وأضافت حنان رحاب في حوارها لـ"سبوتنيك"، أن "القانون الجنائي المغربي ما زال به بعض البنود الحاطة بكرامة المرأة والتي تنتصر للثقافة الذكورية بشكل كبير".
إلى نص الحوار...
في البداية، بعد الخطوة التي اتخذها البرلمان بشأن تشريعات ترسيم الحدود البحرية.. هل من انعكاسات لهذه التشريعات على موقف المغرب في عمليات التفاوض الدول المعنية؟
عملية ترسيم الحدود هي مسألة وطنية، كما أن المغرب تأخر كثيرا في هذه الخطوة، التي كان يجب أن يقوم بها منذ سنوات، وهو ما أكده الإجماع على القانون في غرفتي المجلس.
كما أن ترسيم المغرب لحدوده يقوي من قدراته التفاوضية مع دول الجوار بشأن بعض القضايا الخلافية، خاصة في ظل وجود بعض الملفات العالقة مع إسبانيا، وعلينا أن نفكر في حلها، ومنها ملف سبتة ومليلية والجزر المحتلة.
اتخذ المغرب مؤخرا خطوات جادة نحو منع عمليات التهريب عبر سبتة ومليلية.. برأيك ما هي تأثيرات هذه الخطوة في ظل التنديد بأن الخطوة تخنق المواطنين هناك؟
بالنسبة لنا، المغرب من حقه أن يحمي مصالحه، وأن يدافع عن أرضه.
الإجراءات التي قامت بها الحكومة المغربية في هذا الاتجاه تهدف لحماية مصالح المملكة، وعلى المغرب الآن أن يعمل بمنطق "رابح /رابح" لا بمنطق "رابح/خاسر"، خاصة أن الأخير هو ما تريده الدولة الإسبانية.
ما زلنا حتى الآن نعتبر "سبتة ومليلية" مدينتين مغربيتين محتلتين، وكذلك الجزر الجعفرية المحتلة، وأعتقد أنه لا يمكن تحييد هذا الملف عن الملفات الأخرى بين إسبانيا والمغرب، وعلينا أن نشتغل على استعادة المدن والجزر المحتلة على المستويين الشعبي والحكومي.
ما انعكاسات الإجراءات التي اتخذها المغرب مؤخرا تجاه اتفاقية التبادل الحر مع تركيا، وهل اقتصار الأمر على الجانب التركي يساهم في حل أزمة الصناعة الوطنية؟
أعتقد أن مراجعة اتفاقية التبادل الحر يجب أن تشمل العديد من الدول الأخرى، وأن يكون التفكير في التعاطي معها من خلال الأرباح التي تعود على المغرب ومواطنيه.
بالنسبة للاتفاقية مع تركيا ليست متوازنة، خاصة أن الأسواق المغربية باتت محتلة بالبضائع التركية، وفي المقابل لا نجد بضائع مغربية تباع هناك.
أعتقد أن الحديث عن الاتفاقية مع تركيا فقط لن ينصف الصناعة المغربية الوطنية، وعلينا أن نوسع الحديث ليشمل مجموعة من اتفاقيات التبادل الحر مع المغرب.
على الرغم من وجود حراك قوي في المجال الحقوقي في المغرب... هناك العديد من القضايا الشائكة في هذا الملف... برأيك ما الأسباب الحقيقة وراء استمرار هذه الأزمات؟
المغرب بذل الكثير من الجهد من أجل إقرار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والمدنية للمرأة، إلا أن هذه الحقوق ما زالت غير مكتملة، ونحن بحاجة إلى تدعيم الإطار القانوني الوطني بقوانين لصالح المرأة المغربية.
القانون الجنائي المغربي ما زال به بعض البنود الحاطة بكرامة المرأة والتي تنتصر للثقافة الذكورية بشكل كبير.
ما أبرز تلك القوانين التي تنتصر للثقافة الذكورية حسب قولك؟
أبرز هذه القوانين فيما يتعلق بمسألة الإجهاض التي لم تحل حتى الآن، خاصة أن النساء يتعرضن للمتابعة القانونية حال إيقافهن في حالة إجهاض. وكذلك العلاقات الرضائية، خاصة أنه حين يدخل الرجل في علاقة رضائية مع امرأة أخرى تعتبر علاقة خيانة، إلا أنه إذا تنازلت زوجته عن المتابعة، تبقى المرأة وحدها في السجن، علما أن العلاقة جمعت بين راشدين رجل وامرأة.
