كانت احتجاجات الوطن العربي هي الأبرز.
إذ نجحت في الإطاحة بكثيرٍ من القادة، كان في مقدمتهم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الذي أجبر على تقديم استقالته بعد فترة حكم دامت 20 عاما، إثر احتجاجات مناهضة لترشحه لفترة ولاية خامسة.
وفي السودان، ودع الرئيس المعزول عمر البشير عرشه الذي اعتلاه على مدار 30 عاما، بعد احتجاجات حاشدة، اندلعت رفضا لاعتزام البرلمان إجراء تعديل دستوري يسمح بترشح البشير لفترة ولاية خامسة، دفعت القوات المسلحة إلى عزله وسجنه "تجنبا لانزلاق البلاد نحو الفوضى".
وخرجت في لبنان احتجاجات مماثلة، مع ظهور خطط لفرض ضريبة على مكالمات تطبيق وتسآب، أفضت إلى مظاهرات أوسع نطاقا على المشكلات الاقتصادية، وعدم المساوة، والفساد، ما أجبر رئيس الوزراء سعد الحريري على الاستقالة.
وكانت عوامل مشابهة وراء احتجاجات دموية في العراق في أوائل أكتوبر/ تشرين الأول، إذ ثار الآلاف احتجاجا على تردّي الأوضاع الاقتصادية للبلد، وانتشار الفساد الإداري والبطالة، ما أجبر رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في نهاية المطاف على الاستقالة، بعد سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى.
ولم يكن الوضع في أمريكا اللاتينية مختلفا عن ذلك.
إذ شهدت عدة بلدان فيها احتجاجات عنيفة، رفضًا للسياسات الاقتصادية التقشفية، كان أبرزها احتجاجات بوليفيا ضد "تزوير الأصوات في الانتخابات الرئاسية".
وظل الاحتجاجات تتزايد وتتسع رقعتها، حتى قرر الرئيس البوليفي إيفو موراليس الدعوة لانتخابات أخرى مبكرة، ولكن ذلك لم يخمد نار الاحتجاجات، حتى استقال موراليس بعد أن تخلى الجيش عنه وطلب منه التنحي "للحفاظ على استقرار البلاد".
وكانت استقالة رئيس بوليفيا إيفو موراليس، حليف الفنزويلي نيكولاس مادورو، دافعا لتحرك المعارضة الفنزويلية ونشاط الاحتجاجات المتواصلة منذ بداية العام، بعد أن كان الوهن أصاب حماس المحتجين وتزايدت مشاعر الإحباط من نجاح تظاهراتهم في الإطاحة بالرئيس الذي يحظى بتأييد وولاء من جيشه،
وكان زعيم المعارضة، خوان غوايدو، قد أطلق حركة احتجاج واسعة النطاق مطلع العام الجاري عندما أعلن أن الدستور يسمح له بتقلد منصب الرئيس مؤقتا معلنا أن مادورو نجح بالتزوير في انتخابات عام 2018.
وتعرضت تشيلي إلى موجة من الغضب الشعبي احتجاجا على ارتفاع رسوم أجرة النقل العام لكن هذه الاضطرابات تفاقمت لتعكس رفض تكاليف المعيشة المرتفعة وعدم المساواة في الدخل.
وتتواصل الاحتجاجات هناك منذ شهرين دون انقطاع، حتى إن الرئيس سيباستيان بينيرا، أنهى حالة الطوارئ التي فرضها لأول مرة في تاريخ البلاد من 30 عاما، بعد أسبوعين من فرضها، وقال إنه سمع شعبه بوضوح.
واتخذ بنيرا إجراءات عاجلة منها زيادة المعاش الأساسي العام بنحو 20 بالمائة إضافة إلى وقف زيادة الرسوم المفروضة على الكهرباء كما اقترح كذلك قانون ينص على أن تغطي الدولة تكاليف العلاج الطبي باهظ التكلفة لمحاولة إخمادها ولكن دون جدوى.
