ركزت القمة الثلاثية التي عقدت أمس الخميس على الملف السوري وحل تعقيداته السياسية والميدانية، كما تطرق المجتمعون إلى ملفات أخرى ذات الأهمية بالنسبة للدول الثلاث.
وذكر البيان المشترك للقمة أن اللقاء المقبل في أستانا حول سوريا سيعقد في شهر نيسان/ أبريل المقبل.
وجاء في البيان المشترك في ختام القمة الثلاثية، أمس الخميس" رفض كل المحاولات لخلق واقع جديد "على الأرض" تحت ذريعة مكافحة الإرهاب وعبروا عن تصميمهم على مقاومة الخطط الانفصالية التي تهدف إلى تقويض سيادة سوريا وسلامة أراضيها، وكذلك الأمن القومي للدول المجاورة".
كما أشارت الأطراف في هذا الصدد إلى أنه إذا تم تنفيذ قرار القيادة الأمريكية بسحب قواتها من سوريا، فستسهم تلك الخطوة في تعزيز الاستقرار والأمن في البلاد.
وأشار البيان إلى أن الرؤساء "بحثوا الوضع في شمال شرق سوريا واتفقوا على تنسيق أعمالهم لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة، بما في ذلك من خلال اللجوء إلى الاتفاقات القائمة، مع احترام سيادة ووحدة أراضي البلاد".
كما أكدت الأطراف عزمهما على تسهيل إطلاق اللجنة الدستورية السورية في وقت مبكر، بما في ذلك تنسيق تشكيلها وتعريف التوصيات المتعلقة بالنظام الإجرائي. كما أشار قادة الدول الثلاث إلى أهمية استمرار التفاعل والتنسيق من قبل الأطراف السورية مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لسوريا، غير بيدرسن.
فيما وصف الرئيس الروسي المباحثات حول سوريا في القمة بأنها كانت بناءة ومفصلة للغاية، مؤكدا أن روسيا وإيران وتركيا تعمل على تعزيز التعاون في إطار عملية استانا.
حول الانسحاب الأمريكي من سوريا وملف شرق الفرات:
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن نية واشنطن الخروج من سوريا هي خطوة إيجابية، مشيرا إلى أنه يجب أن تستعيد دمشق السيطرة على هذه المنطقة من البلاد.
وأشار الرئيس الروسي في المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيريه التركي والإيراني، إلى أن موسكو تنطلق من أن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا سيحدث، والقرار الصائب الوحيد هو تسليم هذه الأراضي إلى القوات المسلحة السورية.
وقال بوتين عقب المباحثات الثلاثية: "خلال المحادثات تم كذلك مناقشة كيفية تأثير الخطط المعلنة للولايات المتحدة الأمريكية حول سحب القوات الأمريكية من المناطق الشمالية الشرقية من البلاد على تطور الوضع في سوريا، وبحسب رأينا فإن تنفيذ مثل هذه الخطوات ستكون خطوة إيجابية، وسيساعد ذلك على استقرار الوضع في هذه المنطقة من سوريا، إذ يجب إعادة سيطرة الحكومة الشرعية على هذه المناطق في نهاية المطاف".
ولفت بوتين إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعمل بشكل نشط لتنفيذ وعوده الانتخابية، موضحا أن هذا نادرا ما يحدث في الواقع في الولايات المتحدة.
وذكر الرئيس التركي أن أنقرة تعول على التنسيق مع روسيا وإيران في عملية سحب القوات الأمريكية من سوريا، مشيرا إلى ضرورة احترام وحدة الأراضي السورية من جانب، وضمان عدم سيطرة الإرهابيين على المناطق الآمنة الجديدة.
وشدد أردوغان، على ضرورة "تطهير منطقة منبج وشرق الفرات من العناصر الانفصالية وتسليم المناطق للسلطة الشرعية.
وتابع: "ندعم فكرة المنطقة الآمنة (في سوريا) بما يخدم إزالة مخاوفنا بشأن الأمن القومي، ونواصل المباحثات مع الولايات المتحدة بشأن التفاصيل".
وأشار إلى أنه "ينبغي ألا يفهم بأن المنطقة الآمنة التي ستتشكل ستكون مكانا لانتشار التنظيمات الإرهابية عقب الانسحاب".
وأضاف أردوغان: "ننتظر من شركائنا في مسار أستانة دعما للخطوات التي سنتخذها بخصوص إنشاء المنطقة الآمنة بشمال سوريا، وننظر إلى مستقبلنا في إطار اتفاقية أضنة".
من جهته أشار الرئيس الإيراني روحاني أن طهران قلقة من عدم وجود وضوح حتى الآن بشأن سحب القوات الأمريكية من شرق الفرات، و أبدى روحاني قلق طهران إزاء ما وصفه بـ "المؤامرة طويلة الأمد" الأمريكية ضد سوريا، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة لن تتوقف عن التدخل في شؤون سوريا.
وأشار روحاني إلى ضرورة تطهير شرق الفرات، مع ضرورة أن يكون لدى الأكراد دور في مستقبل سوريا.
وقال الرئيس الإيراني إن موقف الدول الثلاث والمجتمع الدولي بأكمله يقضي بضرورة استعادة الحكومة الشرعية السيطرة على كامل أراضي سوريا.
ماذا عن إدلب
قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمس الخميس، خلال القمة الثلاثية، إنه لا يمكن السكوت عن تواجد الإرهابيين في إدلب السورية، ومن الضروري النظر في خطوات للقضاء عليهم.
وقال بوتين خلال لقائه مع رئيسي تركيا وإيران في سوتشي "حاليا، في جميع أنحاء سوريا تقريبا يتم الالتزام بنظام وقف الأعمال العدائية وبالتالي ينخفض مستوى العنف. وهذه، بالطبع، هي نتيجة إيجابية لعملنا المشترك".
