وأعاد البلدان فتح معبر "جابر – نصيب" الحدودي في 15 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، فيما دعا رئيس مجلس النواب الأردني، عاطف الطراونة، رئيس مجلس الشعب السوري حمودة صباغ، إلى حضور أعمال مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي الذي عقد في عمان في مارس/ آذار الماضي.
ودعا رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأردني نضال الطعاني، أمس ، إلى إعادة العلاقات بين الأردن وسوريا إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الأزمة السورية في عام 2011، وتفعيل اللجان المشتركة بين البلدين.
مطالب نيابية أردنية
وأكد الطعاني خلال لقاء أعضاء لجنة الشؤون الخارجية بالقائم بالأعمال السورية في الأردن، شفيق ديوب، أهمية العلاقات التاريخية والتجارية التي تربط البلدين، وأهمية إعادتها إلى ما كانت عليه قبل الأزمة السورية عام 2011.
كما أكد ضرورة تفعيل اللجان المشتركة بين سوريا والأردن، وتحديدًا الاقتصادية منها، وحل القضايا العالقة، ولا سيما الرسوم المفروضة على الشاحنات الأردنية التي تدخل الأراضي السورية وملف المياه ونقل البضائع.
وشدد الطعاني على أهمية استمرارية فتح الحدود بين البلدين لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين، مشيرًا إلى أنه "لا يمكن أن نكون بعيدين عن سوريا، ولا يمكن أن تكون سوريا بعيدة عنا"
من جهته، دعا ديوب إلى "تفعيل اللجان المشتركة لمصلحة البلدين الشقيقين، وتبادل الزيارات وتشكيل لجان مشتركة لبحث ملف اللاجئين السوريين في المملكة".
وأعرب ديوب عن "تقديره لدور الأردن بمنع تسلل الإرهابيين لسوريا، وتحمله عواقب اللجوء السوري، ما شكل ضغطًا على بنيته التحتية والمياه والطاقة وغيرها"، مشيرًا إلى أن "بلاده اتخذت كل الإجراءات لعودة اللاجئين السوريين لأراضيها"، كما أكد "حرص بلاده على تطوير العلاقات مع الأردن وإعادتها إلى ما كانت عليه".
وفي ختام اللقاء وجه ديوب الدعوة إلى مجلس النواب ولجنته الخارجية لزيارة سوريا.
رد سوري
محمد خير عكام، عضو مجلس الشعب السوري، وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق، قال إن "مطالب مجلس النواب الأردني من الحكومة ضرورة إعادة العلاقات مع سوريا، مطلب شعبي ملح".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "الأردن تحديدًا بها أصداء شعبية قوية، مؤيدة معظمها لإعادة العلاقات مع سوريا، وأصبحت مطالب ضاغطة على الحكومة الأردنية".
وأكد أن "مطالب البرلمان الأردني تشبه دعوات عودة سوريا للجامعة العربية التي سمعناها كثيرًا، لكن لا يتم تنفيذها على أرض الواقع، ويبدو أن هناك ضغوطًا تمارس على الأردن وغيرها من الدول تمنعهم من إعادة العلاقات مع دمشق".
وأشار البرلمان السوري إلى أن "الكرة باتت في ملعب الحكومة الأردنية، فسوريا لم تقم بقطع أي من علاقاتها مع الدول العربية".
وبشأن طبيعة العلاقات السورية الأردنية، قال إن "مصالح مشتركة ومتشابكة، وأعتقد أن إعادة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية تصب في صالح عمان، قبل مصلحة دمشق".
وأنهى حديثه قائلًا: "على الحكومة الأردنية أن تفكر جيدًا، وأن تقدم مصالح الشارع الأردني على أية مصالح أخرى".
مساعي أردنية للتقارب
من جانبها قالت الدكتورة نادية سعد الدين، الكاتبة الأردنية والباحثة في العلوم السياسية، إن "دعوة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب لإعادة العلاقات بين الأردن وسوريا إلى ما كانت عليه قبل الأزمة السورية عام 2011، تأتي بعد سلسلة خطوات معتبّرة اتخذها الجانبان للإبقاء على خط عمّان- دمشق مفتوحًا، إلا أنها لم تكن بالمستوى المطلوب إزاء تذبذب وتيرتها، ووجود ملفات عالقة لا تزال تمثل عوائق كابحة أمام تعزيز العلاقات بين الجانبين".
وأضافت في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "العلاقات الأردنية – السورية خطت في الفترة الأخيرة قفزات مهمة في سياق تحسينها وتطويرها، وفق قاعدة أردنية ثابتة تقضي بدعم الحل السياسي للأزمة السورية".
