يتحدث الخبراء لـ"سبوتنيك" عن أسباب عجز رئيس الوزراء الجديد عن تهدئة الوضع في البلاد، وكيف ترتبط هذه الموجة الجديدة من الاضطرابات بالتسديد السريع غير المسبوق لديون لبنان في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
مسؤولية أنصار الحريري عمّا يجري
يعتقد أستاذ العلاقات الدولية سيرغي فوروبيوف، أن ما يمنع رئيس الوزراء الجديد من العمل على استقرار الوضع في لبنان هو الخلط الحاصل بين الأحزاب السنية فلا يزال البعض يأمل في رؤية رئيس الوزراء السابق سعد الحريري في السلطة، كما ولا يزال الحريري يلاقي دعما من قوى خارجية.
يتابع الخبير قائلا "الحقيقة أن حسان دياب يعتمد على دعم الأحزاب الموالية للسنة مع العلم أن حزب الله وحركة أمل صوتا لصالحه. كان لدى الكثير من الفصائل الموالية للسنة وهم بأن سعد الحريري سيحتفظ بالسلطة فجاءت الموجة الجديدة من الاضطرابات كنتيجة لأنشطة القوى التي تقف وراء الحريري، بما في ذلك المملكة العربية السعودية و فرنسا، وإلى حد ما الولايات المتحدة".
لا يمكن أن تُحل الأزمة بهذا الحجم بسرعة، ومع ذلك، ترى ماريا مخموتوفا، الخبيرة في المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية، أن مشكلة استقرار الوضع اللبناني تتعلق بالوضع الاقتصادي، فإن الأزمة قد تجاوزت الحدود ولا يمكن تغيير الموقف بسرعة، كما ولا يمكن أن تتم تهدئة الناس بالسرعة المطلوبة، وأضافت تقول: "ووفقا للتوقعات، من غير المرجح بشكل عام أن يستقر الاقتصاد اللبناني في المستقبل القريب، ولا سيما أنه يعاني من ضغوط شديدة وعلى رأسها التدفق الكبير للاجئين السوريين. يحتاج لبنان الآن إلى 25 مليار دولار كمساعدات، لذلك من غير الممكن خلال شهر واحد أن تُحل أزمة بهذا الحجم أو أن تتم طمأنة الشارع اللبناني."
غياب المال في البلاد
وتابعت تقول بهذا الصدد "السبب الرئيسي لموجة المظاهرات الجديدة هو أنه لا يمكن للناس حتى استخدام ودائعهم في البنوك إلا بكميات قليلة جدا، فلا يمكن للمواطنين دفع تكاليف استئجار المساكن أو تسديد قروض السيارات، فضلا عن التقشف الغذائي الذي فرض نفسه. الآن قد تنشأ مسألة أخرى تتمثل بعدم القدرة على دفع الرواتب."
دفع الديون للجمعية العامة للأمم المتحدة هي الشرارة التي اندلع منها لهيب المظاهرات يوم الاثنين، تم حرمان لبنان من حقوق التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة بسبب عدم سداد الديون المستحقة عليه، وبحلول صباح يوم الثلاثاء تم سداد جميع الديون، ومُنح لبنان مرة أخرى الحق في التصويت. في مساء اليوم نفسه، خرج الناس إلى الشوارع. فهل يمكن أن يؤدي هذا السداد السريع غير المسبوق للديون في الأمم المتحدة إلى مظاهرات جديدة في لبنان؟.
يعتقد سيرغي فوروبيوف أن سداد الديون بشكل كامل بين عشية وضحاها أصبح سببا مباشرا للاضطرابات. وتابع يقول: "أعتقد أن سداد الديون المستحقة للجمعية العامة للأمم المتحدة أصبح سببا رسميا وراء خروج اللبنانيين مرة أخرى. بمجرد أن يتم سداد الديون، فهذا يعني أن الدولة لديها أموال، والحكومة ببساطة لا تستثمر هذه الأموال في الداخل وهذا ما أدى إلى ظهور موجة جديدة من الغضب الشعبي وهذا شيء منطقي تماما".
تتفق معه ماريا مخموتوفا، لكنها ترى أن هذا فقط أحد العوامل وتتابع: "إن المشكلة ليست فقط أنهم سددوا الديون للأمم المتحدة. هناك العديد من العوامل. ففي البلاد لا يوجد نمو اقتصادي حقيقي حيث ضاقت كثيرا السوق المحلية بعد بدء الصراع السوري، وقلت الوظائف فضلا عن الهدر الذي يقوم به حزب الله وانقطاع المساعدات من دول الخليج ما أدى إلى تراكم الديون.