رقصت راما حامد، وهي في الخامسة عشر من عمرها، الكيبوب، مع بائع "شعر البنات" أو غزل البنات، ويدعى عمرو محمد، الذي بدأ التمايل بحركات هيب هوب متقنة أذهلت المارة من زوار منتزه الزوراء، في جانب الكرخ من بغداد، في عمل فني هادف.
وقبل الثنائي الراقص، سبقهم عامل نظافة يدعى أبو الحسن علي، وقد بدا كأنه مايكل جاكسون ملك البوب الأمريكي، بقبعة تحجب عينيه، وسترة خضراء لامعة أو كما يطلق على لونها العراقيون "فسفورية"، متمايلا مع مكنسته برقص جذب انتباه المارين في شارع الرشيد أحد أقدم شوارع العراق وأشهرها، في الطريق المؤدي، إلى شارع المتنبي، حيث بدت ملامح المكتبات وبسطات بيع الكتب في التسجيل المصور.
لم يكف العراق بإبراز راقصيه الخفيين الذين لم يتح للكثير معرفتهم أو حفظ أسمائهم وشهرتهم وحتى أعمالهم، بسبب مامر بالبلاد من ويلات قبل سنوات، ليبرز عازفيه، وهذه المرة بزي رجل شرطة.
نفذ الشرطي العازف حسين السلطاني، هدفا ساميا، في عملية تفتيش روتينية، في وسط مدينة الحلة، مركز محافظة بابل، وسط العراق، مطبقا شعارا خاصة به: أمنحك الأمان والجمال، والطرب..حالما صادف شاب يحمل حقيبة يغفو بأحشائها كمان بلون خشبي، ليستعيره منه من أجل عزف أخاذ لفت إليه الناس من كل مدن العراق.
راما وزملائها في الرقص، والشرطي الذي عزف لحن أغنية "عشك أخضر" عشق أخضر، للفنان الكبير الراحل "سعدي الحلي"، هم ممثلون في أعمال ورائها أهداف كبيرة يسعى مسرحي شاب.
وألقت مراسلة "سبوتنيك" في العراق، المختص في المسرح الصامت وفنون الشوارع، حسين الدرويش، اليوم الإثنين، 28 كانون الثاني/يناير، للحديث عن أعماله في الرقص الكاسر للنمطية، والموسيقى النابضة فرحا وأمنا.
ويقول الدرويش، وهو من مواليد محافظة بابل، سنة 1990:
"إن أعمالنا تهدف إلى تحسين صورة البلد خارجيا وأيضا إلى نشر ثقافة فنون الشارع داخل المجتمع العراقي، باعتبار أن تطور البلدان تقاس من مدى تطور فنونها، لما للفن من تأثير على حياة الإنسان وأيضا يعطيه دافع للإبداع".
ويضيف الدرويش، وهو حاصل على شهادة البكالوريوس من كلية الفنون الجميلة، قسم المسرح، أن الانعكاس السلوكي الذي يخلقه الفن عند الإنسان هو ما يدفعنا لاستخدام فنون الشارع وسيلة للتغيير، كونها أكثر تأثير وقرب إلى الإنسان لأنها تحاكي يومياته.
وعن الأدوار التي أجادها أبطال الأعمال المذكورة، أكد الدرويش، أنهم ممثلون وراقصون، من الفتاة راما، وعامل النظافة، وبائع "شعر البنات، والشرطي عازف حقيقي.
وفي الختام، أكد المسرحي من بابل العريقة، المختص في المسرح الصامت، وفنون الشوارع، أنه وكوادره التمثيلية الراقصة والعازفة، أية مشاكل، أثناء التنفيذ، لم يواجهوا أية مشاكل أثناء عملهم إطلاقا، منوها إلى أن الكل متعاون من أحزاب وحكومة، وجمهور.
وتفاعل العراقيون من مختلف أنحاء البلاد، مع أعمال الدرويش، وأبطاله، بفرح وأمل يكشف للعالم قدرات العراق، وطموحه وماله من شجاعة في تغلبه على الظروف التي كانت قبل نحو سنوات صعبة إثر الإرهاب الذي تقهقر وانحدر على يد القوات العراقية ببطولات لازالت مستمرة إلى يومنا هذا.