منذ تبني نظام البشير لتلك القوة، وهى تحصل على موارد مالية مستقلة عن الدولة، مثل ذهب جبل عامر، وعلى تمويل خارجي من خلال صفقات حرب اليمن.
حماية المتظاهرين
الأوضاع التي نشأت فيها تلك القوات كانت مناسبة لها، نظرا لضعف الدولة والصراعات الداخلية والحصار الخارجي، أما بعد قيام الثورة السودانية وإسقاط حكومة البشير، فإن بقاء تلك القوات على حالها من حيث استقلال مصادر التمويل والقرار السياسي يتعارض بالضرورة، ليس فقط مع تحقيق الأمن العام والعدالة والتحول الديمقراطي والحكم الرشيد، بل يهدد وجود الدولة بمعناها الحقيقي نفسه.
ويرى خبراء إنه من السذاجة افتراض أن حميدتي على استعداد للتنازل عن كل تلك المكتسبات والاستقلالية بتلك البساطة، كما أن تقنين الوضع وإعطاءه مزيدا من الصلاحيات ربما سيجعل عملية الحل السياسي أكثر تعقيدا.
كما أن إسكات حميدتي وتفكيك إمبراطوريته في الخفاء أمور لا ترقي للتفكير العملي، كما يرى المتابعون، يجب أن تكون هناك حلول جذرية لعدم تعقد الأمور والعودة لمربع ما قبل الثورة.
قال خضر عطا المنان، الإعلامي السوداني وأول رئيس تحرير لصحيفة أوروبية في الدانمارك، إن قوات الدعم السريع كانت العامل الأكبر في حماية المتظاهرين في مواجهة الأمن الوطني التي كان يعتمد عليها البشير لحمايته.
مسار الأحداث
وأكد الإعلامي السوداني، في التظاهرات الأخيرة قبل رحيل البشير، جاء حميدتي وتمركز في مناطق بالعاصمة الخرطوم، واعتقد أن انحيازه للشارع جاء من أجل التكفير عن كل ما فعله ضد أبناء دارفور من كوارث ومجازر تعد جرائم حرب لا تسقط بالتقادم.
وأشار المنان إلى أن مجيء قوات الدعم السريع إلى العاصمة الخرطوم ساهم بشكل كبير في الحد من بطش قوات الأمن، التي كانت تقتحم البيوت وتطارد المتظاهرين وتقتلهم.
واستطرد، الآن تعد قوات الدعم السريع سندا للمتظاهرين السلميين، وبعد انتهاء كل تلك القضايا وتشكيل الحكومة المدنية العسكرية، والتي يدور حول نسبها النقاش والتفاوض بين المتظاهرين والمجلس العسكري، والتي تتعلق بالرئاسات الثلاث "المجلس السيادي والتشريعي والتنفيذي".
الإندماج في القوات المسلحة
ولفت الإعلامي السوداني إلى أن المجالس الثلاثة هى التي يمكنها الضغط على حميدتي، من أجل عملية الدمج للقوات في الجيش السوداني، وفي ظل الديمقراطية وحقوق الإنسان المنتظرة في البلاد لن تجد تلك القوات مفرا من الدخول كجزء داخل قوات الجيش، فلن تقبل أي حكومة بوجود جيشين داخل البلاد.
تسوية شاملة
ومن جانبه، قال المعز مضوي، عضو تنسيقية تيار الثورة السودانية القومية ومسؤول المكتب الإعلامي في اتصال هاتفي مع "سبوتنيك"، اليوم الثلاثاء، إن مطلب الثورة واضح وهو حل جميع المليشيات غير النظامية، هدفنا دولة مدنية بعيدا عن المليشيات ووجود الجيش أصلا في السياسة.
وأضاف مضوي "أن قائد تلك القوات وهو "حميدتي" نفسه متورط في جرائم ضد الإنسانية في الحروب والنزاعات الداخلية في البلاد"، لابد من تسوية الأمر بالشكل القانوني وحل تلك المليشيات.
وأكد عضو تنسيقية الثورة، أن ما يتعلق بوضع "الدعم السريع" لا ينتظر موافقة أو رفض "حميدتي"، فقد رفض البشير شهور الإستجابة لطلب الجماهير، وفي النهاية تمت إزاحته وبقيت الجماهير، وقائد الدعم السريع هو أحد جنود البشير.
صناعة البشير
واستطردت، لا اعتقد أن تلك القوات تمثل تهديدا طالما أنها تتعامل باحترام، ويمكن تطويرها ورفع مستواها من الناحية القانونية، كل من يتحدث اليوم عن تفكيك الدعم السريع كان قابلا لتلك القوات عندما كانت تحارب التمرد في ربوع السودان وتقدم الكثير من أبنائها، تضحية من أجل وحدة البلاد.
وأكدت مصطفى أن أسر عناصر الدعم السريع لن يقبلوا بأي عملية إقصاء من القرار السياسي، وليست الدعم السريع هى القوة الوحيدة، غير النظامية، التي كانت تعمل مع الحكومة فهناك قوات أخرى في جبال النوبة، الشعوب السودانية تحتاج اليوم لخطاب بناء الثقة أكثر من أي وقت مضى.