ولكن تبين لاحقا أنه من خلال تفردها باتخاذ القرارات الحاسمة عمدت على تدمير مناطق عديدة وعلى رأسها منطقة الشرق الأوسط.
هناك، على الأقل، ثلاثة أسباب يمكن أن تؤدي إلى صدام عسكري بين روسيا والولايات المتحدة.
الخطر الأول: يرتبط بتحول الحرب الباردة إلى ساخنة من خلال التهديدات السيبرانية، واعتبار أي هجوم سيبراني لأحد الطرفين بداية لهجوم واسع النطاق.
الخطر الثاني : بسباق التسلح غير المنضبط، الناجم عن انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى.
الخطر الثالث: فيمكن أن يرتبط ارتباطاً مباشراً بسوريا أو أوكرانيا. فهنا وهناك يمكن أن تصبح تلك المناطق الساخنة ساحة عمليات واحدة، تستخدم لتصفية الحسابات من خلال الإبقاء على الإرهابيين في سوريا ودعمهم بشتى الوسائل ومن خلال تحويل منطقة البحر الأسود إلى بؤرة توتر إذا استمرت الولايات المتحدة في دعم الاستفزازات التي تمارسها القيادة في أوكرانيا.
فعلى سبيل المثال تلعب واشنطن في سوريا دوراً أمريكياً هداماً من خلال دعم انفصال الأكراد في هذا البلد، وخلق حدود محمية بالسلاح بحكم الأمر الواقع. ويواصل "العم سام" العمل على تمديد وجوده العسكري في سوريا إلى أجل غير مسمى، وأهم هذه السيناريوهات المألوفة التي يتبعها هي تدريب قوات محلية على مكافحة الإرهاب والتهديدات الأخرى.
تقوم واشنطن من خلال مؤسستها العسكرية بتدريب وتأهيل 35-40 ألف مقاتل محلي في سوريا، وبحسب البنتاغون فقد تحقق من هذا المشروع حوالي 20 % وبالتالي فإن جهاز الاستخبارات العسكرية الأمريكية يحاول بشتى الوسائل الانتقال من الحالة النظرية الافتراضية التي تتحدث عنها المواد والخرائط التشغيلية لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية بشأن كردستان سوري نظير للعراقي، لتحقيقه وتجسيده على أرض الواقع. والهدف بطبيعة الحال البقاء مدى الحياة في تلك المنطقة.
الحاوية واليد الميتة كابوس روسي "للعم سام"
الخبراء العسكريون يتحدثون عن إمكانية أجهزة الرادار الجديدة الروسية، خاصة بعد أن تم وضع منظومة "كونتينير" في موردوفيا موضع الجاهزية القتالية، والحديث يدور حول تزويد الجيش برادارات جديدة قادرة على رصد 5000 هدف ومتابعتها في آن واحد.
تحسين نظام التحذير من الهجوم الصاروخي يعتبر أحد الاتجاهات الاستراتيجية للمجمع الصناعي العسكري الروسي. وبالتالي فإن محطة الرادار كونتينر، التي تولت مهمة قتالية تجريبية في موردوفيا، هي إحدى المنظومات المهمة والواعدة، في هذا السياق.
طريقة عمل نظام التحذير لدى الجيش الأمريكي تعتمد على نشر صواريخ اعتراضية في الأراضي الأمريكية، بالإضافة إلى أن نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي، الذي يتألف من رادار للإنذار المبكر ومنظومة إدارة العمليات القتالية "إيجيس"، المتمركز في أقرب مكان ممكن على حدود أخطر عدو محتمل بالنسبة له.
بالمقابل، فإن عدم قدرة روسيا على وضع منظوماتها أبعد غربا وشمالا من حدودها، أجبرت الخبراء العسكريين الروس على تطوير نوع جديد من أجهزة الرادار، حيث تم إضافة منظومة كونتينر الرادارية الفريدة إلى وحدة الهندسة الراديوية المنفصلة 590 من أجل الكشف عن الأهداف الجوية ما وراء الأفق. وهذه المنظومة تسمح بالسيطرة على جزء كبير من آسيا وأوروبا، بما في ذلك أجواء فرنسا وإيطاليا، وكذلك مياه البحر الأسود.
