وتنتشر قوات "اليونسفا" التابعة للأمم المتحدة والبالغ عددها 4500 جندي إثيوبي في منطقة "أبيي" منذ عام 2011، بقرار من مجلس الأمن الدولي، على خلفية معارك دامية شهدتها أبيي بين المسيرية ودينكا نقوك راح ضحيتها مئات القتلى والجرحى وشرد نحو مئة ألف آخرين.
وفي صبيحة الأربعاء 22 يناير/ كانون الثاني استيقظت "أبيي" الغنية بالنفط والموارد الزراعية والحيوانية على مقتل أكثر من 32 شخصا وإصابة العشرات في منطقة "كولكوم" غربي المنطقة، واتهم مسؤولون محليون أفرادا من قبيلة المسيرية بتنفيذ الهجوم المسلح، الذي تسبب أيضا في جرح 34 آخرين، إصابات بعضها جسيمة، إضافة لاختطاف 15 طفلا وحرق نحو 47 منزلا في هجوم استنكرته بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في المنطقة (يونسفا).
قال أمين الحزب الوطني وعضو وفد التفاوض الحكومي مع المعارضة، ماثيو مايور، لـ"سبوتنيك"، "ما توصلنا إليه حتى الآن فيما يتعلق بالأحداث الأخيرة في "أبيي"، والتي راح ضحيتها العشرات بين قتيل وجريح، ليست خلافا بين السودان وجنوب السودان، إنما هي صراع قبلي بين قبائل "الدينكا" وقبائل "المسيرية" العربية."
وأشار أمين الحزب الوطني، إلى أنه وفقا لاتفاقية نيفاسا للسلام الموقعة في العام 2005 بين الحركة الشعبية "جنوب" والحكومة السودانية، كانت تنص على إجراء استفتاء بين السكان والذي بمقتضاه تنضم المنطقة إلى الخرطوم أو إلى جوبا، وكانت نتيجة الاستفتاء أن تظل المنطقة مشتركة بين الجنوب والشمال إلى أن يتم حل القضية.
ولم يستبعد مايور أن تحرك تلك الحوادث المياه الراكدة، وتساهم في تأجيج الصراع مجددا، وكل الجهات في الجنوب والشمال استنكرت الحادث المؤسف، وتتولى حكومات البلدين معالجة الموقف وفقا لما ورد في اتفاق السلام الموقع بين الجانبين، وكل ما يحدث تقوم الحكومة الانتقالية والمجلس السيادي بمعالجته على اعتبار أنها المسؤولة إلى أن يتم حل تلك القضية.
عرقلة الفترة الانتقالية
قال عضو تجمع المهنيين السودانيين، بكري عبد العزيز لـ"سبوتنيك"، "إن ما حدث من اشتباكات وعمليات حرق للمنازل في منطقة "أبيي" المتنازع عليها، وحرق أكثر من 20 شخصا وإصابة العشرات يعود إلى دور النظام البائد في إشعال الأزمات وإثارة الفوضى في البلاد".
وأضاف عبد العزيز" لازلت أكرر أن فلول نظام البشير تلعب دور كبير في خلق الصراعات من أجل عرقلة الفترة الانتقالية، وبرغم قرارات الاتحاد الإفريقي المدعوم من الأمم المتحدة بعدم إجراء أي استفتاء في المنطقة قبل اتفاق دولتي السودان وجنوب السودان، إلا أن ذلك لم يمنع قادة قبيلة دينكا من حشد كثير من المواطنين الجنوبيين في المنطقة بغية تسجيلهم وإحداث تفوق عددي على السكان من قبائل المسيرية العربية".
وأشار عضو تجمع المهنيين إلى أن المتحكم في الصراع في أبيي حتى الآن هم عناصر نظام حكم البشير المعزول وعدد من الحركات الممولة من جانبهم لإثارة الفتن والقلاقل والفوضى لتشتيت جهود الحكومة الانتقالية وإثارة الشارع السوداني عليها.
الصراع القبلي
أوضح رئيس المركز العربي الأفريقي لثقافة السلام والديمقراطية بالسودان محمد مصطفى لـ"سبوتنيك" أن منطقة "أبيي" متنازع على ملكيتها بين شطري السودان، وقد تكون من أعقد المشكلات التي يمكنها تعكير صفو العلاقات بين الجانبين، فسكان المنطقة ليسوا على قناعات وانتماءات مشتركة فكل ينزع إلى جهته.
التحكيم الدولي
وأشار مصطفى إلى أن العدل يقتضي أن تذهب هذه القضية إلى التحكيم الدولي، وكل دولة تقدم أدلتها وترضى بنتيجة التحكيم، ما عدا ذلك تجلس الدولتان وديا بحضور ممثلي أصحاب المصلحة وتحسم القضية بتوافق وتراض بينهما، وأعتقد أن ما نشر من أخبار عقب لقاء رئيس جمهورية جنوب السودان ونائب رئيس المجلس السيادي الإنتقالي السوداني يعد بارقة أمل وخطوة تجاه حل هذه القضية بصورة نهائية.
الموقع والأهمية الاقتصادية
تقع منطقة أبيي بين كردفان ومنطقة بحر الغزال، ضمن حزام السافنا الغنية بالنباتات والأراضي الخصبة والمياه الغزيرة، فالأمطار في منطقة أبيي تستمر ثمانية أشهر خلال العام، وتتخلل المنطقة العديد من الأودية الكبيرة ذات السهول الواسعة، والتي فيها القابلية لإنتاج المحــــــاصــــــيل الزراعية بمختلف أنواعها، وإن نباتات نادرة من مثل الزنجبيل والحرجل والغرنجال والشيح وغيرها تنبت بكثرة في أودية أبيي.
وهي منطقة سودانية حصلت على وضع خاص ضمن اتفاقية السلام الشامل بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان،كانت تابعة لولاية غرب كردفان التي تم حلها بعد توقيع اتفاق السلام، سكانها مزيج من قبائل المسيرية العربية والزنوج، وهي تعد جسرا بين شمال السودان وجنوبه، أصبحت تبعية هذه المنطقة الغنية بالنفط محل نزاع بين الحكومة والحركة الشعبية.
الخلاف بين الشمال والجنوب في منطقة ابيي يدور حول قبيلة المسيرية العربية التي يقول الجنوبيون ان هذه القبيلة ليست مستقرة في ابيي بل تقوم بالانتقال إلى أبيي للرعي لمدة بضعة أشهر كل عام ثم تهاجر شمالا بقية العام أما وجهة النظر الشمالية فتقول إن أبيي هي أرض المستقر للمسيرية وأن هذه القبيلة تهاجر شمالا بسبب الظروف المناخية التي تؤثر على المراعي ثم تعود إلى أبيي وماتزال هذه القضية غير محسومة بين الشمال والجنوب بسبب مطالبة الجنوبيون بعدم منح قبائل المسيرية حق التصويت.
ومنذ 21 أغسطس/ آب الماضي، يشهد السودان، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم السلطة خلالها كل من المجلس العسكري، وقوى "إعلان الحرية والتغيير"، قائدة الحراك الشعبي.