في نيسان/ أبريل 1933، أدركت الحكومة السوفيتية أهمية المسرح الشمالي للدفاع عن الحدود البحرية للدولة، واعتمدت قرارا بنقل جزء من السفن من بحر البلطيق إلى الشمال من أجل بناء تشكيلات للقوات البحرية في هذه المنطقة. من هذه السفن، تم تشكيل أسطول البحرية الشمالية مع قاعدة في مورمانسك في خليج كولا.
بالتزامن مع إنشاء الأسطول الحربي الشمالي، تم البدء في بناء أول قاعدة بحرية في بوليارني. وتم الانتهاء من العمل الرئيسي في إنشاء القاعدة الرئيسية للأسطول في عام 1935، وانتقلت السفن الحربية من مورمانسك إلى بوليارني لتتمركز هناك بشكل دائم.
خلال الحرب الفنلندية السوفيتية في 1939-1940، قدم الأسطول الشمالي الدعم لقوات الجيش الأحمر على الأرض وعمل على توفير مسائل النقل العسكري عبر بحر بارنتس والبحر الأبيض.
مع بداية الحرب العالمية الثانية، كان الأسطول الشمالي يتكون من لواء من الغواصات الذي تكون من 15 غواصة و 33 سفينة سطحية، منها ثمانية حاملة ألغام، وسبع سفن دورية، واثنين من كاسحات الألغام، و 15 قارب دورية، وسفينة حاجز ألغام. في حين أن القوة الجوية للأسطول التي كانت تتكون من فوجين للطيران وسرب طيران واحد ضمت 116 طائرة.
في سنوات ما بعد الحرب، ازدادت قوة اسطول الشمال بشكل كبير، وأصبح يمتلك القدرة النووية وعلى حمل الصواريخ، واكتسب القدرة على حل المسائل في جميع أنحاء محيطات العالم.
وفي أيلول/سبتمبر 1955، ولأول مرة في العالم تم إطلاق صاروخ باليستي من غواصة في البحر الأبيض. وفي آذار/مارس 1959، أصبحت "كا 3 لينينسكي كومسومول" أول غواصة نووية روسية جزءاً من الأسطول، والتي قامت في شهر تموز/يوليو 1962 بعملية ناجحة تحت الجليد في مناطق خطوط العرض العليا في القطب الشمالي.
في عام 1963، قامت غواصتان نوويتان بالانتقال عن طريق البحر الشمالي من الشمال إلى أسطول المحيط الهادئ، في حين ظهرت الغواصة "كا-181"، بقيادة الكابتن الثاني يوري سيسويف، في النقطة الجغرافية للقطب الشمالي. منذ ذلك الحين، تقوم غواصات الأسطول الشمالي بمهام حملات المسافات الطويلة تحت الجليد القطبي الشمالي بشكل مستمر.
حالياً يعد الأسطول الشمالي تشكيلاً استراتيجياً متعدد التخصصات للقوات المسلحة الروسية، ويهدف إلى حماية المصالح الوطنية لروسيا في القطب الشمالي، وكذلك في مناطق أخرى من المحيطات ضمن حدود المسؤولية المحددة. ويتمركز ضمن قاعدة رئيسية في مدينة سيفيرومورسك.
في السنوات الأخيرة، يواصل البحارة في أسطول الشمال استكشاف القطب الشمالي على نطاق واسع. ولقد أصبحت رحلات سفن الأسطول الشمالي إلى جزر أرخبيل نوفوسيبيرسك ونوفايا زيماليا وأرخبيل فرانز جوزيف لاند ممارسة يومية. حيث تم إنشاء بنية تحتية عسكرية شاملة حديثة في جزر القطب الشمالي، بما في ذلك أنظمة الإضاءة عالية التقنية والفعالة التي تعمل في جميع البيئات — في الهواء وفوق الماء وتحت سطح الماء. كما تم إنشاء القيادة الاستراتيجية المشتركة على أساس الأسطول الشمالي، والتي بدأت، من الأول من شهر كانون الأول/ديسمبر 2014، في أداء المهام في القطاع الروسي من القطب الشمالي.
الرياض تفضل القوقعة الروسية عن الباتريوت الأمريكي
في واقع الأمر هناك خيبة أمل سعودية في أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية. فمنذ بداية الشهر الماضي، شن الحوثيون العديد من الهجمات الصاروخية الناجحة على أهداف عسكرية ومدنية في المملكة العربية السعودية، من اليمن المجاورة. فقد تم تدمير مروحية هجومية AH-64 من طراز "أباتشي"، وأصيبت طائرتان عموديتان أخريان بأضرار، ما تطلب ذلك إجراء إصلاحات كبيرة.
المملكة العربية السعودية أدركت أنها لن تتمتع بحياة هادئة تحت غطاء وسائل الدفاع الصاروخي الأمريكية. وبالتالي جرت مفاوضات بين الرياض وموسكو لشراء أنظمة صواريخ روسية مضادة للطائرات من طراز "إس-400"، ولكن المملكة، بضغط من الولايات المتحدة، أُجبرت على التخلي عنها.
منظومة "بانتسير-إس1" الروسية المضادة للطائرات لفتت أنظار الخبراء العسكريين في العاصمة الرياض، وذلك على خلفية المعلومات التي وصلت من أرض الميدان العسكري في الجمهورية العربية السورية. ففي الفترة من شهر نيسان/أبريل إلى أيار/مايو، زاد نشاط الإرهابيين في محافظة إدلب بشكل حاد، من خلال إطلاق القذائف والنيران على قاعدة حميميم العسكرية الروسية. وهنا بدت أهمية منظومة "بانتسير-إس1"، التي وفرت الحماية بنسبة 100 في المئة، من خلال اعتراضها جميع قذائف الإرهابيين.