وتابعت: "تمثل ذلك في دعوة رئيس مجلس النواب الأردني للبرلمان السوري إلى مؤتمر اتحاد البرلمان العربي، الذي عقد بعمان في آذار (مارس) الماضي، بعد سنوات من غياب المقعد السوري عن اجتماعات الاتحاد، إثر تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية، كما أعاد البلدان فتح معبر جابر- نصيب الحدودي الرئيسي بينهما، في 15 تشرين الأول (أكتوبر) 2018، بعد نحو ثلاث سنوات على إغلاقه، حيث يعدّ الأردن بين دول عربية قليلة أبقت على علاقاتها واتصالاتها مع سوريا، بعد اندلاع الأزمة فيها عام 2011".
كما قام الأردن – والكلام لايزال على لسان الدكتورة نادية- الذي يستضيف في أراضيه أكثر من 1.3 مليون لاجيء سوري، بينما تقدر الأمم المتحدة عدد المسّجلين لديها منهم بنحو 650 ألفًا، برفع تمثيله الدبلوماسي مع سوريا إلى درجة قائم بالإعمال بالإنابة كخطوة تثبت حسن نواياه، قابلها النظام السوري بالمشاركة البرلمانية في المؤتمر البرلماني العربي.
ومضت قائلة: "أما على المستوى الاقتصادي؛ فقد بلغت قيمة الصادرات الأردنية، وفق بيانات رسمية، 13.9 مليون دولار في 2016، أما الصادرات الأردنية لسوريا، فقد بلغت حوالي 19.5 مليون دولار في 2016".
وأشارت إلى "استمرار التقارب الثنائي بتوجه وفد أردني إلى دمشق للبحث في إمكانية إعادة استخدام شركات طيران أردنية في المجال السوري، ووصلت دعوات التقارب بدعوة وزير الزراعة والإصلاح الزراعي السوري، أحمد القادري، ضرورة إعادة وتطوير العلاقات في التبادل الزراعي".
وبشأن أهمية إعادة العلاقات، قالت: "لاشك أن عودة العلاقات الطبيعية بين البلدين تشكل منفعة متبادلة، إذ يعوّل الأردن على إعادة فتح المعبر الحدودي المشترك لاستتئناف تدفق التبادلات التجارية والاقتصادية الثنائية، بعدما بلغت حجم خسائره، جراء الأزمة السورية، حوالي 12.37 مليار دولار، وفق المعطيات الرسميّة الأردنية".
وتتطلع عمان للمشاركة في مرحلة إعادة الإعمار بسورية؛ إذ وجهت غرفة تجارة عمّان دعوةً لبناء شراكاتٍ بين القطاعين الخاصين الأردني والسوري، لوضع آلية تمكن الأردن من أن يصبح أحد المراكز اللوجستية لنقل البضائع خلال الإعمار.
عوائق كبيرة
وعن توقعها بشأن رد الفعل الحكومي، استطردت الكاتبة الأردنية بالقول: "يبدو أن الأردن حذر إلى حد ما، في الإقبال على العلاقة مع سوريا، ضمن مستواها الرسميّ، مع الإبقاء عليها ضمن منسوب يسمح بإدارة الوضع الراهن بما يتلائم مع المصالح والتحالفات الأردنية الإقليمية والدولية، وذلك بالإنسّجام مع العلاقة الأردنية مع كل من الولايات المتحدة وبعض الدول الخليجية، لاسيما المملكة العربية السعودية".
وأكملت: "يزيد من ذلك؛ وجود عوائق حادة أمام وتيرّة التنسيق المشترك، إزاء ملفات لا تزال شائكة بين الجانبين، ومن أبرزها ملف المعتقلين الأردنيين في سوريا، والذين يقدر عددهم، رغم المخاطبات الرسمية المتكررة، نحو ثلاثين شخصا، أفرج عن سبعة منهم، ومن المرجح أن يشكل هذا الملف عائقاً، في حال عدم حله، أمام رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي الأردني في سوريا".
"كما يقف ملف اللجوء السوري في الأردن عائقًا آخر أمام الجانبين، حيث يشكل هذا الملف تحديًا كبيرًا بالنسبة للمملكة، بالرغم من تأكيد استعدادها لمساعدة السوريين المتواجدين على أراضيها من أجل العودة لوطنهم، حيث بلغ عدد العائدين منهم نحو 11198 لاجئا وفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إلا أن الأردن يؤكد على أن "العودة" طواعية ولا يمكن إجبار أي لاجئٍ عليها".
وأنهت حديثها قائلة: "بالإضافة إلى إشكاليات عالقة؛ تتمثل في الرسوم المفروضة على الشاحنات الأردنية التي تدخل الأراضي السورية وملف المياه ونقل البضائع، حيث لا تزال العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري ببن الجانبين تخضع إلى جملة مفاعيل سياسية وأمنية واقتصادية وتداخلات خارجية وضغوطات، قد تكبح من عملية الاندفاع نحو علاقات طبيعية ببن البلدين، ما لم يتم تجاوزها لتحقيق المنفعة والفائدة المرجوة منها لكلا الجانبين".
ويعد الأردن من بين الدول العربية، التي أبقت على علاقاتها واتصالاتها مع سوريا عقب اندلاع الأزمة السورية سنة 2011.