ففي تصريح مقتضب أدلاه السفير الأمريكي في الرياض، جون أبي زيد، خلال زيارته قاعدة الأمير سلطان الجوية في المملكة العربية السعودية مع المراسلين الذين يرافقون وزير الخارجية الأمريكي، مايكل بومبو، في مستهل جولته في إفريقيا والشرق الأوسط. أشار السفير إلى سعي واشنطن لأن تكون "الشريك المفضل" للرياض حتى يتم الاقتداء بالنموذج الأمريكي في الإصلاحات وليس النموذجين الصيني أو الروسي.
محاولة للضغط
يعتقد المحلل السياسي والمحاضر في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، أليكسي زودين، أن الولايات المتحدة تحاول الضغط على المسار السياسي للمملكة، وبالتالي ستكون أمريكا قادرة على السيطرة على سياق تطور المملكة العربية السعودية، وتابع قائلا: "بالطبع، تحاول الولايات الضغط على اختيار المملكة العربية السعودية وترغب في أن تكون النموذج الوحيد للجانب السعودي في مسائل التحديث".
واعتبر زودين أن هذا الطرح هو "طريقة للسيطرة على تطور بلد مستقل. نعم... لدى الدولتين تاريخ طويل من العلاقات، و لكن السعوديون الآن وسّعوا قائمة الشركاء المهمين مثل روسيا والصين مما يشكل قلقا بالنسبة للأمريكيين، فهم لا يحبون ذلك".
ومع ذلك، فإن العضو السابق في مجلس الشورى، الدكتور محمد آل زلفى يؤكد أن الأمريكيين لا يمارسون أي ضغط على المملكة ولا يمكنهم ذلك: "لا يوجد هناك أي ضغوط تمارسها الولايات المتحدة على المملكة، والمملكة أيضا ليست مستعدة لأي ضغوط من قبل أي جهة كانت، خاصة عندما يتعلق الأمر بتسليح جيشها وقواتها لما يمكنها من الدفاع عن نفسها ضد أعدائها الكثر وعلى رأسهم إيران".
وأضاف الدكتور زلفى "لا أعتقد أن الولايات المتحدة تستطيع أن تمارس أي ضغط لإبعاد المملكة عن العلاقة بأي دولة أخرى في سبيل مصلحتها، فالمملكة تعلمت دورس بأن لا ترمي كل ما لديها في سلة واحدة لدى الولايات المتحدة، حيث أن هناك قوى معادية للمملكلة داخل الولايات المتحدة كاللوبيات الصهيوني والإيراني واللوبي الأوبامي ومن يدور في فلك الحزب الديمقراطي".
حق الاختيار
من ناحيته قال سعد بن عمر، المحلل السياسي السعودي، إن السفير الأمريكي له الحق في محاولة استقطاب المملكة العربية السعودية إلى جانب الولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بالتحول الاقتصادي والاستراتيجي، إلا أن للسعودية في المقابل الحق في اختيار الطريقة التي تناسبها.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" إنه ليس من الحكمة أن تكون أوراق السعودية كاملة في سلة واحدة، وأنها استطاعت خلال العامين الماضيين أن تنوع مشروعاتها والتحول الاقتصادي على جميع دول العالم وعلى رأسها روسيا والصين، وبعض الدول في شرق آسيا.
بدوره يؤكد الكاتب السعودي والعالم السياسي، هاشم الجحدلي، أن نموذج التنمية الأمريكي ليس الوحيد الذي يستحق النظر إليه.
وشدد على أنه برغم تفوق حجم الاقتصاد الأمريكي مع السعودية، إلا أنه ليس الوحيد، خاصة أن روسيا لديها إمكانيات هائلة وكذلك الصين، وبعض الدول الأخرى، وهو ما تستثمره السعودية في عمليات التنمية والتطوير والفائدة لمواطنيها ومحيطها أيضا.
وتأكيدا على هذا الطرح، أشار أليكسي زودين، إلى أن "الرياض تدرك تماما أن الاعتماد على جانب واحد لن يؤدي إلى أي تطور. أنا متأكد من أنهم سيتجاهلون هذا البيان، رغم أنه من الممكن أن تحاول أمريكا بطريقة ما التأثير على سياسات المملكة العربية السعودية من خلال أفراد العائلة المالكة" على حد قول الخبير.
المصلحة الذاتية قبل كل شيء
أشار سعد بن عمر إلى أن المملكة العربية السعودية ستختار إرشاداتها وطرقها الخاصة بالتحول، بناء على احتياجاتها الوطنية ومصالحها، مشددا على أن التحول الحالي في المملكة لا يجب أن يرتكز على جانب واحد. واستطرد بقوله: "للمملكة العربية خصوصية محددة على المستوى الاجتماعي أو السياسي، وما تخطط له بشأن رؤيتها السياسية قد لا ينسجم مع بعض الدول المشابهة للمملكة العربية السعودية، لذلك أقول أن التحول الذي يجري العمل عليه في المملكة هو مزيج من الرأسمالية والاشتراكية والإسلامية".
ويرى سعد بن عمر أن المملكة تسعى لتكون دولة إقليمية فاعلة، دون أي مؤثرات قد تستغلها أي دولة مستقبلا للتأثير على القرار السعودي، أو الإضرار بالمصلحة السعودية.
من ناحيته قال الكاتب والمحلل السياسي السعودي، هاشم الجحدلي، إن المملكة غير معنية بآراء الآخرين، وأشار إلى أن البعض يرى في بعض النماذج هي الأفضل، لكن هذا بالنسبة لدولهم أو مصلحتهم الشخصية، إلا أن المملكة معنية بمصالحها مع جميع دول العالم، القائمة على الإفادة والاستفادة المتبادلة.