وفي خطوة هامة، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، استعداده للتوسط بين مصر وإثيوبيا لحل أزمة سد النهضة، الأمر الذي طرح عدة تساؤلات مفاداها: "إلى أي مدى قد تنجح المبادرة الروسية في حلحلة أزمة مياه النيل، وهل يمكن لمصر وإثيوبيا وكذلك السودان القبول بها من أجل تقريب وجهات النظر؟".
وساطة روسية
وقال الكرملين، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أعلن اليوم الخميس، استعداده للتوسط بين مصر وإثيوبيا لحل أزمة سد النهضة.
جاء ذلك بالتزامن مع حضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد قمة "روسيا - أفريقيا" في مدينة سوتشي الروسية.
وأيد بوتين، إجراء منتدى لمناقشة شؤون السلام والتنمية، المزمع عقده في ديسمبر/كانون الأول في مصر، وقال بوتين خلال قمة: "روسيا ــ أفريقيا": "إنها فكرة رائعة، من دون شك نحن نؤيد عقد مثل هذه الفعالية".
ويناقش منتدى شؤون السلام والتنمية عدة محاور، ثقافية أو اقتصادية وحتى فنية، إلى جانب التأكيد على عمق الأواصر التاريخية والجغرافية التي تجمع مصر بمحيطها العربي والأفريقي.
ترحيب مصري
تامر الشهاوي، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري، قال إن "المبادرة الروسية مهمة، في ظل حجم روسيا كدولة كبيرة في المنطقة وتربطها علاقات قوية واستراتيجية مع الدول الإفريقية، ومنها مصر، والوجود الروسي على خط الأزمة مقبول".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "الوساطة الدولية في مثل هذه الخلافات تساعد في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة، وتقليل الأضرار على كل الأطراف".
وتابع: "أعتقد أن مصر وإثيوبيا لديهم رغبة بالمضي قدمًا في مجال المفاوضات".
وعن إمكانية قبول إثيوبيا الوساطة الروسية على الرغم من رفضها مبدأ الوساطة، قال: "إثيوبيا كانت تريد أن تكسب وقت لإنجاز السد، لهذا كانت دائما تحاول أن تؤجل أي لقاءات، أو مناقشات لها علاقة بالمحادثات، لكن هناك تغير في الموقف وهذا واضح في الحديث الإيجابي الذي جمع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اليوم في سوتشي".
EU member country Diplomats paid a visit to the Great Ethiopian Renaissance Dam.
— MFA Ethiopia🇪🇹 (@mfaethiopia) June 23, 2017
ቪዲዮ፡- የአውሮፓ ህብረት ዲፕሎማቶች በታላቁ የኢትዮጵያ ህዳሴ ግድብ ጉብኝት አደረጉ። pic.twitter.com/buJAieWXGZ
ومضى قائلًا: "متفائل بالرئيس بوتين، له مواقف إيجابية بالموضوعات التي يتدخل فيها، خصوصا وأن روسيا لديها مصالح استراتيجية مع مصر وإثيوبيا، وفكرة الوساطة نفسها مقبولة للطرفين".
وأنهى حديثه قائلًا: "الوساطة الطولية مطلوبة حاليًا، خصوصا وأن إثيوبيا تضرب بكل الاتفاقيات والحقوق التاريخية لمصر عرض الحائط منذ اندلاع الأزمة".
موقف إثيوبي
دينا مفتي، السفير الإثيوبي في القاهرة، قال في تصريح خاص لـ"سبوتنيك"، اليوم الخميس، إن "المحادثات مستمرة بين قادة البلدين، وذلك دون وساطة".
وأضاف مفتي أن "الرئيس السيسي ورئيس الوزراء آبي أحمد اتفقا على استئناف المفاوضات مجددًا، وذلك خلال تواجدهما في مؤتمر سوتشي، المنعقد في روسيا".
ومن جانبه قال أنور إبراهيم، الكاتب الصحفي الإثيوبي، إن "هناك إمكانية في قبول مصر وإثيوبيا الوساطة التي عرضتها روسيا، خصوصا وأنها لم تعرض اليوم فقط، بل تقدمت بها موسكو منذ عدة أيام".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "استجابة مصر وإثيوبيا، وتصريحات الرؤساء بشأن اللقاء في سوتشي والتباحث حول سد النهضة، تعد موافقة مبدئية على توسط روسيا في هذا الملف".
وتابع: "أن تكون روسيا وسيطًا، لا شيء يؤثر في مسار التفاوض، بل يمكنها أن تقوم بدور تقريب وجهات نظر الجانبين في العديد من الخلافات".
وأنهى حديثه قائلًا: "تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، اليوم في سوتشي، بخصوص مقابلته مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ومناقشته في العديد من القضايا، إيجابية جدًا، خاصة وأنه وعد بمواصلة التفاوض، وتعهد أن يلتزم باتفاقية المبادئ".
