في الأيام القليلة الماضية، أجرى أمير قطر تميم بن حمد، زيارات لتونس والجزائر، فيما زار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون السعودية، في وقت تجري ترتيبات لزيارة العاهل المغربي للسعودية.
تعزيز العلاقات
بعض الآراء ذهبت إلى أن التقلبات الإقليمية وتغير السلطة في تونس والجزائر، تطلب معرفة المواقف بشكل واضح، كما تتجه السعودية لعلاقات أكبر مع المغرب خلال الفترة المقبلة.
الأسبوع الماضي، أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز خلال لقائه في العاصمة الرياض مع مستشار ملك المغرب، فؤاد عالي الهمة، ووزير الخارجية ناصر بوريطة، أهمية علاقات المملكة مع المغرب مع المزيد من فرص الشراكة الثنائية.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن ولي العهد السعودي بحث مع مستشار العاهل المغربي "مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك".
في الوقت الذي زار فيه الرئيس عبد المجيد تبون المملكة العربية السعودية تلبية لدعوة تلقاها من الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، تزامن ذلك وجود الرئيس الموريتاني، محمد الغزواني، ووفد مغربي يقوده فؤاد عالي الهمة، مستشار العاهل المغربي محمد السادس، ووزير خارجيته ناصر بوريطة، في زيارة إلى المملكة.
الصحراء المغربية
وهو ما وضع التساؤلات بشأن إن كانت هناك أي ترتيبات تتعلق بقضية الصحراء المغربية التي ترتبط بالدول الثلاث، أو ما إن كان الأمر يتعلق بملفات أخرى خاصة بعد الانتخابات التي أجريت في الجزائر وتونس وموريتانيا.
يرى فيصل الصانع الكاتب والمحلل السعودي، أن العلاقات بين المملكة والمغرب لم تتأثر خلال الفترات الماضية بالحجم الذي تداوله البعض بوسائل الإعلام.
وقال إن "زيارة وزير الخارجية المغربي للتحضير لزيارة العاهل المغربي للسعودية هي خطوة هامة في إطار إعطاء نفس جديد للعلاقات بين البلدين، خاصة في ظل الترويج الإعلامي في الفترة الأخيرة لمعلومات مغلوطة عن الفتور في العلاقات بين الجانبين".
وأشار إلى أن بعض التغيرات الإقليمية تتطلب التنسيق بشكل أكبر بين الرباط والرياض، وأن زيارة العاهل المغربي ستشهد لقاءات بين المسؤولين في قطاعات عدة منها الدفاع والاستثمار والتجارة وقطاعات أخرى.
وشدد على أن السعودية ليست لها دوافع تجاه المغرب العربي، وأنها حريصة على استدامة العلاقات، خاصة أن تونس والجزائر وموريتانيا أجرت انتخابات رئاسية جديدة، ما يعني أن اللقاءات الآن أفضل من أوقات الفترات الانتقالية.
ملف قطري سعودي
وتابع أن المملكة لا تنظر لقطر أو أي دولة أخرى في تحركاتها وشراكتها مع الدول العربية، وأنها تقيم تعاونها بناء على الدول التي تتعاون معها لا على مواقف دول أخرى.
يربط النائب عبد الوهاب بن زعيم، عضو مجلس الأمة الجزائري، بين زيارات لأمير قطر إلى الجزائر، وكذلك زيارة الرئيس الجزائري للسعودية، وأن اللقاءات جاءت بعد غياب موقف الجزائر تجاه العديد من القضايا العربية، خاصة الملف القطري السعودي، وكذلك الملف الليبي.
ويرى ابن زعيم أن الجزائر كانت صامتة تجاه الكثير من القضايا، وكانت دول الخليج لا تعرف موقف الجزائر تجاه تلك القضايا، إلا أنه بعد انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون عبرت عن موقفها الرسمي تجاه العديد من القضايا.
حول أهداف التحركات الخليجية تجاه الجزائر، قال ابن زعيم "إن الخطوات الخليجية تجاه الجزائر يمكن اعتبارها في إطار تجديد العلاقات لا المنافسة، وكذلك تجديد مواقف الجزائر والتأكيد على أنها لا تعتمد على الاستقطاب، وأن تحرك الرئيس في جميع الاتجاهات يهدف لتجديد الشراكة الاستراتيجية مع كل الأطراف.
