القراءة المتأنية لبنود المذكرة، يظهر الجهد الكبير الذي بذلته موسكو في مفاوضاتها لإشراك الحكومة السورية والجيش السوري في العمليات الحدودية الشمالية، بداية من الاتفاق السابق الذي رعته بين دمشق والأكراد من جهة، والذي أدخل الجيش السوري المناطق الشمالية الشرقية بدون "قطرة دم واحدة" وصولا إلى المذكرة التي وقعتها موسكو مع أنقرة، والتي يظهر فيها جليا الدور الذي ستلعبه الحكومة السورية، في إدارة مناطق الشمال.
الحسكة تعود لدمشق.. الجيش السوري سيصل دجلة
بحسب بنود مذكرة الاتفق الروسي التركي، فإن حرس الحدود السوري سيصل إلى الحدود الشرقية الشمالية لسوريا، وأنه سيعمل مع الشرطة العسكرية الروسية، على ضمان عدم وجود وحدات كردية في المناطق الحدودية بعمق 30 كم، أي أن الانتشار السوري على الحدود سيشمل كامل الحدود باستثناء المناطق الحالية التي وصلت إليها عملية "نبع السلام"
أي أن انتشار حرس الحدود السوري والشرطة العسكرية الروسية، سيشمل تقريبا كامل الحدود الشرقية لمدينة الحسة وصولا إلى نهر دجلة، وهي أكثر مناطق سوريا غنى بثرواتها النفطية والزراعية وفيها أهم حقل نفطي سوري "حقل رميلان" الشهير، بالإضافة إلى الحقول النفطية في جنوب الرقة، مايبشر بتحسن اقتصادي قريب في سوريا.
موسكو "تجمد" عملية نبع السلام
الملفت أن جميع التصريحات التي خرجت من تركيا في الأمس واليوم، تؤكد على عدم حاجة لعمليات عسكرية جديدة في الشمال السوري، أي أن المذكرة استطاعت تلبية رغبة تركيا إبعاد وحدات حماية الشعب جنوبا (30كم) وضمان أمنها الداخلي، وبالتالي حصر عملية "نبع السلام" في المناطق التي وصلتها تركيا في الشمال بين مدينتي عين عرب ورأس العين، بامتداد يقدر بحوالي 120كم وبعمق 32كم، أي تخفيض منطقة "نبع السلام" من مساحة تقدر بـ 22 ألف كم2 إلى أقل من 4 ألاف كم2.
الشيء المؤكد والذي تم تضمينه في البنود الأولى هو وحدة وسلامة الأراضي السورية، ومنع أي محاولة أو عملية انفصالية في المنطقة، وهو ما طالبت به دمشق مرارا، ليطفو على السطح السؤال الذي يراود الجميع؛ ما هو مصير إدلب وشمال حلب، وهل تحمل الرشقة المدفعية التي نفذت أمام الرئيس الأسد في الأمس بين نيران "مقذوفاتها" رسائل إلى تركيا بقرب العمليات العسكرية؟ ربما ستجيب الأيام القادمة عن ذلك.