لتقدير الأوضاع ومعرفة بعض التفاصيل يناقش "ما وراء الحدث" ثلاث محاور رئيسية:
المحور الأول: تفاصيل تطورات الوضع الحالي في المنطقة بدءاً من سوريا إلى اليمن إلى ليبيا والسودان والجزائر، وصولاً إلى الجولان السوري المحتل، ماهو القاسم المشترك أو الرابط بين كل هذه المحاور؟
المحور التاني: انعكاسات هذه المستجدات على سوريا طالما أمريكا تقوم حاليا بهجوم على أعدائها وأصدقائها في آن واحد، وكيف سينعكس بدوره على سوريا والمنطقة ككل؟
المحور الثالث: بناء على مايحدث من تغيرات في العلاقة التركية الأمريكية هل تتجه الأمور نحو صفقة تركية روسية أم تركية أمريكية، وفي الحالتين كيف سنعكس هذا الأمر على الوضع بخصوص قضية إدلب؟
بخصوص تفاصيل التطورات الحالية والقاسم المشترك في متبدلاتها ودلالاتها يرى الباحث في القضايا الجيوسياسية الدكتور سومر صالح أن:
سلسلة من الأحداث المتسارعة بدأت في الشرق الأوسط، بشكل متوالي، بدءاً من أحداث فنزويلا يناير/كانون ثاني 2019 وأحداث السودان فبراير/شباط 2019، وصولاً لأحداث الجزائر من شباط إلى نيسان 2019، وفي الوقت الراهن أبريل/نيسان 2019 أحداث ليبيا، وبتوسيع الدائرة قليلاً لدينا أزمة الهند وباكستان، وحالياً التصعيد الأطلسي ضد روسيا في البحر الأسود والبلطيق واحتمال ضم جورجيا إلى حلف الناتو.هذه الأحداث ليست عشوائية و يجمعها أمر ثابت هو وقوف الولايات المتحدة ورائها ومرجح استمرار حلقاتها، والسبب لا يكمن فقط في مرحلة المواجهة الاستراتيجية التي بدأت مع مطلع هذا العام تنفيذاً لاستراتيجية الأمن القومي (2017)، بل هنالك أمر آخر وهو هام جداً، يكمن في محاولة الولايات المتحدة السيطرة تماماً على منابع النفط وخطوط إمداه وأسواقه في العالم كله، وبالتالي السيطرة على سعر النفط وتحديده في نظام البترو دولار الحالي، وعلينا التركيز بهذا المجال على زيارات بومبيو أيضا المتكررة إلى دولة الكويت وهي دولة نفطية مهمة، ولندقق قليلاً (فنزويلا — إيران — الجزائر — السودان… ليبيا) دول في أوبك ومن كبار المنتجين، فما الذي يجري.
وحول حقيقة محاولات الولايات المتحدة لإعادة إحياء قانون "نوبك" قال صالح:
حقيقة هنالك محاولة أميركية لفرض أو إخراج مشروع قانون "نوبك" إلى العلن وتشريعه لمنع منظمة الأوبك من تسعير النفط بمعنى كسر احتكار المنظمة للإنتاج والتسعير، خصوصاً بعد اتفاق الجزائر في (2016) وفيينا (2018)، فترامب يريد خفض الأسعار كي يتثنى له تحقيق جملة من الأمور:
- كبح التضخم في الاقتصاد الأمريكي وسد عجز المديونية الأمريكية.
- توسيع خيار أوروبا بعيداً عن هيمنة روسيا على سوق إمدادات الطاقة إليها.
- زيادة جدوى وفعالية العقوبات الأمريكية ضد إيران.
- الإبقاء على الدولار كعملة تجارة دولية رئيسية وهذا الأمر يحتم على واشنطن السيطرة تماما على تسعير الطاقة بشكل مباشر وليس فقط عبر أنظمة وحكومات تواليها — نلاحظ هنا تهديد الرياض لواشنطن بالاستغناء عن الدولار في تجارة النفط.
أما عن منعسكات فشل هذا التوجه يقول صالح:
في حال فشل مشروع "نوبك" هدد ترامب صراحة بالإنتقال إلى الخيارات العسكرية وهي رسالة لأكثر من جهة (حلفاء وخصوم لواشنطن)، من جهة أخرى هنالك جملة أمور تدفع بإتجاه إستمرار الأحداث المتسارعة ما بعد الجزائر وليبيا، فتوقيع واشنطن لإتفاقية الموانئ العسكرية مع عمان (صلالة — الدقم) هي عمل إستباقي خارج مضيق هرمز إستعداداً لمواجهات في الخليج العربي. ونضع زيارة الرئيس عون إلى روسيا في أعقاب زيارة بومبيو إلى بيروت في إطار محاولة تجنيب لبنان هزة عنيفة قادمة. يبقى أن نشير إلى محاولة واشنطن تصفير صادرات النفط الإيرانية مع أحداث متقاطعة في المنطقة تضع المنطقة على حافة المواجهة.
إعداد وتقديم: نواف إبراهيم