إدخال رادار ما وراء الأفق في الخدمة الفعلية، يعني أن القوات الجوية الفضائية باتت قادرة على مراقبة أي أجسام يحتمل أن تكون خطرة في الجو والفضاء. ويمكن لمنظومة كونتينر أن تتباهى ليس فقط بنطاق تتبع الأجسام الجوية، إنما وعدد الأهداف المتعقبة — فمن المعروف أن أجهزة الرادار الجديدة هذه يمكن أن تتابع أكثر من خمسة آلاف هدف جوي فضائي متحرك في آن واحد.
القيادة العسكرية الروسية قدمت تقديرات متواضعة، فبحسب رئيس الأركان السابق لقوات الصواريخ الاستراتيجية، الجنرال فيكتور إسين:" فإن منظومة بيريمتر، لن تطلق، عند الحاجة، سوى عدد محدود من الصواريخ، بسبب تعرض الصواريخ للهجوم الكبير الأول".
وهذا يعني أنه في حال نشر الصواريخ الأمريكية البالستية متوسطة المدى في أوروبا، وهذا بحد عينه انتهاك لمعاهدة الحد من الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى المعتمدة، يصبح لدى الأمريكيين إمكانية توجيه ضربة للكتلة الأساسية من الصواريخ الروسية المنشورة في الجزء الأوروبي من البلاد، واصطياد البقية بوسائط الدفاع الصاروخية.
روسيا قادرة على استئناف إطلاق صواريخ متوسطة المدى في وقت قصير، لكن الرد الناجح والأكثر فعالية على نشر الولايات المتحدة لمنظوماتها الصاروخية بالقرب من الحدود الروسية واحتمال انسحابها من معاهدة الصواريخ، يمكن أن يكون من خلال بناء أسلحة فرط صوتية، وهذا ما تقوم به موسكو على نطاق واسع.
تحديث الجيش الروسي مستمر
تسلّم الجيش أنواعا من الأسلحة المطورة مكنه من أداء مهمات تتعلق بتشكيل وإعادة تشكيل مجموعات من الوحدات العسكرية، كما ساهم ذلك في إنشاء البنية التحتية لتأمين نشاطات العسكريين الروس العاملين في سوريا وعلى وجه التحديد في ميناء طرطوس البحري وقاعدة حميميم الجوية.
المؤسسة العسكرية الروسية تلقت مؤخراً تقارير عن إتمام اختبار 21 نوعاً جديداً من الأسلحة، وهذه الاختبارات لا تزال جارية لـ290 نوعاً من الأسلحة والمعدات العسكرية.
فيما يتعلق بالأسلحة والمعدات التابعة للقوات البرية فقد أعلنت الشركة الصناعية الحربية الروسية المختصة أن أول نموذج تجريبي من عربة "تيغر-2" من الجيل الجديد، سيكون جاهزاً في نيسان/أبريل العام المقبل، بعد إجراء التعديلات اللازمة بطلب من وزارة الدفاع الروسية.
والحديث يدور عن دعم تحصين العربة أمام الألغام، حيث يمكن أن تتحمل انفجار لغم بوزن كيلوغراميْن من مادة التروتيل. كما زادت من حمولة المركبة حتى اثنين طن.
أما عربة "تيغر-إم" التي تزودت بها وحدات القوات البرية الروسية، فتتحمل انفجار 600 غرام من المتفجرات، وحمولتها 1.2 طن. وهذه العربة استخدمت في ظروف القتال بما في ذلك في سوريا وتعتبر أساساً للعربة المطورة.
أما عن الأسلحة الجوية الفضائية فقد سلّمت شركة "سوخوي" القوات الجوية والفضائية الروسية 100 مقاتلة متعددة المهام، من طراز "سو-35 أس". الذي يعتبر نموذجاً مطوّراً ومحدّثاً متعدد المهام لجيل "4 ++" من مقاتلة "سو-27"، سوفيتية الصنع، للجيل الرابع، وتعتبر حلقة انتقالية بين "سو- 27"، و"سو-57" للجيل الخامس.
