الفيروس المسؤول عن الانتشار الوبائي الحالي في الصين ينتمي إلى أسرة تدعى أسرة فيروسات كورونا، التي تسببت سلالات أخرى منها في انتشار وبائي "سارس" و"ميرس"، ويُعتقد أن سلالات الفيروسات تنشأ عند الحيوانات، ولحسن الحظ، يندر أن تنتقل الفيروسات الخطرة التي تنقلها بعض الحيوانات إلى البشر.
يقول الأستاذ أندرو إيستون، الذي يعمل في كلية علوم الحياة التابعة لجامعة ووريك الإنجليزية لـ"BBC" إنه
"في أغلب الحالات هناك حاجز بين الفصائل المختلفة لا تتمكن الفيروسات من اجتيازه، ولكن في بعض الحالات، مثلما يحدث حين يكون الإنسان يعاني من ضعف في المناعة أو إن حصل أمر يسمح للفيروس بالدخول، قد تحصل حالات إصابة نادرة ومتفرقة".
وتبدأ الخطورة عادة بطفرة وراثية غير طبيعية، إذ يقول الأستاذ إيستون إنه "يجب أن تتغير طبيعة الفيروس بطريقة ما في العادة لكي يحصل على فرصة النمو والانتشار بشكل جيد في مضيفه الجديد".
وأعرب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، اليوم الثلاثاء، عن أمل منظمة الصحة العالمية أن تساعد تدابير الوقاية والمكافحة التي تتخذها الحكومة الصينية في السيطرة على انتشار فيروس "كورونا" الجديد.
ولا تتميز كل فيروسات كورونا بالخطورة، ولكن تلك التي تنجح في الانتقال بين الفصائل فقط، وفي هذه الحالات النادرة، التي ينتقل فيها فيروس من أسرة كورونا من الحيوان إلى الإنسان، قد تكون العواقب وخيمة جدا.
يقول الأستاذ إيستون: "عندما يعبر الفيروس بين فصيلين، لا يمكن التنبؤ مقدما بطبيعة المرض الذي سيتسبب فيه، ولكن من غير النادر أن يتسبب في أعراض خطيرة منذ البداية إذا تمكن من إيجاد موطئ قدم له في فصيلة جديدة".
فعندما يعبر فيروس من أسرة كورونا، فجأة، من الحيوان إلى الإنسان، يواجه جهاز مناعة لم يعتد التعامل معه، مسبقا؛ مما يؤدي إلى الإصابة بالأمراض بسهولة.
ويحدث أمر مشابه عندما تنجح سلالات من فيروس الإنفلونزا في الانتقال من فصيلة لأخرى، ففي أسوأ انتشار وبائي للإنفلونزا على الإطلاق، الذي وقع بين عامي 1918 -1919، والذي يُعتقد أن مصدره الطيور، مات نحو 50 مليون إنسان.
وليس ثمة دليل على أن انتشار فيروس كورونا الحالي سيكون بتلك الخطورة، ولكن الحالات التي وقعت، في الماضي، لعبور الفيروسات من الحيوانات إلى البشر تسبب قلقا كبيرا للعاملين في القطاع الصحي.
ولكن الخبر الجيد فيما يخص هذا الأمر يتلخص في أنه من غير المرجح أن يتمكن الفيروس الذي ينجح في العبور من الحيوانات إلى البشر من الانتقال بين البشر - مبدئيا على أقل تقدير؛ إذ يقول الأستاذ إيستون: "يمثل ذلك حاجزا ثانيا يتعين على الفيروس عبوره".
ولكن هذا الوضع قد يتغير بسرعة، وعندما يحدث ذلك يمكن للأمر أن يكتسب خطورة كبيرة، إذ تشهد فيروسات كورونا وشبيهاتها درجات تحوّر عالية نسبيا، وينبغي أن يشهد الفيروس تحوّراً إضافيا ليتمكن من الانتقال بين البشر، بكل ما يعنيه ذلك بالنسبة لسرعة ومدى انتشاره.
وهذا ما جرى مع انتشار الوباء الذي تشهده الصين، في الوقت الراهن، وهو سبب اعتماد السلطات الصينية وسائل لاحتوائه.
يقول الأستاذ إيستون: "إذا أصيب شخص يعاني أصلا من ضعف في المناعة، فقد يكون مرد ذلك أن الشخص يعاني من حالة تجعله أكثر عرضة للإصابة، بينما قد يستطيع الشخص السليم مقاومته".
ويضيف: "بعض الفيروسات تنتقل بسهولة بينما تنتقل أخرى بصعوبة كبيرة. وأحد الأسئلة التي تشغل بال الباحثين، اليوم، يتعلق بسرعة انتقال الفيروس الجديد".
ووفقا لآخر الإحصاءات فقد أعلنت السلطات الصينية، في وقت سابق من اليوم الثلاثاء، أن عدد المصابين بفيروس كورونا القاتل وصل في جميع أنحاء البلاد إلى 4515، وقد قتل منهم 106، وتمت معالجة 60 مصاباً بالفيروس بشكل كامل، وقد تعافوا تماماً.