفاعل كان عالما أن الشخص المفقود أو المخفي قسرا لا يزال على قيد الحياة، وكل من يعبث بمكان الدفن أو نبسه بقصد تبديد الأدلة، وكل من يعرقل عمل الجهات المعنية بتقفي آذار المفقودين في أداء مهتمها.
ويأتي إقرار القانون بعد سنوات طويلة من التحركات المطلبية لذوي المفقودين والمختفين قسريا ومنظمات المجتمع المدني التي رفعت قضيتهم.
ويعود تاريخ الإخفاء القسريّ إلى بدايات الحرب اللبنانية (1975-1990)، والجهات المتهمة بالإخفاء على امتداد 15 سنة هي كافة الأطراف المشاركة بالأعمال العسكرية خلال الحرب اللبنانية، ومعظمها بات جزءا من النظام السياسي في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية.
ويعود النضال من أجل معرفة مصير المخفيين قسرا في لبنان إلى العام 1982، وقد شاركت فيه مجموعة من المنظمات المحلية، أبرزها "لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان"، و"لجنة دعم المعتقلين والمنفيين اللبنانيين — سوليد"، وحملة "لنعمل من أجل المفقودين"، "المركز اللبناني لحقوق الإنسان" وسواها من المنظمات المحلية والدولية.
واستنادا إلى سجلات الشرطة اللبنانية الصادرة في العام 1991، فإنّ الرقم الرسمي للمخفيين قسرا في لبنان هو 17 ألف شخص، ولكنه رقم لم يخضع للتدقيق الكافي.