ومن مميزات هذا الجيل، القدرة الفائقة على المناورة، ووجود مجموعة حديثة من أجهزة القيادة الرقمية، ورادار حديث، ومحركات حديثة فائقة القوة، تقوم على نظام الإشعال بالبلازما، وتسمح ببلوغ السرعة فوق الصوتية، دون تشغيل نظام الاستهلاك الزائد للوقود أو ما يعرف بالفورساج.
فيما يخص القوات البحرية يقوم أسطول المحيط الهادئ الروسي بتشكيل لواء من غواصات الديزل الكهربائية "لادا" من مشروع 677، والحديث يدور عن إطلاق دفعة جديدة تتكون من 12 غواصة. وسيقوم جزء منها بأداء المهام في الأسطول الشمالي الروسي. أما بقية الغواصات فسترسل إلى شاطئ شبه جزيرة كامتشاتكا، حيث ستنفذ مهمة حماية الغواصات النووية الاستراتيجية.
غواصة "لادا" قادرة على البقاء تحت الماء لمدة أسابيع بفضل تزويدها بأجهزة مستقلة لانتاج الأوكسيجين. وتتصف تلك الغواصة بالقدرة على التخفي عن أجهزة الرادار المعادية. مع ذلك فإنها قادرة على اكتشاف غواصات العدو على مسافة بعيدة بفضل تزويدها برادار "ليرا" الصوتي فائق الحساسية، وهذا يمكّنها من تدمير عدد كبير من غواصات العدو.
كما تسلمت البحرية الروسية سفينة صواريخ حديثة من طراز "كاراكوت"، التي ستحل مكان سفن الصواريخ القديمة من طراز "بويان"، المخصصة للإبحار في الأنهار والمناطق البحرية التي تتميز بعمق صغير.
وتم تزويد السفينة بمحركات ديزل روسية الصنع، تضمن لها سرعة 30 عقدة بحرية. ويبلغ طولها 67 مترا وإزاحتها 800 طن. بالاضافة إلى ذلك تتمتع السفينة بمنصة يمكن أن تنطلق منها ثمانية صواريخ "كاليبر" أو "أونيكس"، بمقدورها تدمير طراد معاد، أو إلحاق أضرار جسيمة بحاملة طائرات معادية.
حلف شمال الأطلسي يعتبر أنه لا بد من اجتناب الوقوع في مناوشات مسلحة مع أربعة أنواع من الأسلحة الروسية الفتاكة. والحديث يدور عن دبابات تي-72 "بي-3" وتي-90، وكذلك راجمات الصواريخ سميرتش، ومنظومات إسكندر الصاروخية، ومنظومات الدفاع الجوي إس-400 التي تعكس القدرات القتالية للجيش الروسي.
البنتاغون وفي تقرير نشره مؤخراً أكد بأن الدبابات والمدرعات الرئيسية في الجيش الروسي تتمتع بحماية كبيرة ضد الأسلحة الحديثة المضادة للدبابات، والمدافع المضادة للدبابات المطورة، والذخيرة المزودة بالكاميرات الحرارية، وهو ما يعطيها القدرة على مواجهة وتدمير الدبابات الرئيسية في الدول الغربية في المسافات القتالية الأقصر، رغم تفوق الدبابات الغربية بأجهزة الكشف وتوجيه النيران.
وأضافت أن راجمات الصواريخ "سميرتش" من عيار 300 مم، تعتبر دليلا ساطعا على قدرة المدفعية الروسية وقوتها الفتاكة. أما منظومات إسكندر الصاروخية، فهي تتفوق بدرجة كبيرة على المنظومات الصاروخية الروسية السابقة من نوعها، في الدقة وسرعة القذيفة والقدرة على التهرب من الدفاع المضاد للصواريخ، وهي تحمل رأسا حربيا بقدرات كبيرة يبلغ وزنه 680 كيلوغراما.
إعداد وتقديم نوفل كلثوم