ويرى بعض الخبراء أن أسلحة الليزر ستسبب قفزة نوعية في المجال العسكري. ويتواصل العمل على تطوير أسلحة الليزر منذ ذلك الحين، وخاصة في الولايات المتحدة. كما يعمل العلماء الروس على صنع أسلحة الليزر على أساس التصاميم السوفييتية. كما تهتم بالليزر كل من الصين وإسرائيل والهند. وتشارك ألمانيا وبريطانيا واليابان في هذا السباق.
وكان عالم الفيزياء ألبرت أينشتاين من أوائل العلماء الذين درسوا نظرية الليزر. وتم التوصل إلى تأكيد تجريبي لإمكانية الحصول على أشعة الليزر في أواخر العشرينيات من القرن الماضي.
ويستخدم الليزر في وقتنا الحالي في مختلف مجالات العلوم والتكنولوجيا، إذ يستخدم في الصناعة والطب والملاحة وعلم القياس وفي صنع تكنولوجيا القياس عالية الدقة.
كما يستخدم الليزر في المجال العسكري، وخاصة في أنظمة تحديد الموقع وتوجيه الأسلحة والملاحة، إضافة إلى الاتصال بالليزر. وكان هناك محاولات لإنشاء سلاح الليزر، القادر على تعطيل أنظمة الرؤية والاستهداف لدى العدو.
وعلى الرغم من كل الصعوبات المتعلقة بتطوير أسلحة الليزر، إلا أن العمل يستمر في هذا الاتجاه بنشاط كبير، في جميع أنحاء العالم ويتم إنفاق مليارات الدولارات عليها سنويا.
ويتميز الليزر بالسرعة العالية والدقة في التدمير، إذ يتحرك الشعاع بسرعة الضوء. ويتم تدمير الهدف في ثوان ويحتاج القليل من الوقت للإطلاق على هدف آخر. ويصيب الإشعاع المنطقة، التي وجه إليها بدقة عالية، دون التأثير على الكائنات المحيطة.
ويتمكن شعاع الليزر من اعتراض أهداف، تملك قدرة عالية على المناورة، ما يميزه عن صواريخ الدفاع المضادة للطائرات والصواريخ، وذلك بسبب سرعته الكبيرة.
كما يمكن استخدام الليزر لتعطيل الرؤية لدى الهدف واكتشافه. ويمكن تعديل قوة الليزر للتحذير أو التدمير الكامل.
ولا يملك شعاع الليزر كتلة، لذلك عند إطلاق النار، ليس هناك حاجة لإجراء التصحيحات البالستية وأخذ اتجاه وقوة الرياح بعين الاعتبار.
ويعاني سلاح الليزر من عدة عيوب، مثل التشتت، فبسبب الانكسار يتشتت شعاع الليزر في الغلاف الجوي ويفقد تركزه. ويبلغ قطر شعاع الليزر على مسافة 250 كم 0.3-0.5 متر، ما يقلل من درجة حرارته ويجعله غير ضار للهدف. كما أن كل من الدخان والمطر والضباب يؤثر سلبا على الشعاع، لذلك فإن صنع ليزر طويل المدى غير ممكن بعد، إضافة إلى عدم القدرة على الإطلاق خلف الأفق، إذ أن شعاع الليزر خط مستقيم تماما ولا يمكن إطلاقها إلى هدف غير مرئي.
ويسهل التعامل مع الليزر بمساعدة المرآة، إذ أنها تقوم بعكسه بغض النظر عن مستوى الطاقة.
وقد بدأ العمل على أسلحة الليزر في الاتحاد السوفييتي، بداية الستينيات من القرن الماضي. وتجلى اهتمام العسكريين في استخدام الليزر كوسيلة للدفاع الجوي. وكان من أشهر المشاريع السوفييتية في هذا المجال "تيرا" و"أوميغا".
وحدث في عام 1984 أن تعرض مكوك الفضاء الأمريكي "تشالنجر" للإشعاع من "تيرا"، ما أدى إلى اضطرابات في الاتصالات وعطل في المعدات الأخرى للمركبة. وشعر أفراد الطاقم بسوء الحالة الصحية. وسرعان ما أدرك الأمريكيون أن السبب في ذلك يكمن في التأثير الكهرومغناطيسي على المكوك من أراضي الاتحاد السوفييتي. وكانت هذه الحادثة الاستخدام العملي الوحيد لليزر طوال فترة الحرب الباردة.
كما قام الاتحاد السوفييتي بتطوير أسلحة ليزر يدوية لرواد الفضاء وبقيت هذه الأسلحة في المخازن حتى منتصف التسعينيات، لكنها لم تستخدم.
وازداد نشاط الاتحاد السوفييتي في تطوير أسلحة الليزر بعد أن أعلن الأمريكيون عن برنامج "مبادرة الدفاع الاستراتيجي"، بهدف إنشاء نظام دفاع صاروخي متعدد الطبقات قادر على تدمير الرؤوس الحربية النووية السوفييتية. واستخدم الليزر الموجود في مدار قريب من الأرض كأحد الأدوات الرئيسية لتدمير الصواريخ البالستية والوحدات النووية.
وكان الاتحاد السوفييتي مجبرا على الرد وأطلق، يوم 15 أيار/مايو من عام 1987 أول صاروخ ثقيل "إينيرغيا" لإيصال محطة الليزر "سكيف" إلى المدار، من أجل تدمير الأقمار الصناعية الأمريكية، ضمن نظام الدفاع الصاروخي، إلا أن "سكيف" سقط في المحيط الهادئ فور الانفصال عن الصاروخ.
كما عمل الاتحاد السوفييتي على برامج أخرى لتنمية أنظمة الليزر القتالي، مثل المنظومة المتحركة "سجاتيي"، التي صممت بهدف تعطيل أنظمة الرؤية الإلكترونية لمعدات العدو. كما تم تطوير نظام ليزري آخر في عام 1983 على أساس منظومة "شيلكا"، أطلق عليه اسم "سانغفين"، المصمم من أجل تعطيل أنظمة الرؤية في المروحيات.
أما من المشاريع الأمريكية، فأشهرها ليزر "YAL-1А"، المثبت على طائرة "بوينغ-747-400إف". وصمم النظام بهدف تدمير الصواريخ البالستية. وتم اختبار الليزر بنجاح، لكنه لم يستخدم عمليا. ويصل مداه الأقصى إلى 200 كم. ولن تستطيع الطائرة الاقتراب إلى هذه المسافة في حال وجود نظام دفاع لدى العدو.
واختبر الأمريكيون في عام 2013، نظام "HEL MD" بقدرة 10 كيلوواط. وتعتزم الولايات المتحدة في عام 2020، صنع نظام من الطراز ذاته بقدرة 50 كليوواط.
كما تعمل إسرائيل على تطوير ليزر مضاد للصواريخ لاستخدامه ضد صواريخ "قسام"، التي يستخدمها الفلسطينيون.
وبدأت إسرائيل بتطوير نظام "Nautilus" في نهاية التسعينيات من القرن الماضي وعمل عليه الشركة الأمريكية "نورثروب"، بالتعاون مع الخبراء الإسرائيليين، لكن إسرائيل سرعان ما انسحبت من هذا البرنامج. واستخدم الأمريكيون الخبرة المكتسبة لإنشاء نظام دفاع ليزري " Skyguard" وبدأوا باختباره في عام 2008.
ويعمل النظامان "Nautilus" و"Skyguard" على أساس الليزر الكيميائي "THEL" طاقته 1 ميغاواط. ويصف الأمريكيون "Skyguard" بالقفزة في مجال أسلحة الليزر.
وتحظى أسلحة الليزر باهتمام القوات البحرية الأمريكية خاصة، إذ يعتقد الأمريكيون أن الليزر قد يشكل وسيلة دفاع جوي فعال على السفن. ومن أحدث التطويرات الأمريكية في هذا المجال — نظام الليزر "MLD" من تصميم شركة "نورثروب غرومان".
وبدأت الولايات المتحدة في عام 2011، بتطوير نظام الدفاع الجديد "TLS"، المزود بالليزر وبندقية رشاشة. وكانت الشركة المصممة تخطط لاستخدام هذا النظام في ضرب الصواريخ المجنحة والمروحيات والطائرات والأهداف البحرية على مسافة 5 كم.
وقدمت شركة "لوكهيد مارتن" في عام 2012 نظام دفاع مدمج "ADAM"، الذي يدمر الأهداف باستخدام أشعة الليزر على مسافة تصل إلى 5 كم. كما أعلنت الشركة في عام 2018 عن تطوير جيل جديد من الليزر طاقته 60 كيلوواط وأكثر.
كما تعهدت شركة "راينميتال" الألمانية في عام 2018 بدخول السوق بالليزر التكتيكي عالي الطاقة "HEL".
وأعلنت الولايات المتحدة في العام ذاته عن صنع الليزر القتالي التكتيكي "GBAD OTM"، بهدف الحماية من طائرات الاستطلاع والهجوم.
وقدمت إسرائيل نظام الليزر القتالي " Iron Beam" خلال معرض الأسلحة في سنغافورة في عام 2014. وقد صمم لضرب القذائف والصواريخ والألغام على مسافات قريبة، تصل إلى كيلومترين. ويشمل النظام على وحدتي ليزر تعملان بالوقود الصلب ورادار وجهاز تحكم عن بعد.
كما تعمل روسيا على تطوير أسلحة الليزر، إلا أن معظم المعلومات سرية. ومن المعروف أن روسيا تواصل اختبار أنظمة الليزر لتثبت على طائرة النقل "إيل-76". وقد بدأ العمل عليها في الاتحاد السوفييتي. ويمكن استخدام هذه الأنظمة لتعطيل عمل إلكترونيات الأقمار الصناعية والطائرات.
كما باشرت أول منظومة ليزر قتالية "بيريسفيت" مهامها في منتصف العام الماضي 2018.