وجاءت هذه المداخلة التي أجراها الإعلامي المصري، عمرو الليثي، مع شادية، في أعقاب اندلاع ثورة 25 يناير/كانون الثاني عام 2011، معبرة عن حال أم مصرية مكلومة، تشعر بأنه من الممكن أن يحدث تناحر بين مواطنين مصريين، لكن لم تكن شادية تخشى إلا على حياة المصريين من صراعهم مع بعضهم البعض في هذه اللحظات.
وكشف عمرو الليثي في بيان له، متذكرا كواليس "مداخلة شادية الأخيرة"، أنه في يوم حدوث موقعة الجمل في ميدان التحرير، ذهب إلى استديو قناة "دريم"، وفي ذلك اليوم كانت أغلب البرامج التلفزيونية لا تعمل عدا برنامجه "واحد من الناس"، الذي كان يعمل من الساعة الثامنة مساءا وحتى الثالثة صباحا كل يوم، ففكر وقتها أن يكلم شادية، فتحدثت مع صديقه نقيب الممثلين المصريين الفنان أشرف زكي، وطلب منه أن يستأذنها كى يتصل بها.
ويقول عمرو الليثي: "اتصلت بشادية قبل الهواء وردت علي بصوتها العذب الجميل: "مساء الخير يا مدام شادية.. مساء الخير، قلت لها: أنا عمرو الليثي.. قالت لي: أهلا، إزيك يا ابني، قلت لها: إزاي حضرتك يا أمي، أخبار حضرتك إيه.. وقالت لي: الحمد لله".
وقالت لي: "بس أنا والله متضايقة جدا يا ابني من اللي بيحصل، والله وحزينة، معقولة اللي بيحصل ده، معقولة إن ده يحصل فى مصر، إن المصري يقتل أخوه أو يضرب أخوه، أنا حزينة جدا. قلت لها يا أمي إن صوتك دلوقتي هايكون مهم جدا إنه يطلع للنور ويطلع للناس، أنا عارف إنك إنتي معتكفة بقالك أكتر من 20 عاما، ورافضة إنك تطلعي في أي وسيلة إعلامية، لكن أنا بشوف النهارده إن دورك الوطني أهم بكتير جدا، وإن رسالتك اللي هاتبعتيها للناس ممكن تضمّد جراح ويلتف حولها المصريون.
وتابع: "الحقيقة مخدتش وقت — كما أتذكر — وأنا في هذه المكالمة إلا ولوجدتها ترد علي، وتقول لي ببساطة: "عمرو كلمني يا ابني أنا هاطلع معاك على الهوا"، وكانت مؤثرة جدا جدا بالنسبة لي في هذه اللحظة، أن توافق هذه الفنانة الإنسانة المصرية الأصيلة المحتجبة والمبتعدة عن الأضواء، أن تظهر للإعلام مرة أخرى في لحظات صعبة من تاريخ الوطن، كان ذلك يدل على نبلها ووطنيتها، وما هي إلا لحظات وكنت على الهواء مباشرة، قبلها بقليل طلبت من مخرج البرنامج وقلت له: من فضلك هذا التليفون تليفون أرضي، اتصل به، ولما يرد عليك المجيب، قول إن إحنا مع عمرو الليثي، وعاوزين نكلم مدام شادية، وأول ما تكون مدام شادية على التليفون دخلهالي على الهوا.. فلقيت المخرج هز رأسه متعجبا: شادية، فرديت عليه: أيوة.. قال لي: ووافقت".
ويكمل الليثي في بيانه: "بعد لحظات قليلة جدا وجدت المخرج يخبرني من خلال سماعة "إير بيس" أن مدام شادية معانا يا عمرو.. وكنت متفق معاه قبلها على أنه إذا جاءت شادية فأرجو إنك قبل ما تدخلها على الهوا نذيع لها أغنية "يا حبيبتي يا مصر"، وفعلا بدأت الحلقة وأول ما بدأت رحبت بضيفي وقلت له: من فضلك خلينا يا دكتور مصطفى نستمع إلى هذه الأغنية، أظنها بتعبر عن كل المصريين، وفعلا أذيعت أغنية "يا حبيبتي يا مصر" وانتهت الأغنية، وقبل ما أستكمل حواري مع الدكتور مصطفى الفقي، قلت لهم هذا الصوت العذب الجميل الذي استمعنا إليه، هو صوت العظيمة شادية التى أحبت مصر فأحبتها مصر".
واختتم عمرو الليثي بيانه بقوله:"رحم الله شادية وأسكنها فسيح جناته".
وتوفيت شادية في الـ 28 من نوفمبر/تشرين الثاني عام 2017 عن عمر 86 عاما، بعد صراع مع المرض.