وأشار بوتين إلى أنه تم إنشاء آلية فعالة تضمن إمكانية إجراء اتصالات مباشرة بين الحكومة السورية والمعارضة المسلحة في إطار عملية أستانا التي حدثت قبل عامين.
وشدد الرئيس الروسي على أنه عقد 11 اجتماعا في أستانا وسوتشي بمشاركة وفود من روسيا وإيران وتركيا وأطراف سورية ومراقبين دوليين وممثلي الأمم المتحدة. "هذه الاجتماعات ساهمت في تحقيق تقدم في تسوية الوضع في الجمهورية العربية السورية".
كما أكد بوتين، على أهمية بدء عمل اللجنة الدستورية السورية في أقرب وقت.
وقال بوتين: "لقد قام دبلوماسيو دولنا بالتنسيق مع الأطراف السورية والأمم المتحدة بعمل جاد في تشكيل اللجنة الدستورية. من المهم أن تبدأ اللجنة عملها في أقرب وقت ممكن".
من ناحيته أكد الرئيس الإيراني، على ضرورة تحرير إدلب وسوريا بشكل كامل من الإرهابيين.
وقال "في الاجتماع بين رؤساء الدول الثلاث، والذي كان مفيداً وصريحاً للغاية، ناقشنا الحاجة إلى مواصلة الحرب ضد الإرهاب في المناطق المتبقية، بما في ذلك إدلب".
وتابع "لقد أكدنا هذه المسألة. الجميع وافق على أن خفض التوتر ووجود قوات الدول الضامنة قائم على أساس مؤقت. إدلب جزء من الدولة السورية، من الضروري القيام بتطهيرها من الإرهابيين، تحت أي مسمى كانوا يجب أن يغادروا البلاد".
وأعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن بلاده تبذل كل الجهود لمنع هجمات المتشددين على قاعدة حميميم.
وقال أردوغان قبيل لقائه مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في سوتشي: "نبذل كل الجهود لمنع أي هجمات على قاعدة حميميم العسكرية. هيئاتنا العسكرية تعمل بكل تنسيق في هذا الشأن".
وأعلن الرئيس التركي، أن مذكرة إدلب يجب تنفيذها لكن من الأهم عدم السماح بحصول أزمة إنسانية هناك.
وقال أردوغان "على مدى السنوات الثماني الماضية، عانى إخواننا السوريون الكثير، ودفعوا ثمنا باهظا… نحن لا نريد مآسي جديدة أو أزمات إنسانية جديدة في سوريا أو في مناطق أخرى أو في إدلب. لقد بذلت تركيا الكثير من الجهود، رغم كل الصعوبات، رغم استفزازات بعض الدول، من أجل الحفاظ على الهدوء في إدلب".
وأضاف " اليوم كان لدينا اجتماع مثمر وصادق. استعرضنا جهودنا المشتركة لضمان التسوية السياسية في سوريا. وكانت الهدنة، وخاصة في إدلب، واحدة من الموضوعات الرئيسية في الاجتماع. سأنقل لزملائنا اقتراحاتنا بشأن المنطقة الآمنة. وأكدنا تصميمنا على مكافحة الإرهاب. سنواصل بذل كل ما في وسعنا في إطار التزاماتنا بموجب مذكرة إدلب".
التوسط بين سوريا وتركيا
أعلن الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أن إيران مستعدة للتوسط من أجل إعادة العلاقات التركية السورية.
وقال الرئيس الإيراني روحاني للصحفيين: "إيران وبمساعدة روسيا مستعدة للتوسط لإعادة العلاقات التركية السورية".
وكان الناطق باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، أكد في وقت سابق أن بلاده تتواصل مع سوريا على المستوى الاستخباراتي، وتحدث عن شرعية الرئيس السوري بشار الأسد
حول اللاجئين السوريين وإعادة الإعمار
صرح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بأن قرار بعض الدول بفرض عقوبات على من يقدم المساعدات الإنسانية لسوريا أمر غريب.
وقال بوتين عقب مباحثاته في سوتشي في رد على سؤال بشأن مساعدة اللاجئين السوريين في العودة إلى بلادهم ومن يمكنه الانضمام إلى هذا العمل "بالنسبة للعنصر الإنساني، بالطبع، إذا كان الجميع مهتمًا بإعادة اللاجئين إلى ديارهم، فيجب عمل كل شيء لضمان أن تكون ظروفهم المعيشية كريمة".
وأكد بوتين أنه لا يجب اتخاذ الأسباب السياسية كذريعة للحد من تقديم المساعدة الإنسانية للشعب السوري. وأضاف قائلا في هذا الصدد "الأمر الأكثر غرابة هو قرار بعض الدول بمعاقبة الشركات والأفراد الذين يقدمون هذه المساعدات الإنسانية، والتعاون مع الحكومة السورية من أجل إعادة بناء البنية التحتية والمساعدة في مجال الصحة والتعليم. يجب على الجميع الاتحاد من أجل شيء واحد: مساعدة سوريا على إعادة بناء الدولة".
واعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن نجاح العملية السياسية في سوريا سيساعد على تسوية علاقات دمشق مع البلدان العربية وإعادة عضوية سوريا في الجامعة العربية.
ويذكر أن قمة رؤساء الدول الضامنة للتسوية السلمية في سوريا (روسيا وتركيا وإيران) انعقدت أمس الخميس في منتجع سوتشي في روسيا للمرة الرابعة، لبحث الخطوات المشتركة لتحقيق تسوية مستدامة للوضع في سوريا.