أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 19 ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي أنه تمت هزيمة تنظيم "داعش" في سوريا وأن هذا كان السبب الوحيد لبقاء القوات الأمريكية في سوريا.
وتابع "لقد انتصرنا… لذا فإن أبناءنا، شبابنا من النساء والرجال سيعودون جميعا، وسيعودون الآن".
وفي نفس اليوم ذكرت وكالة بلومبرغ عن مسؤول أمريكي أن الرئيس ترامب أعطى أمرا للجيش الأمريكي بسحب جميع القوات الأمريكية من سوريا.
ووفقا للمسؤول فإن الجيش الأمريكي يعمل على تنفيذ أمر ترامب بسرعة.
وكانت الحكومة السورية أكدت أن وجهة الجيش السوري بعد تحرير إدلب ستكون شرق الفرات، كما كان الرئيس السوري قد وضع الفصائل الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة والتي تسيطر على شرق الفرات أمام خيارين، إما المصالحة مع الدولة السورية وإلا فإن الجيش السوري سوف يحرر المناطق حتى لو دعمتهم القوات الأمريكية.
وبحسب صحيفة "واشنطن بوست"، فقد قوبل قرار سحب القوات الأمريكية من الجمهورية العربية السورية برد فعل متناقض داخل الولايات المتحدة، وقال عدد قليل من المسؤولين الأمريكيين إن هذا القرار كان وعدًا وفى به ترامب، ولكن بالنسبة لمعظم أعضاء الكونغرس، أصبح "كارثة" حقيقية واعتبروه "استسلام أمام القوتين على الأراضي السورية — روسيا وإيران".
ووفقًا لصحيفة "واشنطن بوست"، حاول ماتيس ومستشارون آخرون إقناع ترامب برفض سحب قواتهم من سوريا، لكن الرئيس قال إن البقاء هناك يكلف "ثروة" وسأل لماذا يجب البقاء، وعلى ماذا ستحصل الولايات المتحدة منه.
وكتبت الصحيفة، تحدث ماتيس مع ترامب لمدة 45 دقيقة، ناقشا وجهات نظرهما المختلفة حول العالم وكيفية التعامل مع الحلفاء والشركاء. وقال رئيس البنتاغون إن ترامب يستحق وزير دفاع، تكون وجهات نظره أقرب إلى رأيه. وبعد محادثتهما، شكرا بعضهما البعض، وهكذا انتهى الحديث.
وفي وقت سابق ، ذكرت قناة سي بي أس نقلا عن مصادر، أن الممثل الخاص للولايات المتحدة في التحالف ضد "داعش"، بريت ماكجورك، قدم استقالته أيضا بسبب عدم موافقته على انسحاب القوات الأمريكية من سوريا.
وقال عضو لجنة الشؤون العربية والخارجية في مجلس الشعب السوري ونائب رئيس جمعية الأخوة السورية اللبنانية آلان بكر لوكالة "سبوتنيك" إنه "فيما يتعلق بسياسة ترامب فيمكن أن نلخصها بسياسة التصريحات المتناقضة، و بالتالي فإننا لم نعول يوماً على أي تصريح يصدر عنه وبخاصة فيما يتعلق بالانسحاب نحن ندرك أن الأمريكي يريد تواجد له على الأراضي السورية و يعلم أن في بقاء جزء من قواته دعماً للتنظيمات الإرهابية".
وفي 11 يناير/ كانون الثاني، أعلنت وسائل إعلام أجنبية أن التحالف الذي تقوده واشنطن لم يبدأ بعد بسحب قواته من سوريا وإنما هناك عملية سحب معدات.
وقالت "أسوشيتد برس" في تغريدة لها على تويتر: لقد حذفنا تغريدة تقول إن التحالف العسكري، الذي تقوده الولايات المتحدة، بدأ عملية سحب القوات من سوريا… العملية بدأت بسحب المعدات، ولكن لم يغادر أي جندي بعد. وستكون هناك تغريدة مصححة قادمة.
وفي وقت سابق من يوم الجمعة 11 كانون الثاني/ يناير، قال المتحدث باسم التحالف الدولي، إن التحالف بدأ عملية الانسحاب من سوريا.
ونقلت وكالة "رويترز" عن الكولونيل شون رايان قوله إن التحالف "بدأ عملية انسحابه المدروس من سوريا. حرصا على أمن العمليات، لن نعلن جداول زمنية أو مواقع أو تحركات محددة للقوات".
بعد ذلك هدد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يوم الاثنين 14 يناير/ كانون الثاني، تركيا باتخاذ إجراءات اقتصادية ضدها، في حال مهاجمة أنقرة للأكراد السوريين.