علاقات تاريخية ومتشعبة
من الجانب المغربي، قال أحمد الباز عضو المكتب السياسي بحزب "الاتحاد الدستوري" المغربي، إن العلاقة السعودية المغربية تاريخية ومتشعبة وممتدة.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن المسؤولين في كلا البلدين يعملون من أجل استدامة العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، خاصة أن التحولات التي حصلت في منطقة الخليج وصعود جيل جديد وظهور طموح داخل كل بلد من البلدان لكسب علاقات أخرى ونفوذ على مستويات أوسع من الجوار.
ويرى أن التحولات الحاصلة لم يكشف عنها بشكل واضح، وأنها تجري على أرض الواقع وفق تحولات أخرى في المنطقة، بداية من "الربيع العربي"، والذي أدى إلى ظهور بعض التيارات والحركات الجديدة التي يمكن أن تصل إلى بلدانهم.
وأشار الباز إلى أن بعض الخلافات بين دول الخليج تتعلق بالتيارات التي ظهرت بعد 2011، وأن المغرب تختلف منهجيته في التعامل مع هذه التيارات، وبعض التناقضات الخارجية ظهرت في عملية مواجهة تمدد التيارات الإسلامية (الإخوان المسلمون)، وأن التيارين في منطقة الخليج الآن يختلفا في التوجه، حيث تقود السعودية والإمارات والبحرين التيار الأول، فيما تقود قطر التيار الثاني بالتعاون مع تركيا للاستقواء بها.
ويشدد الباز على أن المغرب لم ينساق مع سياسة الأطراف، كما الأزمة في ليبيا ترتبط بالأطراف الخليجية أيضا، والمغرب معني بالأزمة لما لها من تأثير على المنطقة بشكل كامل.
شراكات مغربية
وتابع الباز "أن الشراكات المغربية لا تقتصر على دولة دون أخرى وأنها منفتحة على الجميع. وهناك بعض المؤثرات يمكن أن تؤثر على العلاقات المغربية السعودية، إلا أنها قابلة للتجاوز من منطلق العلاقات التاريخية والحرص على استدامة التعاون على كافة المستويات".
من ناحيتها، قالت بشرى برجال، عضو سابق بالبرلمان المغربي، إنه لا يجب أن يكون هناك أي تنافس بين الدول الخليجية تجاه دول المغرب العربي.
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن الواجب يفرض أن تكون العلاقات تضامنية وتعاونية بشكل أكبر، في إطار التكامل بين الدول العربية، مرحبة بالخطوة السعودية المغربية، خاصة في ظل انفتاح المملكة المغربية على كل الدول العربية والأجنبية، في حين أن العلاقات التاريخية بين المغرب والدول العربية قوية ومشتركة على أصعدة عدة.
وجاءت الترتيبات المغربية السعودية بعد أن أبدى المملكة المغربية استعدادها للمساهمة في التنسيق الأمني واللوجستي مع الدوحة في ما يتعلق باستعدادات الأخيرة لتنظيم مونديال 2022، وهو ما يمكن اعتباره محاولة من الرباط بألا تؤثر هذه الخطوات على العلاقة مع الحلفاء التقليديين، خاصة السعودية والإمارات.
مصالحة ووساطة جزائرية
ومنتصف الأسبوع الماضي، قام أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، الثلاثاء الماضي، بزيارة رسمية إلى الجزائر التقى خلالها بالرئيس عبد المجيد تبون، بعد زيارته تونس.
وأكد الرئيس الجزائري وجود "توافق تام" بين الجزائر وقطر حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية، حسب ما نقلت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.
من ناحيته قال علي الهيل، المحلل السياسي، إن الجزائر ستحاول القيام بالمصالحة بين قطر والدول "المحاصرة" لها. وأضاف أن بعض التساؤلات تطرح نفسها خاصة بعد تعثر الوساطة الكويتية، وهو ما يطرح التساؤل الأهم بشأن مدى إمكانية نجاح المبادرة الجزائرية.
ويرى الهيل أن قطر لديها علاقات استثمارية واقتصادية كبيرة مع دول الخليج، وأن وجود أي علاقات اقتصادية أخرى بدول المغرب العربي يأتي في إطار التنمية والتعاون مع الدول الشقيقة.