هكذا ابتدأت حكاية آنا كوروفكينا مع حبها وولعها الشديد بتونس، ما دفعها إلى تأليف كتاب خاص بالثقافة الشعبية في هذا البلد، بعد أن تعرفت على بعض التونسيين، وفهمت بأنها تحب تونس وتحب الناس الذين يعيشون فيها.
وفي حوار خاص مع "سبوتنيك"، قالت كوروفكينا: "عندما كنت أدرس في كلية الاستشراق في جامعة بطرسبورغ، زرت تونس وأحببت الناس هناك، وأردت أن أعرف وأفهم كيف يفكر الناس وما هي عقليتهم في هذا البلد الواقع في الشمال الإفريقي، لذلك أردت أن أعمل بحثي عن موضوع الثقافة الشعبية التونسية".
وواصلت المستشرقة الروسية: بعدها زرت تونس مرات كثيرة من أجل البحث العلمي، وهكذا تدريجيا بدأت أعرف أكثر وأكثر عن البلاد وعن الشعب، وأصبح عندي الكثير من الأصدقاء التونسيين، من كل الطبقات ومن جميع المناطق.
وأكملت: "كنت أجمع معلومات عن الثقافة الشعبية وعن الثقافة اليومية، وبدأت أكتب وأحلل، وكنت أشاهد التلفاز كثيرا والعديد من البرامج والمسلسلات التونسية، حيث وجدت الكثير من المعلومات المفيدة جدا عن الثقافة الشعبية التونسية".
وتابعت كوروفكينا: "كتبت رسالة الدكتوراة، وناقشتها منذ 3 سنوات، وبدأت العمل في الجامعة كأستاذة، وقررت أن أصدر هذا الكتاب للجمهور كي يتعرف الروس على الثقافة التونسية الشعبية بصورة عامة، وأطلقت عليه اسم الثقافة الشعبية في تونس الحاضرة".
وتصف الأكاديمية الروسية كتابها بأنه يحتوي الصفات المهمة والأساسية للثقافة الشعبية ومن أي شيء مركبة، وبأنها فهمت بعد التحليل أن هناك نقاطا مشتركة في فترات زمنية مختلفة من القرن التاسع عشر والعشرين وحتى الآن، وبأنها تتكرر دائما ولا تتغير.
وواصلت: "نستطيع القول أن هذا التغير دوري ولكن هناك قواعد خاصة في الثقافة، وقد كتبت عن الطبقات المهمة في المجتمع التونسي، وعن الاختلاطات المختلفة في المجموعة التونسية، من شمال إفريقيا والبلدان الجنوبية، وكذلك من أوروبا، وكل هذه الاتجاهات تشكل المجموعة التونسية".
ونوهت كوروفكينا إلى المكانة المميزة للنساء في تونس بالمقارنة مع العالم العربي، وتابعت: "ستتأكد أن للمرأة مكانة خاصة في تونس، ولذلك أعرت اهتماما خاصا لهذا الموضوع، وكتبت أيضا عن الدين الشعبي، حيث أنه من المعروف بأن الإسلام يختلف من منطقة إلى أخرى، لذلك أردت أن أكتب عن الدين في تونس".
وأضافت: "كذلك أيضا كتبت عن السحر، لأنه مهم في الثقافة الشعبية التونسية، وكتبت أيضا عن تأثير الراديو والتلفاز والإنترنت على المجتمع التونسي الحالي".
واعترفت الشابة الروسية بأنها تريد أن تترجم كتابها إلى اللغة العربية والإنجليزية، مع بعض الإضافات، لأنها كتبته قبل 3 سنوات، وقد حققت المزيد من التقدم وتحصلت على الكثير من المعلومات، وهي ترغب بأن تضيف كل جديد تعلمته.
وعن ذلك قالت كوروفكينا: "مثلا أريد أن أَضيف موضوع الروائح في تونس، لأنه مهم جدا لأن التونسين معنيين جدا بموضوع الروائح، حتى أن حاسة الشم عندهم تختلف عن الشعوب الأخرى، وهم يستطيعون أن يحسوا ببعض الروائح التي لا تحسها الشعوب الأخرى مثلنا نحن الروس، وأريد أن أتعمق أكثر في هذا الموضوع".
وتختم المستشرقة حديثها: "أحب المغرب العربي بصورة عامة، وكذلك أتمنى أن أكتب مؤلفا عن مقارنة الثقافات بين تونس والجزائر، وقد زرت الجزائر عدة مرات، وقمت بالبحث هناك ورأيت بعض الاختلافات وبعض التشابهات، وإن شاء لله سأكتب عن هذا الموضوع".