تقول الإحصائية إن "عدد القضايا التي تمّ التحقيق فيها العام الماضي، بلغ 307 قضايا، منها 272 قضية عمالية، فيما تم تحويل 20 قضية منها إلى المدعي العام، حيث بلغ عدد الضحايا بها 40، وعدد الجناة 37".
قضايا الاتجار بالبشر
تشير إحصائية وحدة مكافحة الاتجار بالبشر إلى أنه تم "إيواء حوالي 224 ضحية العام الماضي في دار الكرامة واتحاد المرأة الأردني، مقارنة مع 317 ضحية في عام 2017".
وفي تقرير أصدره المركز الوطني لحقوق الإنسان بالأردن طالب بأهمية التنسيق التشريعي بين قانوني منع الاتجار بالبشر والعقوبات، مبينا أن بعض الأفعال الواردة في التعريف بقانون منع الاتجار بالبشر، تشكل جرائم مستقلة بموجب قانون العقوبات كالخطف والاحتيال وإجبار المرأة على ممارسة البغاء، ما يشجع القضاء على تكييف شكوى الإتجار ضمن أوصاف قانونية أخرى، قد تكون أكثر وضوحًا مثل الإيذاء وهتك العرض والحرمان من الحرية، أو غيرها من الجرائم".
ونوه إلى "ضرورة الإشارة الى وجود إشكالية، تتمثل بملاحقة مرتكبي جرائم الاتجار بالبشر، اذ استقبل موظفو الخط الساخن التابعون لمديرية التفتيش في وزارة العمل 64 شكوى من جميع الجنسيات، منذ مطلع 2018، وتوزعت الشكاوى بين عمالة مخالفة لقوانين العمل، وتأخير أجور، ومخالفة شروط العمل الإضافي، ومخالفات أخرى".
وفيما يتعلق بعاملات المنازل، قال التقرير "على الرغم من وجود نظام خاص لتنظيم عملهن إلا أنهن ما زلن يتعرضن للعديد من الانتهاكات، والتي تتراوح بين الحرمان من الأجور، وظروف العمل المرهقة، إلى حجز حريتهن داخل المنازل، ومنعهن من التواصل مع عائلاتهن وطول ساعات العمل، والحرمان من الإجازة الأسبوعية والإجازة السنوية، والتأخر في دفع أجورهن، أو عدم دفعها في أحيان أخرى، إلى جانب مصادرة وحجز وثائقهم الشخصية رغم وجود قانون يجرم هذه الممارسات".
سبب زيادة الحالات
المديرة التنفيذية لمؤسسة تمكين للدعم والمساندة ليندا كلش، قالت إن "ظاهرة الإتجار بالبشر لا يمكن وقفها، لكن من الممكن مكافحتها والحد منها، وأكدت أن الإحصائية الأخيرة هي لعام 2018، وتعبر عن عدد الشكاوى التي وصلت لوحدة الإتجار بالبشر، بعدد الحالات العمالية والحالات الأخرى التي تم تحويلها للمدعى العام كحالات إتجار بالبشر".
وأضافت في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "التقرير الأخير لم يذكر عدد الحالات التي تعرضت للإتجار، يمكن تكون أقل من 20 أو أكثر، ويمكن أن تكون الحالات التي تم تصنيفها كقضايا عمالية، هي بالأساس إتجار، لكن نتيجة أن العمالة معظمها من شرق أسيا ونحن نفتقد للترجمة، افتقدت الأدلة كونها قضية إتجار بالبشر".
وأشارت إلى أن "زيادة عدد الحالات التي تم تحويلها لوحدة الإتجار تؤكد أن هناك وعيًا لدى الجماهير، وبدأت بالتبليغ عن الحالات، وهذا ما كنا نطالب به ونناشد به الجماهير".
مطالب ملحة
وعن التشريعات الأردنية للحد من تلك الظاهرة، قالت لندا، إن "الأردن لديه قانون للإتجار بالبشر منذ عام 2009، لكنه يحتاج إلى تعديل سريع".
وأوضحت أن هناك "نصوصًا لا تحتوي عليها تلك المسودة، أهمها تغير اسم القانون من منع الإتجار إلى مكافحة الإتجار لأنها تشمل الوقاية والحماية".
ومضت قائلة: "وأيضا لابد أن يحتوي القانون على تعريف معنى الاستغلال، وأن تكون أشكال الإتجار بالبشر مفتوحة، ليست محددة في أشكال بعينها، نظرًا لتجددها من وقت لآخر".
