طرحت الولايات المتحدة وتركيا في بداية هذا العام فكرة "المنطقة الآمنة" في الشمال السوري، وأعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان في 15 يناير/ كانون الثاني، أنه سيتم تشكيل "منطقة آمنة" في سوريا، من قبل بلاده، لافتا إلى أنه تحدث مع الرئيس الأمريكي حول هذا الأمر.
بعد ذلك التقى أردوغان بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي بتاريخ 23 يناير/ كانون الثاني، حيث لفت الرئيس الروسي إلى أن جوهر اتفاقية أضنة بين سوريا وتركيا حول مكافحة الإرهاب يتمثل بالقضاء على مخاوف أنقرة على أمن حدودها الجنوبية.
وأكدت الحكومة السورية في وقت سابق (26 يناير/ كانون الثاني) عن طريق وزارة الخارجية أنها ما تزال ملتزمة باتفاقية أضنة وقالت إنها "ما زالت ملتزمة بهذا الاتفاق والاتفاقيات المتعلقة بمكافحة الإرهاب بأشكاله كافة من قبل الدولتين، لكن "النظام التركي"، ومنذ عام 2011، كان ولا يزال يخرق هذا الاتفاق".
وأضافت الخارجية السورية "وبالتالي فإن الجمهورية العربية السورية تؤكد أن أي تفعيل لهذا الاتفاق يتم عبر إعادة الأمور على الحدود بين البلدين كما كانت، وأن يلتزم النظام التركي بالاتفاق ويتوقف عن دعمه وتمويله وتسليحه وتدريبه للإرهابيين، وأن يسحب قواته العسكرية من المناطق السورية التي يحتلها، وذلك حتى يتمكن البلدان من تفعيل هذا الاتفاق الذي يضمن أمن وسلامة الحدود لكليهما".
وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في 28 يناير/ كانون الثاني أن بلاده تعتبر أنه من الممكن أن تستخدم تركيا وسوريا اتفاقية أضنة لتوفير الأمن على الحدود السورية التركية.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد اعتبر في تصريحات سابقة له، أن أحكام اتفاق أضنة "لا تزال سارية المفعول".
من جهة ثانية، كانت أنقرة أيدت فكرة "منطقة آمنة" في الشمال السوري، حيث أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 28 يناير/ كانون الثاني أنهم يهدفون لتأسيس منطقة آمنة من أجل عودة 4 ملايين سوري في تركيا إلى بلادهم.
وقال أردوغان في الاجتماع التأسيسي لشبكة تعاون جمعيات الهلال والصليب الأحمر في دول منظمة التعاون الإسلامي في مدينة إسطنبول:" إلى الآن عاد نحو 300 ألف سوري إلى أراضيهم التي تم تطهيرها من الإرهابيين، مثل أعزاز وجرابلس والباب وعفرين، مبينا أن إقامة منطقة آمنة في الأراضي السورية المقابلة للحدود الجنوبية لتركيا سيكون كفيلا بارتفاع عدد العائدين إلى الملايين"، وفقا لوكالة "الاناضول".
وقال أردوغان "سنحقق السلام والاستقرار والأمن في منطقة شرق نهر الفرات قريبا، تماما كما حققناه في مناطق أخرى".
ولفت لوجود تنسيق مع الدول التي لها قوة عسكرية على الأرض، وعلى رأسها روسيا وأمريكا، مؤكدا وجود مؤشرات إيجابية من الدولتين.
وشدد على أن هدف تركيا هو ضمان أمنها القومي وتعزيزه إلى جانب ضمان وحدة الأراضي السورية.
وفي العاشر من الشهر الماضي، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن العملية العسكرية ضد وحدات حماية الشعب الكردية، التي تعهدت أنقرة بتنفيذها في شمال سوريا، غير مرتبطة بالانسحاب الأمريكي من المنطقة.
وقال جاويش أوغلو، إن "تركيا أخبرت الولايات المتحدة أننا سنوفر كافة أشكال الدعم اللوجيستي خلال عملية الانسحاب الأمريكي من سوريا"، وذلك وفقا لوكالة "الأناضول" التركية.
وفي تطور لافت، أكدت مصادر دبوماسية غربية منذ أيام أن واشنطن وأنقرة اتفقتا على عدد من المبادئ المعلقة بإقامة منطقة أمنية شمال شرقي سوريا بعد الانسحاب الأمريكي، منها سحب المعدات الثقيلة من قوات حماية الشعب الكردية، واستقدام قوات من البشمركة، مع تمسك واشنطن بقاعدة التنف للحد من نفوذ إيران، وفق لما نشرته جريدة الشرق الأوسط.
وقال الكاتب والمحلل السياسي التركي، فراس رضوان أوغلو، في حواره مع برنامج "بين السطور" المذاع عبر أثير"سبوتنيك" إن، تركيا ستنحاز إلى مصالحها، ففي حال وصلت إلى اتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية، بشأن إقامة منطقة آمنة في الشمال السوري، ستعمل في هذا الإطار، كحل أفضل من إعادة تفعيل اتفاق أضنة، خاصة أن أنقرة تعتبر هذا الاتفاق القديم مع سوريا خارج إطار المفاوضات بين روسيا وتركيا.
ورأى أوغلوا أن الوضع في شمال سوريا بيد واشنطن أكثر من روسيا وتركيا، لذلك فإن العلاقات التركية الممتازة مع الولايات المتحدة وروسيا، ستساعد الأولى في إيجاد صيغة محورية للحل السياسي في سوريا، بعد اتفاق مشترك بين القوتين العظمتين، وفق قوله.
وكان الكرملين، أكد عقد قمة بين قادة روسيا، وتركيا وإيران في سوتشي الروسية يوم 14 شباط/ فبراير، حيث يعقد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لقاء ثنائيا مع نظيرة التركي، رجب طيب أردوغان.