هذا اليوم ليس كسائر الأيام بالنسبة للبنانيين، فهو يوم يؤرخ ذكرى اندلاع حرب أهلية مدمرة عبثية، شاركت فيها مختلف الفصائل اللبنانية والفلسطينية، والبعض من الطوائف الإسلامية والمسيحية، بالإضافة إلى تدخل الجيش الإسرائيلي عبر اجتياح واستباحة البلاد عامي 1978 و 1982.
هذه الحرب خلفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والمفقودين على مدى 15 عاما، وباتت تسكن بأوجاعها ومعاناتها وصورها المؤلمة في أعماق ذاكرة اللبنانيين الجماعية التي تعج بالكثير من المعاناة والألم.
وبدأت الحرب تهدأ في أغسطس/آب 1989 مع توصل النواب اللبنانيين في مدينة الطائف غربي السعودية، إلى ما يعرف بـ"اتفاق الطائف"، إلى أن وضعت الحرب أوزارها في 13 أكتوبر/تشرين الأول 1990.
هل استفاد اللبنانيون من دروس الحرب الأهلية البشعة التي أكلت الأخضر واليابس، ودمرت اقتصادهم، وخربت بناهم التحتية وهجرت مئات الآلاف من اللبنانيين إلى مختلف أصقاع العالم، وهل هناك احتمال وظروف مؤاتية لتكرارها في الوقت الحاض؟
يقول الباحث في الشؤون الإقليمية الدكتور وفيق ابراهيم في حديث لبرنامج "نافذة على لبنان" بهذا الصدد:
"في الحقيقة، هذه الذكرى الـ44 لمرور الحرب الأهلية في لبنان، هي ذكرى حزينة، لكن الشعب اللبناني استفاد منها في تحسين علاقاته إلى حد ما، وإلى إعادة العلاقات الإجتماعية والاقتصادية بشكل جيد جدا، غير أن التحشيد الطائفي سيء جدا، وباستطاعته انتاج الكره المتبادل، وتهيئة الجو لحرب أهلية، غير أن توزانات القوى الجديدة في الداخل اللبناني وصعود دور حزب الله في الداخل اللبناني وفي سوريا، وامتلاكه قوة عسكرية قوية في العتاد والأفراد ما يمنع من قيام أي حرب أهلية في الداخل".
ويتابع ابراهيم حديثه قائلا: "أما المشكلة الحقيقية التي يعاني منها لبنان هي في نظامه الطائفي، الذي يقوم على مبدأ المحاصصات الطائفية، كما يتنافس على قاعدة ارتباطاته بالخارج، سواء الخارج العربي أو الإقليمي أو الغربي، ذلك أن النظام لا يزال على ما كان عليه منذ إندلاع الحرب الأهلية، يرتبط بكل توازنات الاقليم".
ويشير إبراهيم إلى أن هذه التوازنات أصبحت في الوقت الحاضر لصالح حزب الله وللدورين الروسي والسوري، بينما كان حزب الله غير موجود في مرحلة الحرب الأهلية، ما أدت إلى انعكاسها على الداخل اللبناني بشكل قوي، وتراجعت بموازاتها القوى المحسوبة على تلك الأطراف الخارجية، ما يمنع تكرار إمكانية حدوث أي حرب أهلية في وقتنا الحاضر. والساحة اللبنانية لم تعد مهيئة لتركيب حرب أهلية كما كان الحال في سبعينيات القرن الماضي.
التفاصيل في الملف الصوتي المرفق في هذه الصفحة.
إعداد وتقديم: عماد الطفيلي