وتشير كل الدلائل إلى أن الرئيس الأوكراني الجديد زيلينسكي أقدم على خطوات تنحو إلى إحلال السلام في منطقة دونباس ووقف الحملة العسكرية التي شنها نظام الحكم الأوكراني على هذه المنطقة التي تمرد أهاليها على انقلاب وقع في العاصمة الأوكرانية كييف في عام 2014.
وكشف الرئيس زيلينسكي عن هذه المبادرة، في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2019، حين وقع ممثل أوكرانيا على اتفاقية هامة تندرج في إطار "اتفاقيات مينسك" الهادفة إلى إنهاء الحرب في الشرق الأوكراني، تعرف باسم "صيغة شتانماير".
بادرة السلام
اضطر الرئيس الأوكراني الأسبق بوروشينكو إلى توقيع اتفاقيات مينسك في عام 2016 عقب انهزام الجيش الأوكراني أمام المدافعين عن جمهوريتين شعبيتين أعلنهما المنتفضون ضد "انقلاب كييف" هما جمهورية دونيتسك وجمهورية لوغانسك. غير أن الرئيس الأوكراني الأسبق لم يعمل على تنفيذ الاتفاقيات المذيلة بتوقيع ممثله، بل عمل على إحباط عملية السلام من منطلق الأمل في تسوية المشكلة التي تواجه نظام الحكم الأوكراني من خلال سحق الجمهوريتين الشعبيتين واستعادة السيطرة على منطقة دونباس بالقوة.
ومن أجل تحريك عملية السلام في الشرق الأوكراني من نقطة الجمود اقترح شتاينماير، وزير سابق للخارجية الألمانية، حلاً يتضمن منح دونباس وضعا خاصا متميزا بعد إجراء انتخابات حرة في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك.
واعتبر خبراء أوكرانيون من مؤيدي الحل السلمي توقيع "صيغة شتاينماير" بمثابة بادرة الأمل في إحلال السلام في الشرق الأوكراني. وعبر أحدهم – بوندارينكو – لوسائل الإعلام عن اعتقاده بأنه لم يعد بإمكان "حزب الحرب" منع الرئيس زيلينسكي من تحقيق هدفه، ولا بد من هزيمة "حزب الحرب" إذا لم تشهد كييف مظاهرات حاشدة للمتطرفين في الأيام القليلة المقبلة.
روسيا
رحب مسؤولون وخبراء روس بتوقيع "صيغة شتاينماير" كبادرة هامة للأمل في إنهاء معاناة سكان منطقة دونباس من ويلات الحرب الذين توفر لهم روسيا شتى أشكال الدعم. وتجدر الإشارة إلى أن غالبية سكان منطقة دونباس من الناطقين باللغة الروسية.
ولفت السيناتور الروسي أليكسي بوشكوف إلى أن توقيع "صيغة شتاينماير" يمهد لاجتماع "رباعية نورماندي" (روسيا، ألمانيا، فرنسا، أوكرانيا) لمناقشة خطوات لاحقة نحو حل النزاع في الشرق الأوكراني.
المعارضة
أغضب نبأ توافق الأطراف المعنية بإنهاء الحرب في شرق أوكرانيا المعارضين الأوكرانيين من دعاة مواصلة الحرب. ووصف الرئيس الأسبق بوروشينكو صيغة الحل المتفق عليه بـ"صيغة بوتين" (الرئيس الروسي بوتين)، مشيرا إلى أن قبول هذا الحل يعني "إضعاف أو رفع العقوبات ضد روسيا" (المقصود بالعقوبات هي الإجراءات التي اتخذها الغرب ضد روسيا لإجبارها على التوقف عن معارضة نظام الحكم الأوكراني الجديد الموالي للغرب).
بدورهم اتهم المتطرفون الأوكرانيون الرئيس زيلينسكي بالخيانة ودعوا إلى تنظيم المظاهرة الاحتجاجية المتواصلة ضد "الاستسلام". وتظاهر عدد قليل من المتطرفين قبالة مكتب الرئيس زيلينسكي في مساء 1 أكتوبر، مطالبين برفض "الاستسلام".