وفي الإكوادور احتج الآلاف على إجراءات تقشف أشعلت أسوأ اضطرابات منذ سنوات، ودفعت الرئيس لينين مورينو لاتهام معارضيه بالقيام بمحاولة انقلاب.
وثارت الاحتجاجات عندما أعلن مورينو عن إجراء يلغي دعم الوقود من أجل خفض العجز في الموازنة، وقال إنه لن يتراجع عن رفع أسعار الوقود في وجه ما وصفه "بخطة لزعزعة الاستقرار" دبرها سلفه رفاييل كوريا، ورئيس فنزويلا مادورو.
وتراجعت شعبية مورينو ، الذي يحظى بدعم رجال الأعمال والجيش، لأقل من 30 في المئة بعد أن كانت أكثر من 70 في المئة عقب انتخابه. وأطاحت الاحتجاجات التي يقودها السكان الأصليون بثلاثة رؤساء قبل فترة حكم كوريا.
وفي نيكاراغوا تجددت الاحتجاجات هذا العام، ضد الرئيس دانييل أورتيغا البالغ 73 عاما، والذي يقود البلاد منذ2007 بعد فترة أولى في الحكم من1978 إلى 1990.
ويعتبر المتظاهرون الذين يحتجون للضغط من أجل رحيله أن فترة حكمه طويلة جدا، مطالبين بتقريب موعد الانتخابات الرئاسية التي يفترض أن تجرى في نهاية2021 وبإصلاحات دستورية.
واتّهم أورتيغا رجال أعمال من بلاده الشهر الماضي، بتمويل "مؤامرة" للمعارضة على الحكومة في أعقاب احتجاجات دامية وقعت في عام 2018، ضد مشروع لتغيير نظام الضمان الاجتماعي اقترحته الحكومة.
وكانت تظاهرات شهدتها البلاد احتجاجا على مشاريع لخفض التقديمات الاجتماعية تطورت إلى انتفاضة شعبية قمعتها السلطات بعنف، ما أوقع أكثر من 300 قتيل وألفي جريح، وفق منظمات حقوقية.
ولم تكن أوروبا ببعيد.
فقد خرج مئات الآلاف من المواطنين في التشيك في واحدة من أكبر الاحتجاجات المناهضة للحكومة منذ سقوط النظام الشيوعي، داعين رئيس الوزراء الملياردير أندريه بابيس إلى التنحي، وذلك عشية الذكرى الثلاثين للثورة المخملية.
وطالبه المحتجون "بالتخلي عن مشاريعه الربحية أو ترك منصبه"، لكن بابيس الذي وصفته بعض وسائل الإعلام بـ"ترامب التشيك" أعرب عن استغرابه من الاحتجاجات ضده، قائلا إن البراهين التي يستخدمها معارضوه "باطلة".
وفي إسبانيا تجددت الاحتجاجات المطالبة بانفصال كتالونيا. وجاء الاحتجاج استجابة من المتظاهرين لدعوة من جماعة مؤيدة للانفصال تعرف اختصارا باسم "سي.دي.آر".
وفي فرنسا عاد نشطاء "السترات الصفر" للتظاهر في الذكرى الاولى لقيام الحراك الاجتماعي الذي اندلع للتنديد بالسياسات الاجتماعية والاقتصادية للحكومة.
كما شهدت عدة مدن هولندية مظاهرات نظمها نشطاء ضد العنصرية وكراهية الأجانب والمسلمين، وسط حضور مكثف للشرطة، وذلك بعد يوم من الاعتداء على ثلاثة مساجد.
وفي وسط العاصمة الجورجية تبليسي، خرج الآلاف ضد الحكومة، مطالبين بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة.
وجاءت الاحتجاجات بعد فشل البرلمان في تمرير تعديلات مقترحة حول القانون الانتخابي، وتعهد المتظاهرون بإسقاط الحكومة.
