الأمر الذي دفع بعضهم إلى دق ناقوس الخطر خاصة وأن هذه النتائج قد وضعت بعض الأحزاب في موقف محرج بعد عزوف الناخبين عن اختيارها ويبدو أن هذه الانتخابات قد شجعت فئات واسعة من المجتمع التونسي إلى تقديم ترشحاتهم للهيئة العليا المستقلة للانتخابات عبر قائمات مستقلة.
أكثر من نصف القائمات مستقلة
تتسابق للانتخابات التشريعية التونسية لسنة 2019 التي سينبثق عنها المجلس النيابي القادم والذي يضم 217 نائبا، حوالي 1592 قائمة، تتوزع بين 695 قائمة حزبية و707 قائمة مستقلة و190 ائتلافية.
وسجل عدد مرشحي الأحزاب تراجعا لصالح المستقلين مقارنة بسنة 2014، وهو ما اعتبره عدد من المتابعين مؤشرا على فشل الأحزاب طوال الخمس سنوات الماضية في جذب المواطنين.
خليل (35 سنة) رئيس قائمة مستقلة تحمل "اسم حراس البلاد" عن دائرة أريانة يقول أنه قرر خوض غمار الانتخابات التشريعية ضمن قائمة مستقلة رفقة فريق من الشباب بسبب الفشل الذي خلفته الأحزاب على جميع هياكل الدولة.
يضيف خليل في تصريح لـ"سبوتنيك"، قائلا "قدمنا ترشحنا لنرتقي بتونس إلى مستوى انتظارات الضعيف ثم القوي، الفقير، للجميع على اختلاف توجهاتهم وأفكارهم سنسعى إلى تحقيق دولة يحترم فيها المواطن.. يحترم فيها الإنسان.. تونس تستحق أن يأخذ شبابها بزمام الأومور.. لبينا نداء الوطن.. نداء الواجب.. سنرمم ما هدم، نبني ما ينقص و نبتكر و نبدع لإعلاء راية الوطن".
عزوف الشباب عن العمل السياسي
لا يتجاوز عدد الشباب التونسيين المشاركين في الأحزاب السياسية عتبة الـــ 3 بالمائة، فيما لم تتجاوز مشاركته في الانتخابات التشريعية كناخب عتبة 11 بالمائة، وللمشكلة جذور قديمة جدا منذ عهد النظام السابق الذي لم يعترف بالتعددية الحزبية والسياسية ما دفع بشباب تونس إلى عزوف السياسة.
بعد ثورة 2011 عرفت الساحة السياسية مشاركة لافتة من قبل االشباب و لكن بعد إنتخابات 2011 و بسبب التراجع الاقتصادي وانهيار المقدرة الشرائية للمواطن وإرتفاع نسبة البطالة زادت نسبة عزوف الشباب عن العمل السياسي.
تقول ياسمين إحدى فتيات محافظة سيدي بوزيد اللواتي ينتمين إلى حزب الجبهة الشعبية أن مشكلة العزوف معقولة جدا بالنظر إلى ما خلفته الأحزاب الحاكمة في تونس من فساد ومشاكل إقتصادية واجتماعية.
تتابع ياسمين في تصريح لسبوتنيك "إن السياسة اليوم في تونس نحن لم نعد نتحدث عن عزوف الشباب عن العمل السياسي بل أصبحنا نتحدث عن عزوف حتى السياسيين الآن عن ممارسة السياسية".
قائمات شبابية تعيد الأمل
تمثل فئة الشباب ما بين 18 و 40 سنة نسبة 60 % من كتلة الناخبين التونسيين وبين سبر الآراء أجرته منظمة "أنا يقظ" في سنة 2016 أن 69 % من الشباب أعربوا عن عدم ثقتهم في الأحزاب السياسية، فيما أعرب 55 % من الشباب عن عدم ثقتهم في مؤسسة رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، كما أعرب أكثر من 60 % من الشباب عن عدم نيتهم المشاركة في الانتخابات.
وائل تليلي (28 سنة) أحد شباب محافظة القصرين غربي البلاد، دفعته فرصة العمل التي وجدها إلى الانتقال والعيش في العاصمة تونس، لم يسجل وائل في أي من الانتخابات الماضية بسبب عدم اهتمامه بالشأن السياسي لكنه قرر قبل الانتخابات بمدة التسجل من أجل المشاركة في الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها والانتخابات التشريعية وعن هذا التغير الفجائي في موقفه يقول وائل في تصريح لسبوتنيك "عند مجيئي إلى العاصمة بدأت أستوعب الأمر وبدأت أفهم أهمية صوت الناخب وبدأت أدرك أن صوتي مهم جدا، هناك في القصرين لا تفوم مؤسسات الدولة بدورها ليس هناك اية حملات توعوية و ليس هناك أي مجهود يبذل "يواصل وائل حديثه بحماسة" أعتقد أن إختياري سيكون المستقلين سواء في التشريعية مثلما كان اختاري للمستقلين في الرئاسية أعتقد أنه أن الأوان لأعطاء المستقلين من الشباب فرصة، والقائمات الشبابية ستعيد الأمل في الثورة ".
تراجع الأحزاب في الانتخابات البلدية من ثم الانتخابات الرئاسية كان وراءه اتجاه فئات واسعة من المجتمع إلى العمل السياسي المستقل والذي أعطى ثماره في الانتخابات البلدية . واليوم أكثر من 700 قائمة مستقلة في الانتخابات التشريعية لسنة 2019 دخلت المعترك الانتخابي فهل يمكن للمستقلين أن يكونوا بديلا للأحزاب في العمل السياسي وضمان الديمقراطية ويساهموا في إرجاع الثقة في الطبقة السياسية لدى نسبة كبيرة من التونسيين.