وكتب الرئيس الأمريكي في تغريدة على موقع "تويتر": "نحن نبدأ سحب [لقواتنا] من سوريا طال انتظاره، وفي نفس الوقت نقوم بضربات قوية لما تبقى من تنظيم "داعش" الإرهابي من جهات مختلفة".
وتابع: "سنهاجمهم مرة أخرى من القواعد المجاورة الموجودة، إذا عادوا".
وأضاف:
"سوف ندمر تركيا اقتصاديا إذا ضربت الأكراد"، موجها لها النصيحة بإنشاء منطقة آمنة على مسافة 20 ميل.
وقال ترامب في تغريدة أخرى إن "وبالمثل، لا أريد أن يستفز الأكراد تركيا. روسيا وإيران وسوريا أكثر المستفيدين من سياسة الولايات المتحدة طويلة الأمد لتدمير "داعش" في سوريا… أعداء طبيعيين، ونحن أيضا نستفيد من هذا، لكن الوقت قد حان لإعادة قواتنا إلى الوطن. ووقف هذه الحروب اللانهائية".
وتدعم واشنطن القوات الكردية التي تسيطر على مساحة واسعة من شرق وشمال شرق سوريا (منطقة شرق الفرات)، وقد أعلن البيت الأبيض اليوم الجمعة القضاء الكامل على تنظيم "داعش" الإرهابي على الأراضي السورية، ويأتي ذلك بعد 3 أشهر من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن هزيمة التنظيم وانتهاء سبب وجود القوات الأمريكية في سوريا.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد صرح في وقت سابق، بأن أنقرة مستعدة لشن عملية عسكرية في شرق الفرات، وكذلك في منبج السورية ضد الأكراد. ثم قرر تأجيلها بعد محادثة هاتفية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في الـ 14 من كانون الأول/ديسمبر الماضي.
وفي شهر فبراير/شباط قررت الولايات المتحدة الإبقاء على 200 جندي في سوريا بعد أن كان ترامب قد قال (جميع الجنود)، وقال البيت الأبيض، يوم الخميس 21 فبراير/شباط، إن الولايات المتحدة ستترك "مجموعة صغيرة لحفظ السلام" من 200 جندي أمريكي في سوريا لفترة من الوقت بعد انسحابها.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز، في بيان مقتضب، "ستبقى مجموعة صغيرة لحفظ السلام من نحو 200 في سوريا لفترة من الوقت"، وفقا لرويترز.
ورحبت تنظيم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية بقرار البيت الأبيض الاحتفاظ بـ 200 جندي أمريكي في سوريا بعد انسحاب القوات الأمريكية.
وكشف ترامب خارطة لسوريا، قال إنها تظهر مدى التقدم الكبير الذي أُحرز في القضاء على تنظم "داعش" الإرهابي (المحظور في روسيا) مند وصوله إلى الرئاسة.
وقالت الأكاديمية والباحثة السياسية الدكتورة عبير كايد، إن ترامب قرر الإبقاء على القوات الأمريكية في سوريا نتيجة ضغوط من المؤسسة العسكرية وبعد الافادة التي قدمها قائد القوات المركزية للكونجرس حول عدم تمكن قوات التحالف من القضاء على "داعش"، المحظور في روسيا.
وأشارت إلى أن أن هدف وجود القوات الأمريكية في سوريا هو تعطيل تحرك قوات الجيش السوري، وأيضا من أجل استمرار الصراع بين الحكومة والمسلحين والأكراد.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتفق مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، يوم الخميس 21 فبراير 2019، على تنفيذ انسحاب القوات الأمريكية من سوريا حسب المصالح المشتركة.
وبحسب وكالة "الأناضول" التركية، بحث ترامب وأردوغان، في اتصال هاتفي، التطورات الأخيرة في سوريا، كما أكدا على أهمية دعم العملية السياسية هناك.
وأضافت "الأناضول" أن الرئيسين اتفقا على تنفيذ قرار الولايات المتحدة الانسحاب من سوريا، بما يتماشي مع المصالح المشتركة بين البلدين.
وفي حال الانسحاب الأمريكي من سوريا، فإن حلفاءها من الفصائل الكردية ستكون أمام خيارين، إما المصالحة مع دمشق، أو المواجهة، وهنا المواجهة لن تكون في صالح القوات الكردية، يضاف إلى ذلك التهديدات التركية باجتياح شرق الفرات من جهة الشمال، وهذا الملف يؤثر أيضا على موضوع الانسحاب الأمريكي من سوريا.