بعد الثورة وكما في المشهد السياسي، تأسست آلاف الجمعيات حتى أن المجتمع اليوم بمجمعياته ومنظماته أصبح يحتوي على أكثر من 18 ألف جمعية تأسس جلها بعد الثورة، جمعية "فني رغما عني" واحدة من الجمعيات في تونس التي نجحت في البقاء ونجحت أيضا في ترك بصماتها في عدد من المجالات التي تتعلق بالفن، وأصبحت بذلك مولود الثورة الذي يفخر به مؤسسوه.
كيف تأسست "فني رغما عني"؟
سيف الدين الجلاصي شاب تونسي، كان أحد شباب ثورة 14 يناير/ كانون الثاني، وكان أحد الحالمين أيضا بما بعد 14 من يناير، بمجتمع مثقف وواعي ودولة مدنية وحياة سياسية ديمقراطية.
يقول سيف الدين رئيس الجمعية في حديثه لسبوتنيك أن الجمعية تأسست من فكرة الاحتجاج، حيث كان جميع المبدعين يتواجدون في الاعتصامات و قررنا أن نطور أساليب الاحتجاج من اعتصام ووقفة إحتجاجية إلى عرض مسرحي في الشارع أو ورشة رسم للإحتجاج ضد شيئ ما" .
برنامج ثقافي ثري
تحتوي جمعية "فني رغما عني" ثلاثة أقطاب: القطب الأول وهو قطب التدريب والتوزيع ويعنى بتدريب الشباب على فنون الفرجة والعرض و على فنون الشارع وفيه يصبح الشباب قادرا على إنتاج أعمال فنية ومسرحية مختلفة.
هذه الإنتاجات الفنية المختلفة نقوم في نهاية المطاف بتوزيعها على المهرجانات الثقافية، يعتني القطب الثاني بالإدارة الثقافية وفيه يتدرب الشباب الذي يلتحق بالجمعية على كتابة المشاريع الثقافية وعلى أساليب الخطابة والإقناع وعلى التفاصيل الإدارية منها القدرة كتابة طلبات تمويل.
والأخير قطب "خلايا" ويجيب هذا القطب على سؤال: إلى أي مدى يمكن للثقافة أن تغير المجتمع؟ بدأ هذا القطب نشاطه في 2019 وينتهي في 2021 و يهدف القطب إلى مساعدة الشباب الذين خضعوا إلى تدريب على تكوين خلايا ثقافية في مناطقهم .
هل نجحت "فني رغما عني" في تحقيق أهدافها؟
يقول رئيس الجمعية سيف الدين الجلاصي إن الجمعية أصبحت مؤسسة قائمة بذاتها منذ 2013 بعد أن كانت مجرد إئتلاف، وهذا في حد ذاته نجاح خلق ثقة لدى شركائنا في الداخل و الخارج، يضيف سيف "اعتمدت الجمعية على الخطاب البديل، كيف يمكن تحسيس الناس بحقوقهم ونشر الوعي من خلال الفن والمسرح والترفيه، ابتعدنا عن الخطاب الممل الكلاسيكي السياسي المضجر وخلقنا رسائل داخل إهتمام الشباب، داخل المسرح والفن والثقافة والترفيه".
أصبحت فني رغما عني جمعية لها وزن في المجتمع المدني بالنظر إلى العمل المتواصل التي تقوم به، كما أنها تحتل المراتب الأولى في المجتمع المدني في تونس في عدد النشاطات وعمق المشاريع التي تنجزها والنتائج التي تحصل عليها كما امتلكت الجمعية سمعة جيدة في المجال الثقافي.
كما حصلت على جائزة "الناشطين المستقلين" وتأتي الجائزة في إطار مهرجان لفنون الشارع يتم تنضيمه في النمسا إضافة إلى عدد كبير من الجوائز والتكريمات الأخرى.
أصبح المجتمع المدني اليوم في تونس سلطة رقابة وقوة موازية وفي قوته ضمان للديمقراطية وضمان لحقوق الإنسان، لكن "فني رغما عني" اختارت مجالا يعتبر معطوبا في جميع أنحاء العالم العربي و هو مجال الوعي والثقافة ورغم المصاعب التي واجهتها إستطاعت فني رغما عني الوصول إلى نتائج جيدة من خلال تكوين جيل جديد من الشباب الواعي والذي يعتمد على الفن والثقافة حتى في الاحتجاج.