رؤية سودانية
بدوره قال خبير القانون الدولي السوداني، الدكتور أحمد المفتي عضو لجنة مفاوضات دول حوض النيل ومستشارها القانوني السابق، ومقرر اللجنة العليا للمجاري المائية الدولية، إن "إثيوبيا لن تعارض الوساطة لأنها تستفيد منها في أن تشهد دولة كبرى مثل روسيا على كل ما حققته من مصالح خلال التفاوض السابق".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "مصر والسودان حصرا مطالبهما في عدد سنوات ملء السد، وأغفلا باقي الجوانب الهامة، وأعتقد أن إثيوبيا ستقبل بتنازلات في هذ الجانب، لتظهر لروسيا والمجتمع الدولي إنها دولة متعاونة".
وتابع: "هناك أجزاء كبيرة، وحصر الأزمة في جزئية سنوات الملء يظلم مصر والسودان، والتنازل في طاولة مفاوضات اللجنة الفنية، غير التنازل بشهود دوليين، لذلك مصر والسودان لا يستطيعا نقض أي أمر سابق في هذا الشأن".
وأكد أن "مصر والسودان سلبت حقوقهما بشأن مياه نهر النيل، بعد التوقيع على اتفاق المبادئ".
وعن الحلول المطروحة لحل الأزمة، يرى الخبير السوداني في القانون الدولي، أنه "لا بد من المطالبة بإلغاء التفاوض، وسحب التوقيع الذي تم على إعلان المبادئ وإعادة التفاوض من جديد على البنود المتفق عليها في اتفاقية عنتيبي".
استئناف التفاوض
وقال السفير بسام راضي المتحدث باسم الرئاسة المصرية إن الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد اتفقا خلال لقاء في منتجع سوتشي الروسي اليوم الخميس "على الاستئناف الفوري لأعمال اللجنة البحثية الفنية المستقلة، على نحو أكثر انفتاحا وإيجابية، بهدف الوصول إلى تصور نهائي بشأن قواعد ملء وتشغيل السد"، وفقا لرويترز.
وقال المتحدث باسم الرئاسة إن اللجنة "ستسعى لتجاوز أي تداعيات سلبية نتجت عن التناول الإعلامي لتصريحات نسبت مؤخرا إلى الجانب الإثيوبي".
وأعلنت رئاسة الجمهورية المصرية أن لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسى ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد تناول التباحث حول ملف سد النهضة، في ضوء آخر التطورات في هذا الصدد.
وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصري إن آبى أحمد "أكد أن تصريحاته الأخيرة أمام البرلمان الإثيوبى بشأن ملف السد تم اجتزاؤها خارج سياقها، وأنه يكن كل تقدير واحترام لمصر قيادةً وشعبًا وحكومةً".
موضحًا أن تصريحاته "تضمنت الإعراب عن التزام إثيوبيا بإقامة سد النهضة دون إلحاق الضرر بدولتي المصب، وأن الحكومة والشعب الإثيوبي ليس لديهم أية نية للإضرار بمصالح الشعب المصري، وأن استقرار مصر وإثيوبيا هو قيمة وقوة مضافة للقارة الأفريقية بأسرها".
وشدد على أنه، بصفته رئيسًا لوزراء إثيوبيا، "ملتزم بما تم إعلانه من جانب بلاده بالتمسك بمسار المفاوضات وصولًا إلى اتفاق نهائي".
وجاءت تصريحات آبي أحمد، خلال جلسة استجواب في البرلمان الإثيوبي، بشأن أزمة سد النهضة، ونقلتها وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية.
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي: البعض يقول أشياء بشأن استخدام القوة من جانب مصر، يجب التأكيد على أنه لا توجد قوة يمكن أن تمنع إثيوبيا من بناء السد.
Construction delays of the $4-billion Grand Ethiopian Renaissance Dam has been blamed on shoddy work by the conglomerate METEC https://t.co/Vasi0StMOK pic.twitter.com/h6Z5I1sRVi
— Reuters (@Reuters) October 2, 2019
وتابع المسؤول الإثيوبي الحائز على جائزة نوبل للسلام :"إذا كانت هناك حاجة إلى الذهاب إلى الحرب، فيمكننا حشد الملايين، وإذا تمكن البعض من إطلاق صاروخ، فيمكن للآخرين استخدام القنابل".
واستطرد: "لكن هذا ليس في صالحنا جميعا".
يشار إلى أن القمة الروسية الأفريقية انطلقت، أمس الأربعاء، في مدينة سوتشي الروسية برئاسة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والمصري عبد الفتاح السيسي، وتعد القمة أكبر حدث بهذا المستوى في العلاقات بين روسيا والقارة السمراء.
يذكر أن قمة "روسيا- أفريقيا" والمنتدى الاقتصادي "الروسي- الأفريقي" ينعقدان في سوتشي، يومي 23 و24 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، حيث دعت القمة قادة جميع دول القارة البالغ عددها 54 دولة.