وأنهت حديثها قائلة: "هناك أنواع أخرى من الإتجار لم تذكرها الإحصائية الجديدة، مثل الإتجار بالجنس، وهو الملف المسكوت عنه بسبب عزوف الناس عن التبليغ به، وليس هناك طريقة لمعرفة الخيط الرفيع الذي يفرق الدعارة عن الاستغلال الجنسي".
أزمة عمالية
بدوره قال حمادة أبو نجمة، أمين عام وزارة العمل الأردنية الأسبق، والخبير الدولي في قضايا العمل، إن "القانون الخاص بالإتجار بالبشر المتعلق بالعمالة والذي تم تعديله في بداية العام الحالي، لم يتم أي إجراء فيه، ولم يتطرق لهذ النوع من القضايا، لكن تطرق له قانون منع العمل الجبري عام 2007".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "رئيس الحكومة قال إن أول قانون سيتم العمل عليه وإرساله لمجلس النواب، هو قانون العمل، لكن من المقرر أن تشمل التعديلات الإجراءات المتعلقة بتنظيم سوق العمل، وإصدار التصاريح، لا قضايا الإتجار بالبشر".
وتابع: "قضية الإتجار بالبشر تتعلق أكبر بقانون منع الإتجار بالبشر، والمسؤول عنه عدة وزارات على رأسها العدل والداخلية والعمل، لكن القانون يحتاج إلى تعديلات، وتم العمل عليها خلال السنوات الماضية بالتعاون بين القطاع الحكومي ومنظمات المجتمع المدني، وحقوق الإنسان".
ومضى قائلًا: "إضافة للتعديلات هناك حاجة لتطوير الإجراءات، ليس القانون فقط، لزيادة قدرات المدعين العاميين والقضاة على العمل في تلك القضايا، خصوصا فيما يتعلق بتصنيف عمليات الإتجار بالبشر".
واستطرد: "أكثر قضايا الإتجار بالبشر في الأردن مرتبطة بالعمال الأجانب، ولابد من إضافة جهات داعمة لعملية منع الإتجار، فوحدة الإتجار بالبشر التي تم تدشينها، بحاجة إلى زيادة قدراتها، وكوادرها وفروعها تغطي كافة المناطق، ليس عمان فقط".
وعن طرق تعزيز طرق الوصول هذه، قال: "لابد من وجود آليات لتقديم الشكاوى عن بعد، الخط الساخن غير فعال، نحتاج إلى تطبيقات تسهل تلك العملية، بالإضافة إلى مشاركة منظمات المجتمع المدني والتي يثق فيها العامل أكثر في تقديمه لشكوى، كوسيط بينه وبين الجهات الحكومية المعنية".
تشريع جديد
بدورها قالت النائبة بلجنة الحريات في مجلس النواب الأردني، وفاء سعيد يعقوب، إن "زيادة عدد حالات الإتجار بالبشر جاء لأسباب عدة من بينها، دخول أشكال جديدة في العمالة إلى الأردن لم تكن موجودة، وأيضا ارتباع مستوى الوعي لدى الجماهير بسبب حملات التوعية دفعهم إلى التبليغ عن تلك الحالات".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "الحكومة تقوم الآن بإعداد مسودة جديدة لمشروع الإتجار بالبشر، من أجل تعزيز التشريعات الموجودة لحماية العمال".
وتابع: "في ظل زيادة أرقام الحالات، بات من الضروري مناقشة البرلمان لمشروع قانون جديد يعدل النصوص السابقة".
وأصدرت الحكومة الأردنية أول قانون وطني خاص بمنع الإتجار بالبشر في عام 2009 وذلك في سبيل إيجاد منظومة تشريعية متكاملة في مجال منع الاتجار بالبشر، وجاء القانون معرفًا لجريمة الاتجار بالبشر بشكل واضح ومحدد في المادة الثالثة منه وبشكل شامل ومنسجم مع بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الإتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، والمكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية كما تضمنت المادة المذكورة أعلاه حماية خاصة للأطفال حيث شمل تعريف الإتجار بالبشر استقطاب أو نقل أو إيواء أو استقبال من هم دون الثامنة عشر متى كان ذلك بغرض استغلالهم ولو لم يقترن هذا الاستغلال بالتهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك".