يقول خبراء إنه يمكن للعراق أن يستفيد من التناقضات بين إيران والسعودية، أو أن يكون ساحة للتقارب بدلا من الصراع، خاصة في ظل الانفتاح السعودي مؤخرا على العراق، والزيارات المتبادلة التي كان آخرها لقاء رئيس الحشد الشعبي في العراق فالح الفياض، ووزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي، سفير المملكة سابقا لدى بغداد، ثامر السبهان.
الدبلوماسية الاستباقية
يقول الباحث البحريني عبد الله الجنيد، إن المملكة العربية السعودية تعتمد الدبلوماسية الاستباقية أولا، وذلك في تحفيز إعادة الاستقرار للمنطقة، أو في احتواء مصادر التهديد لاستقرار المنطقة، وأن التعاطي مع الشأن العراقي يتجاوز الواقع العراقي القائم.
وأضاف في تصريحات خاصة إلى "سبوتنيك"، أن القواسم المشتركة بين المملكة العربية السعودية والعراق، تتجاوز ضرورات الجوار المشترك إلى التكامل الاستراتيجي مستقبلا.
وأشار إلى أن التفاهمات على القضايا الأمنية تعد أساسا في هذه المرحلة الحالية، بين المؤسسات الرسمية في البلدين، خاصة أن استقرار العراق أمنيا يسهم في تسريع وتيرة برامج إعادة الإعمار، التي ينتظرها كل العراقيين.
ساحة للتقارب
من ناحيته قال النائب العراقي، حسن فدعم، إن اللقاء الذي جمع بين رئيس الحشد الشعبي في العراق فالح الفياض، ووزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي، سفير المملكة سابقا لدى بغداد، ثامر السبهان، يعد خطوة إيجابية.
وأضاف في تصريحات خاصة إلى "سبوتنيك"، أن الانفتاح السعودي على العراق يحمل دلالات عدة، وأن السعودية أدركت أن سياستها السابقة تجاه بغداد لم تحقق أي فائدة لها، أو للعراق في ذات الوقت.
وأوضح أن السعودية لديها مصالح كبيرة في العراق، إلا أنه على الرياض، أن تتعامل مع العراق على أنه دولة ذات سيادة، وألا تفرض أي إرادة عليه من قبل السعودية أو إيران، أو أية دولة أخرى، وأن بغداد لا تحتاج وصاية من أحد.
وأشار إلى أن الزيارة الأخيرة تضمنت مناقشة العديد من الملفات، منها التعاون الأمني والاستخباري، والتبادل التجاري وملفات عدة بين البلدين.
الاستفادة من التناقضات
وشدد على أن العراق يمكن أن يكون ساحة للتقارب، وتبادل وجهات النظر بين السعودية وإيران لا ساحة للصراع كما يراه البعض، ويمكنه الاستفادة من التناقض بين البلدين لفرض شروطه بشأن آليات العمل السياسي في المنطقة.
عودة إلى البيت العربي
وشدد على أن اللقاء بين الوزير السعودي والفياض، يعد اعترافا بالحشد الشعبي، خاصة أن السعودية وجهت دعوة رسمية لرئيس الحشد الشعبي فالح الفياض في وقت سابق، وأن الزيارة الأخيرة تؤكد على الاعتراف الضمني بأن الحشد مؤسسة عسكرية عراقية، وأن السعودية مستعدة لفتح صفحة جديدة مع العراق.
من ناحيته قال الدكتور ظافر العجمي، رئيس مجموعة "مراقبة الخليج"، إن العلاقات العراقية الخليجية، يمكن قراءتها من خلال زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني للعراق، خاصة أن إيران لا تتعامل مع العراق بالند، وأنها اتضحت في الكثير من العمليات المتبادلة بين البلدين، وهو ما أعطى الفرصة للتقارب السعودي العراقي مؤخرا.
وأضاف في تصريحات خاصة إلى "سبوتنيك"، أنه بعد حرب تحرير الكويت، تزامن الانكفاء العراقي مع الاستدارة الخليجية بعيدا عن العراق، وهو ما ساهم في التواجد الإيراني الكبير في العراق، إلا أن المرحلة الحالية تشهد عودة العراق إلى الأمة العربية.
وأشار إلى أن التقارب بين الوزير السبهان وفالح الفياض، يفتح نافذة للتفاهم بين السعودية والحشد الشعبي، وأن أحد دوافعه ما جاء في بيان السيستاني (وهو المرجع الأعلى للطائفة الشيعية في العالم)، بضرورة نزع سلاح الميليشيات، التي قد تحمل إشارة إلى الحشد الشعبي، حسب قوله.
وشدد على أن الخليج يعتبر الحشد الشعبي يمثل خطورة، خاصة أنه هيكل عسكري له مظلة "مبهمة" تحت مظلة الحكومة العراقية.
استقبال رسمي
استقبل رئيس الحشد الشعبي في العراق فالح الفياض، الوزير السعودي ثامر السبهان أمس الخميس، وبحث معه مكافحة الإرهاب.
تغير في المواقف
اللافت في الأمر أن السبهان شغل منصب السفير السعودي لدى بغداد في وقت سابق، وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2016 أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، أمرا بتعيينه في منصب وزير دولة لشؤون الخليج على خلفية استدعائه من قبل وزارة الخارجية العراقية وتسليمه مذكرة احتجاج على تصريحاته بشأن الحشد الشعبي.
وقال السبهان آنذاك في حديث مع وكالة "السومرية نيوز" العراقية، إن "مشاركة مقاتلين مدعومين من إيران في قتال تنظيم داعش يفاقم التوترات الطائفية في العراق"، في إشارة إلى الحشد الشعبي العراقي.