وتصدر هذا الخبر، من جديد، عناوين الأخبار وبعض صفحات التواصل الاجتماعي، خصوصا بعد صدور عدة قوانين وأنظمة في روسيا تحفز على الإنجاب والحياة الأسرية، التي أتت بعد أن أعلن الرئيس بوتين، في خطاب ألقاه في 20 فبراير/ شباط من العام الفائت، عن أهمية الحفاظ على الأسرة وتأمين الدعم الكامل، الأمر الذي جعل الحكومة الروسية تعد برنامجا يهدف إلى استعادة النمو الديموغرافي للبلاد بحلول عام 2023-2024.
فبدءا من العام، 2020 تم رفع الحد الأدنى من الإعانات الحكومية التي تقدمها الحكومة الروسية للمولود الأول والثاني، كما يشمل القانون الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة لمجموعة من القوانين التي تخفض الأعباء الضريبية عن هذه الأسر ومنحها امتيازات خاصة في القروض، ومجمل هذه القرارات استهدف الأسرة الروسية فقط، ولم تشمل أي شخص أجنبي، سواء من ناحية منح الجنسية أو مبالغ مالية.
الدعم مقدم للأم وهو لصالح الأطفال حصرا
ستقوم الحكومة الروسية بمنح مبلغ مالي قيمته 616 ألف روبل (أكثر من 10 آلاف دولار تقريبا) وتوزع كالتالي (467 ألف للطفل الأول، و149 ألف للطفل الثاني) لكن هذا المبلغ لا يقدم بشكل نقدي، بل يقدم على شكل فوائد تستفيد منها الأم الروسية حصرا، وجميعها تصب لصالح الأطفال، على سبيل المثال يمكن أن يقدم هذا المبلغ لشراء منزل، على أن يكون للأطفال نسبة سهمية فيه، وليس للأم أو الأب حق التصرف به إلا بعد بلوغ الأبناء 18 عاما، كما يمكن أن تقدم هذه المبالغ على شكل أقساط دراسية أو جامعية، لصالح الأطفال حصرا.
ويلاحظ أن الهدف من جميع هذه التسهيلات هو دعم الأسرة بالدرجة الأولى، أما الأب فهو من الناحية العملية غير مستفيد.
تمنح روسيا الجنسية للأجنبي بعد ثلاث سنوات على زواجه من روسية، ولا يحق له التقديم للحصول عليها إلا بعد مضي هذه السنوات الثلاث، كما يمكن أن تمنح بعد الحصول على "الإقامة المؤقتة" ثم الحصول على "الإقامة الدائمة" ثم التقدم للحصول على الجنسية الروسية، وتتوقف المدة التي تستغرقها هذه الإجراءات على عدد من الأسباب التي توفر الحق للمتقدم في "الإجراءات المبسطة" أو "الإجراءات العادية".
لكن الغريب، هو انتشار خبر "منح روسيا الجنسية بالإضافة إلى مبلغ 15 ألف دولار" لكل شاب عربي يتزوج امرأة روسية، والجدل الذي رافق الخبر من قبل رواد وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يزيد من أهمية تأكيد نفي الخبر وعدم صحته، وعدم وجود أي مصدر رسمي روسي تحدث أو أشار إليه سابقا، لكن يمكن التنويه هنا إلى عدة أسباب أدت إلى تكراره وانتشاره في أكثر من مناسبة.
حصد الإعجابات وتجارة الصفحات
يستعمل البعض هذه الطريقة (استخدام الأخبار المزيفة) لحصد أكبر عدد من اللايكات والمشاركات لصفحات الفيسبوك، بهدف زيادة عدد روادها ومتابعيها، واستخدامها لاحقا في أغراض أخرى، كبيع الصفحات، التجارة التي نشطت في الفترة الأخيرة بين الإعلاميين، خصوصا في بلدان الصراع والأزمات، على سبيت المثال، في سوريا كان يدفع ألف ليرة سورية على كل ألف إعجاب، أي أنّ صفحة عدد معجبيها 100 ألف، تباع بـ 100 ألف ليرة سورية.
من جهة أخرى تستخدم بعض المواقع على الشبكة العنكبوتية هذه الطريقة، لحصد آلاف المشاهدات، مايجعل الموقع يقدم دخلا إضافيا من خلال خدمة إعلانات "غوغل" والتي تقدم أموالا تتناسب طردا مع المشاهدات التي يحصدها الموقع، وهنا تقوم بعض المواقع بنشر أخبار كاذبة تستهدف فقط مشاعر الناس وعواطفها، لتجعلها تفتح الخبر.
أزمات المنطقة العربية ساعدت على انتشاره
من المؤكد أن أزمات المنطقة العربية، والأوضاع القاسية التي يعيشها الكثير، سواء كانت مادية أو اجتماعية، ساهمت بنشر الخبر المزيف، خصوصا أنه يقدم ثلاثة عروض بنفس التوقيت، المال والجنسية، طبعا بالإضافة إلى المرأة الروسية، المعروفة بجمالها، وهنا يرى البعض أنها فرصة حقيقية للخروج من الواقع المؤلم الذي يعيشه، لكنه من حيث لا يدري، يقع في الفخ.
في الختام، من الضرورة بمكان، الإشارة إلى أهمية تقصي الحقائق من مصادرها الصحيحة، وتدقيق المعلومة، قبل إعادة نشرها، لكي لا تكون الوسيلة الإعلامية أو الصحفي أو رواد التواصل الاجتماعي، مساهمين في نشر الأخطاء والأخبار الكاذبة، التي تلعب على عواطف واحتياجات وظروف المجتمعات.
(المقال يعبر عن رأي كاتبه).