ترصد الرواية سيرة ثلاثة أجيال من أسرة ريفية مصرية تعرضت لأزمة اقتصادية في ثلاثينيات القرن الماضي، أجبرت الجد "عبد الرحمن سليم" على ترك تعليمه والتفرغ لرعاية شؤون أسرته، ومن خلال تتبع مراحل صعود وهبوط هذه العائلة، يسعي الجد لنقل وصايا عشر لحفيده، تعلمها خلال رحلته وهي "خلاصك في مشقتك، وإياك والعمي، والمتعة عابرة كالحياة، وكن يقظا وقت الأفراح، والثروة مثل الدابة عليك أن تسوقها، واحذر أن تقتل أخاك، والأحزان سموم القلب، وتحمل الألم، والمحبة دواء أيام الباطل، وأعظم الفضائل في التخلي".
واستطرد عصمت "تحكي الرواية كيف ترك عائل الأسرة التعليم، ليتفرغ لرعاية هذه الأسرة، وكيف صعدت هذه العائلة واستعادت الحياة مرة أخرى في فترى الستينيات والسبعينيات، وكيف عمل الزمن على تفكك هذه الأسرة في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينات".
يتابع الكاتب المصري حديثه عن الوقت الذي استغرقته كتابة الرواية قائلا "هذه الرواية أنا سمعتها في طفولتي وعايشت أجوائها وأنا صغير، وحينما بدأت الكتابة ظللت أحلم أن أكتب هذا النص، لكن في البداية لم أتمكن".
وواصل "في عام 2002 حينما بدأت الكتابة، خيل لي أنني قادر على الإحاطة بهذا العالم المعقد وبهذه الفترة الزمنية الطويلة، فكتبت مسودة طويلة عام 2002، لكنها لم تكن بالصورة الملائمة التي أتصورها للرواية، لم تنتج حيوية الحياة التي كنت أنشدها في كتابتي، وكانت مجرد رواية أجيال، ولم أكن أرغب في كتابة مجرد رواية أجيال، كنت أريد التأمل في سيرة عائلة وماذا فعله الزمن في سيرة العائلة، لم أكن قادرا في ذلك الوقت على إنتاج النص، لم تكن البصيرة الإنسانية موجودة".
يواصل عصمت رحلته مع كتابة الرواية "لكن في عام 2015 عثرت على تيمة الوصايا، بالصدفة، ووفقت في كتابة النص بداية من عام 2015 حتى نهاية عام 2016 وبداية عام 2017، وصدرت في 2018".
ويضيف "الجائزة مهمة بالنسبة لي، لأنها تسلط الضوء على الوصايا وغيرها من الأعمال على امتداد الوطن العربي، وأنا سعيد جدا بهذا الترشح".
وفيما يتعلق بإقبال القارئ العربي على الرواية، يقول عصمت "تلقيت ردود أفعال حول الرواية من فلسطين ومن سوريا ومن العراق والإمارات وتونس والمغرب وغيرها، وهذا أكثر ما أسعدني، أنا حصلت على جوائز سابقا، لكن ما يبقي هو محبة القراء"، مؤكدا "في العام المقبل ستكون هناك جائزة جديدة وبوكر جديد، لكن ستظل محبة القراء لرواية الوصايا طاقة معنوية كبيرة بالنسبة لي".
وردا على بعض الآراء التي أشارت لوجود بعض من الإطالة في الرواية، قال عصمت "مستحيل، لأن الرواية مختصرة، الرواية تمر عبر 3 أجيال في أقل من 300 صفحة، وبغض النظر عن موضوع الإطالة أو التقصير، العمل الفني له ميزان خاص، ما أقصده هو أن التوازن بين أجزاء النص كلها هو ما يصنع الشيء الذي نحبه".
وتابع عصمت موضحا أنه "مع التحديث والبناء وهجرة الناس إلى دول الخليج، مع التحديث عموما الذي شهدته القرية المصرية في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات، تغير الوضع وهذا أوضحته الرواية حين رصدت خروج أبناء القرية من الجيش عقب حرب 1973 وعودتهم للعمل بمهن أخرى غير الفلاحة".
ويتابع "التغير لم يطل البشر فقط، بل أيضا الطراز المعماري، فالطراز القديم تم تبديده تماما من البناء بالطوب النيء، وهذا أثر على طبيعة العلاقات نفسها بين أهل القرية، وأيضا تغيرت العلاقات العائلة، لم يعد موجود في القرية العائلات الكبيرة بالطريقة التي كانت موجودة بها عائلة الشيخ عبد الرحمن، تحولوا إلى أسر صغيرة مثل أسر المدينة، اليوم القرية لا تفرق أبدا عن أي حي عشوائي حول المدن المصرية، هذا الفرق يحتاج إلى بحث اجتماعي وتاريخي وإنساني أكثر من رواية".
الجدير بالذكر أن الكاتب المصري عادل عصمت ألف العديد من الروايات والمجموعات القصصية، من بينها رواية "أيام النوافذ الزرقاء" والتي حصلت على جائزة الدولة التشجيعية في الرواية عام 2011، ورواية "حكايات يوسف تادرس" والتي حصلت على جائزة نجيب محفوظ عام 2016.