على خلفية هذه التطورات أصبحت آفاق بيع منظومة الدفاع الروسي الأحدث "إس-500"، في العالم أكثر رواجاً. كنا قد أشرنا إلى إن الولايات المتحدة، مستمرة في محاولة تعطيل شراء تركيا منظومة الدفاع الجوي الروسية "إس-400". ومع ذلك، فمن المستبعد أن يقدّم الزعيم التركي رجب طيب أردوغان التنازلات. لا بل، أعرب مؤخرا عن رغبته في امتلاك منظومة بروميثيوس "إس-500" الروسية الأحدث.
المنظومة "بروميثيوس"، قد تجذب الصين ويمكن للمملكة السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر أن تنضم إلى قائمة الراغبين في شراء هذه المنظومة. السعودية والإمارات، لحماية أراضيهما من إيران. أما قطر، فكثيراً ما تشتري أسلحة باهظة الثمن ليس للدفاع، إنما كأوراق سياسية.
انطلاقا من المعلومات المتوفرة، يمكن استخدام "إس-500"، ضد الأقمار الاصطناعية وضد الصواريخ، إضافة إلى وظيفتها المضادة للطائرات. لكن المشكلة تكمن في أن منظومة "إس-500" تحتاج إلى غطاء متطور. فهي ينبغي أن تكون عنصرا في نظام دفاع جوي متعدد المستويات. بحيث يتم وضع "بروميثيوس" في الخدمة مع "إس-400" و "إس-300" و"بوك" و"تور" و"بانتسير" وغيرها من المنظومات الأخرى. بعبارة أخرى يمكن تدمير "إس-500" بسهولة، من خلال وسائط هجومية بسيطة نسبيا، إذا لم يتم توفير الغطاء من منظومات قصيرة ومتوسطة المدى.
الناتو من دون أمريكا بالون يمكن فارغ أمام روسيا
يتساءل الخبراء العسكريون هل يمكن لحلف شمال الأطلسي أن يصمد في وجه روسيا إذا ما نشبت حرب بينهما في حال انسحبت الولايات المتحدة من الناتو؟
يشير أحد السيناريوهات المحتملة إلى أن روسيا ستحاول خلال عامين إنشاء ممر يربط البلاد بجيب كالينينغراد — المنطقة التي لا يربطها بالبر الروسي حدود مشتركة. وفي هذه المناسبة نذكر مستمعينا الكرام إلى إن اسمها الأصلي كونيغسبرغ بالألمانية، والتي كانت عاصمة لدولة الفرسان التوتونيين، دوقية بروسيا، و مقاطعة بروسيا الشرقية الألمانية. وذلك بالطبع قبل أن يجري تغيير اسمها إلى كالينينغراد في عام 1946 بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وهزيمة ألمانيا النازية حيث تم طرد الألمان من هناك. وقد سميت على اسم ميخائيل كالينين، الرئيس الأسبق للاتحاد السوفيتي.
على كل، في هذه الحالة، ستضطر الدول الأعضاء في حلف الناتو إلى إعداد رد عسكري على الجيش الروسي، لكن بالكاد يمكن الرهان على النجاح في هذا الأمر. وذلك بسبب مواجه الحلف الأطلسي مشكلات جدية.
الحديث يدور عن أن شمال الأطلسي لن يتمكن من حشد القوة المطلوبة لتوفير مقاومة لائقة. فلدى الحلف، في الوقت الراهن، ما يسمى بقوات الاستجابة أو الردع، وقوامها لا يتجاوز فرقة واحدة. في حين يتعين على الناتو، من أجل مقاومة الوحدات الروسية المدرعة، نشر ما لا يقل عن أربعة فيالق وألوية ميكانيكية مزودة بعدد كبير من المركبات المدرعة.
جنرالات حلف شمال الأطلسي يذكّرون بأن القسم الأكبر من الناتو يفتقر إلى ذخيرة كافية، وأن تزويد الحلف كاملا بالمعدات اللازمة، يحتاج إلى 357 مليار دولار. وبالتالي إذا انسحبت الولايات المتحدة الامريكية من الحلف، فسوف يعاني من هزيمة كاملة في حرب محتملة مع روسيا الاتحادية في أيامها الأولى.
على كل حال تنوي وزارة الدفاع الأمريكية زيادة عدد الوحدات العسكرية في بولندا بما لا يقل عن ألف شخص. وبحسب البنتاغون فإن المفاوضات بين واشنطن ووارسو حول توسيع الوجود العسكري الأمريكي في بولندا على وشك الانتهاء. فبالإضافة إلى زيادة عدد القوات العسكرية، من المخطط أيضاً رفع مستوى التسليح ومعدات الحربية وإنشاء مركز تدريب مشترك.
نذكر مستمعينا الكرام أنه تم توقيع اتفاقية للتعاون العسكري في 12 حزيران/ يونيو خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى بولندا. حيث طلبت وارسو من واشنطن زيادة عدد القوات على أراضيها بسبب ما أسمته بالتهديد الروسي المزعوم. في إشارة إلى إن عدد القوات الآن في بولندا، حوالي 4 آلاف جندي أمريكي.