تونس — سبوتنيك. وقال الطرابلسي، في حديث حصري لوكالة "سبوتنيك": "الانتخابات المقبلة ستكون أهم انتخابات، حتى أهم من الانتخابات الأولى، ومهما كانت نتائجها فستكون تجسيدا لنقطة اللاعودة لما قبل 2011، وعلى الرغم من ذلك أقول إنه من سمات المجتمع التونسي، أنه لن يستطيع أي حزب بمفرده أن يحكم البلد، حتى بالديموقراطية، ومهما كانت نتيجة الانتخابات ستكون هناك تحالفات وتوافقات ما بين أحزاب متعددة لإدارة البلد في هذه المرحلة".
وحددت الهيئة العامة المستقلة للانتخابات في تونس، خلال مؤتمر صحافي عقده رئيسها نبيل بفون الشهر الماضي، السادس من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل موعدا لإجراء الانتخابات التشريعية، والعاشر من تشرين الثاني/ نوفمبر لإجراء الانتخابات الرئاسية.
واعتبر الطرابلسي أن المرحلة الانتقالية، عقب ثورة 2011، تسير بشكل جيد، لافتاً إلى أن المرحلة الانتقالية "تمثل تحولا على عدة محاور، الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي، والانتقال لن يتحقق بصفة كلية إلا إذا تزامنت التحولات في تلك المحاور تمثل انتقالا في المجتمع التونسي ليمثل قطعا مع الاستبداد ونظام الحزب الواحد والرأي الواحد".
واستطرد قائلاً: "سياسيا حققنا إنجازات هامة حولتنا لدولة تعتمد على المؤسسات، هناك مؤسسات ديموقراطية بنيت على مبدأ المشاركة واحترام الحقوق والحريات والقانون، ولكن على الصعيد الاقتصادي، إذا لم تتزامن الإصلاحات السياسية مع تقدم اقتصادي لن يتحقق انتقال ناجح".
وأوضح الطرابلسي: "الإنجاز الاقتصادي والاجتماعي هي صمام الأمان للديموقراطية والحريات، وهو ما نعمل عليه، فرغم بعض التحسن الذي طرأ في العامين الأخيرين فإن الأوضاع لازالت العديد من المؤشرات باللون الأحمر، فمعدل النمو مثلا نحقق نسبة نمو 2.8 بالمئة وهو غير كاف لخلق المزيد من الوظائف وتحقيق المطالب الشعبية المتزايدة، لأن بعد زوال الخوف ارتفعت معدلات الاحتجاجات والمطالب الاجتماعية، الاستثمارات الخارجية أيضا منخفضة، وبشكل عام الحكومة أمام مسؤوليات جسام على الصعيد الاقتصادي".
وأضاف: "على الصعيد الاجتماعي فهناك إنجازات هامة تقدمنا فيها، فعلى مستوى الحوار الاجتماعي تم سن قانون لتشكيل المجلس الوطني للحوار الاجتماعي، وهو ما يعني تحويل الحوار الاجتماعي لهيكل مؤسسي ولا يكون للحوار خاضع للمناسبات والأزمات".
كما أكد وزير الشؤون الاجتماعية التونسي أنه "على الرغم من الإجراءات الاقتصادية التي تتخذها الحكومة بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، إلا أن هناك تقدما واضحا على صعيد محاربة الفقر؛ فقد تقدمت الحكومة بقانون للبرلمان باسم (قانون الأمان الاجتماعي)، ويهدف لتسريع وتيرة مقاومة الفقر، ووزارة الشؤون الاجتماعية هي المكلفة به، ولأول مرة أصبح لنا قانون يعرف الفقر، والتعريف لا يعتمد فقط على الفقر المالي، ولكنه يضع في الاعتبار التربية والتعليم والسكن والحق في النفاذ للمرافق العامة والخدمات، ووفقا لهذا التعريف فنسبة الفقراء في تونس تبلغ 15 بالمئة، وتضم هذه النسبة من يبلغ دخله أربعة دولارات يوميا فأقل، وهو معيار مرتفع بشكل عام بالنسبة للدول المثيلة لتونس، أما من يقعون تحت خط الفقر المدقع 2.9 بالمئة من السكان، وتلك النسبة تضم ما نسميه العائلات المعوزة، والتي ليس لها أي مورد للعيش، أو الأشخاص غير القادرين على العمل لسبب ما".
وأشار الطرابلسي: "رغم الإجراءات الاقتصادية المتبعة مؤخرا انخفضت نسبة الفقر في تونس، فعلى مدى السنوات الثمانية الأخيرة تراجعت نسبة الفقر من أكثر 20 بالمائة بقليل إلى 15 بالمئة، لأننا عندما نتحدث عن ثورة وديموقراطية وحق في الاحتجاج والمطالبة، فإن المؤشرات الاجتماعية تتحسن، الديموقراطية تسهم بكل تأكيد في تحسين الأوضاع الاجتماعية، التقدم في مجال الحريات ساهم في تحسين الوضع الاجتماعي رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة، فالأجور تقريبا تضاعفت في السنوات الست الأخيرة، وهو ما يعني آلية توزيع الثروة، كذلك العائلات المعوزة أصبح من حقها الحصول على ما يساوي نصف الحد الأدنى للأجر حوالي 180 دينار تقريبا (حوالي 60 دولار) لكل أسرة معوزة، مع علاج مجاني ومنحة شهرية لكل طفل في الدراسة ومنح في المناسبات، وهو ما يساهم في خفض نسبة الفقر والحاجة، كما أصبح هناك قانون يعطي الحق لكل فقير بمقاضاة الدولة لتوفير احتياجاته".
وأردف: "على الرغم من ذلك هناك مشكلات تعانيها تونس، فنسبة البطالة مرتفعة، وتصل إلى 15 بالمئة، أي ما يساوي نسبة الفقر، وأكثر من 40 بالمئة من العاطلين عن العمل من حملة الشهادات العليا، و70 بالمئة من المتعطلين شباب، كذلك هناك فوارق بين المناطق الساحلية المزدهرة والمناطق الجنوبية والغربية التي تعاني أكثر، هذه أوضاع موروثة من عقود ولن تنتهي فورا، ولكن تحتاج إلى خطط دؤوبة للتنمية".
وتشهد تونس تطبيق حزمة من الإجراءات الاقتصادية بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، بهدف خفض عجز الموازنة، وبعض الإجراءات التقشفية.
وتترقب تونس إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية أواخر العام، يعتبرها مراقبون نهاية المرحلة الانتقالية التي امتدت منذ الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في كانون الثاني/يناير 2011 وحتى الآن.