وجاء هذا البيان بما لا يتناسب مع ما سبقه من تحضيرات وضجة إعلامية، وبما ترافق مع تظاهرات وحالة رفض شعبي ورسمي في العديد من الدول العربية، وغياب الأمم المتحدة وروسيا وفلسطين.
المخرجات والنتائج
وعن أهم ما نتج من هذه الورشة والأهداف المرجوة من انعقادها، تحدث "لسبوتنيك" المحلل السياسي الفلسطيني أليف الصباغ، ويقول: أعتقد أن الورشة لم تحقق أي من أهدافها، لأنها بعيدة المدى، وكل ما تحقق هو دق إسفين بين السلطة الفلسطينية وبعض الأنظمة العربية، وكشف العلاقة التي كانت تحت الطاولة بين إسرائيل وبعض الأنظمة العربية، بضغط أمريكي أو إسرائيلي، وهو إنجاز لإسرائيل من دون شك، ولنتنياهو يستطيع أن يتفاخر به أمام الناخبين الإسرائيلين.
ويتابع الصباغ: الأهم بنظر الإسرائيلين هو التخلي العربي العلني عن القضية الفلسطينية، وبالتالي يأملون بأن يكون ذلك مؤثرا على الفلسطينين ليستسلموا، وهناك بعض المسؤولون الإسرائيليون يستغربون لماذا لا يستسلم الفلسطينيون، وهم لا يعلمون بأن المسألة ليست قضية مال أو استثمار، إنما هي مسألة قضية شعب، يسعى لكي يكون حرا وسيدا في وطنه كما هي كل الشعوب.
أما أستاذ العلوم السياسية في العاصمة الفرنسية الدكتور عماد حمروني فيعتقد بأنها لم تحقق كل ما كان يطمح إليه كوشنر، ويكمل: الورشة بانعقادها حققت أهم هدف ألا وهو الإعلان عن التطبيع بين الدول العربي المعنية ودولة إسرائيل، وهذا الأمر يكفي، والشيء الثاني هو العرض الاقتصادي الهزيل جدا الذي قدمته الولايات المتحدة الأمريكية، لأن الكثير من الأطراف كانت تنتظر عرضا أفضل من هذا بكثير.
ويكمل: تصور الولايات المتحدة أو تصور كوشنر وترامب هو بعيد جدا عن حقيقة المسألة الفلسطينية، فلا نستطيع حل المسألة الفلسطينية بخمسين مليار دولار، وهذا ينم عن غياب فهم الدبلوماسية الأمريكية، لذلك الورشة حققت فقط الهدف الإعلامي ولم تعطي النتائج المرجوة.
زيادة الانقسام العربي
يرى المحلل الفلسطيني الصباغ، بأن الورشة ستزيد من الانقسام العربي، ويقول: بعض الأنظمة المشاركة، شاركت رغما عنها بضغط من الولايات المتحدة، وهم غير راضين عن هذه الورشة، والأمر الأهم هو أن الشعوب العربية غير راضية عن الورشة.
ويواصل: هذا أمر غريب لم يحدث في التاريخ، أن تبيع وطنك لعدوك، وتدفع أنت الثمن، وهنا أعتقد أن الشعوب العربية لو تحركت ستفشل كل شيء، وستقلب الطاولة على هؤلاء.
أما الدكتور حمروني فيرى أن الانقسام موجود قبل الورشة وسيبقى، ويضيف: عدم حضور الفلسطينين يدل على وحدة قرار الصف الفلسطيني حول المشاركة في ورشة المنامة، والانقسامات العربية سابقة لهذه الورشة، وبالتالي ما نراه اليوم من انقسام خول الورشة ينم عن ضعف القرار العربي على مستوى قضاياهم الداخلية، أو على القضية الفلسطينية.
ويستدرك: الانقسام العربي كان موجودا قبل الورشة وسيبقى بعدها، لكننا ربما سنرى المتغيرات في الأردن أو لبنان أو حتى على المستوى المصري، وسنرى كيف ستتعامل هذه الدول مع ما طرحه كوشنر.
الخطوة القادمة
يرى أليف الصباغ بأن الولايات المتحدة ستعمل على إضعاف السلطة الفلسطينية لتمرير مشروعها، ويواصل: كانت هناك حملة إعلامية كبيرة، والولايات المتحدة انتقت الصحفيين للمشاركة في ورشة المنامة، بما في ذلك الصحفيين الإسرائيلين، بهدف شن حملة إعلامية مكثفة على السلطة الفلسطينية، وعلى رئيسها بشكل خاص.
ويكمل: لدي معلومات تقول أن الولايات المتحدة خصصت 3 مليار دولار لفتح ملفات الفساد لدى السلطة الفلسطينية وتوجيه تهم لرئيس السلطة، ورعاية 20 شخصية من أصحاب المال ووسائل الإعلام الفلسطينين، حتى تثير الشعب على السلطة، وبموجب هذه المعلومات الولايات المتحدة تريد التخلص من محمود عباس خلال 10 أشهر.
أما أستاذ العلوم السياسية فيرى أن المشكلة هنا في الثقة، وأن هذه الورشة قد تكون مفيدة من ناحية ما للفلسطينين، ويتابع: هناك عدم ثقة بين كافة الأطراف، فلا الطرف الإسرائيلي يثق بالفلسطينين، ولا الفلسطينيون يثقون بالأمريكي والإسرائيلي، لذلك هناك أزمة ثقة كبيرة جدا، بسبب ما يعانيه الفلسطينيون قبل أوسلو وبعدها، ولم تحقق القضية الفلسطينية أي قضية.
ويختم قائلا: هذه الورشة ربما تعيد الوحدة في الصف الفلسطيني، على المستوى السياسي بين الضفة والقطاع، وكوشنر تكلم على أن أسبقية الحل الاقتصادي مهمة جدا، لتقريب وجهات النظر السياسي، وبالتالي هو يتكلم من خلال تجربته كرجل أعمال، لكن كسياسي أو دبلوماسي هو بعيد جدا عن حل المسألة الفلسطينية، لأن القضية الفلسطينية تجاوزت حتى الفلسطينين وأصبحت قضية عربية ودولية بامتياز.