أرى أن حماية النساء المغربيات من الاستغلال الجنسي وعدم المساواة في المسائل القانونية، يبدأ بإصلاح المنظومة القانونية الوطنية.
فيما يتعلق بأزمة تزويج القاصرات هل ترين أن إلغاء الاستثناء المخول للقضاة بات ضروريا؟
أرى أن استمرار وجود الاستثناء حتى الأن لتزويج القاصرات من خلال القضاة، هو شرعنة رسمية للاغتصاب.
هل من مبادرات تشريعية لتعديل أو إصدار قوانين جديدة للتغلب على القصور الموجودة ببعض التشريعات؟
هناك مجموعة من المبادرات والمقترحات القانونية من جانب البرلمان، الذي يشهد الآن نقاشا حول القانون الجنائي، وإمكانية سحب المشروع الذي تقدمت به الحكومة، والعمل على مشروع يشمل كل مواد القانون الجنائي.
وأرى أنه لا يمكن الحديث عن مغرب متطور ومتقدم ومنتصر لأطفاله ونسائه، دون أن مطابقة القانون الجنائي مع التزامات المغرب الدولية بشأن حقوق الإنسان ومن بينها حقوق الطفل والمرأة.
كما أن هناك مبادرة برلمانية من أجل إلغاء الاستثناء الخاص بتزويج القاصرات.
على الصعيد الخارجي هل بالإمكان إحداث قفزة في العلاقات المغربية الجزائرية نحو حل الخلافات القائمة ما من شأنه التقارب؟
التوافق والتقارب هو ضرورة من أجل الشعبين معا، وهناك مبادرات قوية من المغرب تجاه هذا الملف، إلا أنه يحتاج إلى حوار صريح وواضح بين الطرفين.
كيف ترين استبعاد المغرب من محادثات برلين الخاصة بليبيا.. وما الذي يمكن أن يقدمه في إطار حل الأزمة؟
المغرب أشرف على محادثات الصخيرات، وهو جزء من الانتماء الإقليمي لليبيا، والأزمة هناك تؤثر على كافة دول الجوار والمنطقة بما فيها المغرب، وأرى أنه على المغرب أن يواصل دوره الفاعل انطلاقا من علاقته مع جميع الأطراف.
بشأن تقليص عدد أعضاء الحكومة مؤخرا.. ما هي انعكاسات الخطوة على الشارع المغربي؟
الانعكاس الأول يتعلق بالعائد المعنوي، خاصة أننا اعتدنا أن يكون عدد أعضاء الحكومة من 39 إلى 40 وزيرا، وكان فيها بعض الترضيات وليس منطق الكفاءة أو الحاجة لوزارة دون الأخرى.
التقليص كان مطلبا شعبيا، ويعد خطوة إيجابية في العموم، كما نتمنى أن ينعكس ذلك على آداء الحكومة ومطالب الشارع المغربي.
كيف يمكن تقييم أداء الحكومة المغربية حتى اليوم؟
طموحات الشارع المغربي أكبر من الحكومة الحالية ومن كل الحكومات، خاصة أن هناك عمليات تعبير عن حالات تذمر وعدم رضاء، إلا أن بعض المجالات تشهد تقدما، فيما تتأخر القطاعات الاجتماعيات عن تقديم الخدمة اللائقة للمواطن المغربي، منها التعليم والصحة والتشغيل، وهي بحاجة إلى إصلاحات كبيرة جدا.
بشأن العلاقات المغربية الروسية كيف يمكن تقييمها في السنوات الأخيرة من وجهة نظرك؟
تقدم روسيا نموذجا لتطوير التعاون الاقتصادي مع الدول المغاربية، وقد أشاد الرئيس بوتين مؤخرا خلال استقباله السفير المغربي بدينامية الشراكة مع الرباط. وفي ليبيا نعتقد أن الحل لا يمكن أن يكون إلا سياسيا، وبواسطة الليبيين أنفسهم عبر حوار داخلي. لا أحد يمكن أن ينوب عنهم في تسوية الصراع، أو يكون أكثر نجاعة منهم. ويمكن لروسيا أن تشجع على هذا الحوار، أن تدعم اتفاق الصخيرات الذي يبقى التوافق الوطني الوحيد بين الليبيين، تحت رعاية الأمم المتحدة، ويمكن أيضا أن تساعد على تطويره بدعمها للحوار الليبي الليبي.
أجرى حوار: محمد حميدة