وفي العاصمة اليونانية أثينا، خرجت مسيرة في وسط المدينة مساء اليوم الأحد إحياء لذكرى الانتفاضة الطلابية التي أخمدتها السلطات عام 1973، والتي أسهمت في الإطاحة بالنظام العسكري الذي كان يحكم البلاد.
وتنظم هذه المسيرة سنويا، وغالبا ما تشكل نقطة انطلاق لاحتجاجات ضد سياسات الحكومة والإجراءات التقشفية التي اتخذت في السنوات الأخيرة بعد أزمة ديون استمرت عقدا.
وفي القارة الآسيوية، كانت المشاهد ذاتها.
تظاهر آلاف الإسلاميين في العاصمة الباكستانية إسلام آباد للمطالبة باستقالة حكومة رئيس الوزراء عمران خان، في أول حركة احتجاجية واسعة ضد خان الذي وصل إلى السلطة صيف 2018 بعد اقتراع قالت المعارضة أنه تم التلاعب به.
وينادي المحتجون بأن حكومة خان غير شرعية، كما أن التوترات تزايدت هذا الشهر مجدداً مع حلول الذكرى السنوية للنزاع على إقليم كشمير بين باكستان والهند.
وتشهد باكستان أزمة اقتصادية حادة، دفعت الحكومة لطلب مساعدة صندوق النقد الدولي.
وفي إيران، خرجت المظاهرات في جميع أنحاء البلاد، وشارك فيها محتجون من خلفيات اجتماعية مختلفة، بسبب الزيادة الكبيرة والمفاجئة في أسعار الوقود، بنسبة مئتين في المئة خلال ليلة واحدة، والتي تلقاها الشارع بالكثير من الغضب مع حلول الشتاء وزيادة الاحتياج للطاقة.
تقع إيران تحت ضغط اقتصادي رهيب بسبب إعادة الولايات المتحدة للعقوبات على البلاد في عام 2018. وتزيد معدلات التضخم حاليا على 40 في المئة، وبلغت نسبة البطالة حوالي 15 في المئة.
وفي 29 نوفمبر/ تشرين الثاني، قدرت منظمة العفو الدولية (آمنستي) عدد القتلى بـ 161 شخصا على الأقل، ولكن لا توجد إحصائيات رسمية بشأن عدد المعتقلين والمصابين والقتلى.
وشهدت هونغ كونغ احتجاجات ضخمة على مدى خمسة أشهر اتسمت بالعنف في بعض الأحيان بسبب مخاوف من أن تكون الصين تشدد قبضتها على الإقليم في أسوأ أزمة سياسية منذ أن سلمت بريطانيا حكم هونج كونج للصين في 1997.
و بدأت المظاهرات في هونغ كونغ بسبب مشروع قانون كان سيسمح بترحيل المجرمين إلى الصين في بعض الحالات. وهونغ كونغ جزء من الصين، لكن الناس فيها يتمتعون بحريات خاصة، وهناك خوف عميق لديهم من أن السلطات في بكين تريد فرض سيطرة أوسع عليها.
وأدت الاحتجاجات في هونغ كونغ، كما حدث بالنسبة إلى المحتجين في تشيلي ولبنان، إلى سحب التشريع المثير للجدل، لكن الاحتجاجات استمرت. ومن بين مطالب المحتجين، حق الاقتراع، وتحقيق محايد في الفظائع التي قالوا إن الشرطة ارتكبتها، والعفو عن المتظاهرين الذين قبض عليهم.
كما انتقلت رياح الاحتجاجات إلى أفريقيا.
لم يكن السودان وحده، ولا مظاهرات أقرت بها الحكومة المصرية فحسب، بل ما زالت تتواصل الاحتجاجات الرافضة لعزم رئيس غينيا ألفا كوندي تعديل الدستور بما يسمح له بالترشح لولاية ثالثة بعد انتهاء مأموريته الثانية العام المقبل.
ويقول زعماء المعارضة إن قوات الأمن قتلت 17 شخصا على الأقل منذ منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.