وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن بلاده تجري مباحثات مع المملكة العربية السعودية، حول الأزمة الخليجية، مؤكدًا في كلمة له في منتدى حوارات المتوسط أن "هناك مباحثات مع الأشقاء في السعودية ونأمل أن تسفر عن نتائج إيجابية".
التصريحات السعودية والقطرية الأخيرة طرحت تساؤلات عدة بشأن أسباب عودة الهجوم السعودي على الدوحة، وما إذا كانت جهود المصالحة قد تم وأدها أم ماذا؟
هجوم الجبير وجهود المصالحة
وأضاف وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية: "إن على الإخوة القطريين تغيير سلوكهم، وإن المملكة عملت على الحفاظ قدر الإمكان على سير أداء مجلس التعاون الخليجي".
فيما ردت قطر على مطالبة الجبير لها بتغيير سلوكها عبر وزارة خارجيتها، حيث قالت: "إذا كانت المسألة مبنية على الاحترام فأهلا وسهلا وإذا كانت المسألة مبنية على الإملاءات فلكم دينكم ولي دين".
وقال وزير الخارجية القطري قبل شهر: "انتقلنا من طريق مسدود في الأزمة الخليجية إلى الحديث عن رؤية مستقبلية بشأن العلاقة مع السعودية".
وفي نهاية العام 2019، أكدت وسائل إعلام كويتية قرب حل الأزمة الخليجية مع دولة قطر بعد تقدم في المفاوضات بين الرياض والدوحة، أسفر عن الاتفاق على ثلاث نقاط، تتمثل في تهيئة الرأي العام لأجواء جديدة مختلفة عن الفترة الماضية تسودها فرصة إمكان التوصل إلى اتفاق بين الطرفين، وعدم المساس بالرموز في البلدين، من قبل الصحافة والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى عدم إطلاق أي تصريحات معادية من قبل المسؤولين والحكوميين والقياديين ضد نظرائهم في البلد الثاني.
ونقلت صحيفة "القبس" الكويتية عن مصدر رفيع المستوى، أن هناك بعض النقاط الخلافية التي يتم تداولها على طاولة النقاش، مضيفا أن الأمر ليس سهلا حيث تتقدم المفاوضات خطوة وتتأخر خطوتين، مؤكدا عقد لقاءات على مستويات عدة بين البلدين على المستوى الوزاري، وبعضها يجري في عواصم أوروبية، لافتا إلى أن الأيام القادمة ستشهد إعلانا عما جرى التوصل إليه.
موقف سعودي واضح
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك" أن "الفرصة كانت مناسبة وقت التقاء وزير الشؤون الخارجية السعودي عادل جبير بلجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوروبي، لشرح الحال، والتأكيد على ثبات الدور السعودي، والرؤية المتعسرة حيال تلك الأزمة، التي أعيت كل من حاولوا قبل ذلك حلها".
وتابع: "حكومة قطر بؤرة شغب وقلق واختراق علني للشؤون الداخلية للسعودية، والدول المقاطعة، ومحاولة لزعزعة العلاقة السعودية المصرية، ولا يكاد يسلم منها أي من الدول العربية، واصطفاف كامل مع كل أعداء الدول العربية".
سبب الهجوم
وبشأن الوساطات الدولية، قال: "لقد حصلت عدة وساطات، ومحاولات لإيجاد حل للأزمة، سواء على يد أمير الكويت، أو من خلال الدور الأمريكي، وغيرها من الدول الصديقة، ولكن القضية القطرية المتمثلة بشروط الدول المقاطعة، لا يمكن تجزئتها، بحيث أن يتم حل بعضها، وترك الأخر للمستقبل".
ومضى قائلًا: "التدخلات القطرية الشريرة في الشؤون الداخلية لا يمكن فصلها عن الإساءات إعلاميا لحكومات تلك الدول، وهو أيضا متصل بوجود قاعدة إيرانية مهيمنة في الدوحة، وقاعدة تركية، وإيواء حكومة قطر للإرهابيين، والمعارضين، والمنظمات المعادية للسعودية والعدوة للدول المقاطعة، والمطلوبين لتلك الدول، وبما لا يمكن تمريره، بمجرد صلح صوري في مناطق أخرى".
وأنهى الدكتور شاهر النهاري، السياسي السعودي، حديثه قائلًا: "قطر تريد صلح، يزيد من قدرتها في التدخل، من خلال مجلس التعاون الخليجي، وكذلك من خلال جامعة العربية، والتي ساهمت بشكل عظيم في إضعافهما، وقد آن للدول العربية، والخليجية، إيجاد البدائل المناسبة، لمنع قطر من تعطيل أو إضعاف كل مشروع عربي حيوي، يحاول الوقوف أمام التحديات، التي تواجهها العروبة، وتتلقى خلالها طعنات الغدر من حكومة قطر".
رد قطري
من جانبه، قال الدكتور جاسم بن ناصر آل ثاني، المحلل السياسي القطري، وعضو اللجنة الأوروبية للقانون الدولي، إن "التصريحات الأخيرة التي تناقلتها وسائل الإعلام لوزير الدولة للشؤون الخارجية بالسعودية عادل بن أحمد الجبير، ليست جديدة فهي نفس التصريحات السابقة التي خرجت منذ بداية الأزمة الخليجية، فيما يتعلق بالاتهامات الموجهة إلى قطر، ودولة قطر قدمت براهين واقعيّة تنفي صحة هذه الاتهامات".
وأكد المحلل السياسي القطري أن "هناك محاولات للوصول لحل الخلاف القطري الخليجي بشكل كامل، رغم التصريحات التي تخرج بين الحين والآخر تهاجم قطر".
ومضى قائلًا: "متفائلون بأن الحوار سيطرق أبواب السعودية وقطر، ونثق في حكمة قيادة البلدين للمضي قدمًا نحو إنهاء هذا الخلاف".
وبسؤاله عما إذا كانت هذه التصريحات تنذر بتنحية المصالحة جانبًا، أكد الدكتور جاسم بن ناصر، أن "على المستوى السياسي هناك قنوات اتصال مباشرة بين البلدين، ومن المتوقع أن تصل إلى نتيجة في نهاية المطاف، وأن يكون عام 2020 نهاية للخلاف القائم".
وفي 5 يونيو/ حزيران من العام 2017، قطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، علاقاتها مع قطر وفرضت عليها حصارا بدعوى دعمها للإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة، وتتهم الرباعي بالسعي إلى فرض الوصاية على قرارها الوطني.