يرى مراقبون أن تلك الزيارة متوازنة بين الملفات الاقتصادية والسياسية، علاوة على أنها تمثل مرحلة جديدة من استعادة العلاقات التاريخية بين لندن ودول الخليج بعد خروج الأولى من الاتحاد الأوروبي، كما أن بريطانيا تحاول خلال المرحلة القادمة استعادة دورها السياسي في ملفات المنطقة وعلى رأسها الأزمة اليمنية.
وأضاف الطه، أن وزير الخارجية البريطاني من خلال زيارته الأولى للمنطقة يحاول استعادة العلاقات التاريخية خصوصا في منطقة الخليج وتنميتها، ويبدو لي أن تهيئة تلك العلاقات قد بدأت مبكرا وقبل هذا التاريخ، حيث كانت هناك زيارات لرئاسة الوزراء ووزارة الخارجية قبل خروج المملكة المتحدة من البريكست، في محاولة لرسم الخريطة الاقتصادية بين بريطانيا ودول الخليج، ووضع أولويات للاتفاقات التي ستكون ثنائية في تلك المرحلة وليس عبر الاتحاد الأوروبي، وفي مقدمة تلك العلاقات التي تبحث عنها لندن، هي علاقات بريطانيا مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وأشار العضو الاستشاري، إلى أن دول الخليج هي الأكثر ترشيحا من جانب بريطانيا لإبرام التعاقدات الثنائية التي تطمح لها بريطانيا، كما أن لتلك الزيارة جانب سياسي يصب في نفس الخانة، وهي محاولة بريطانيا استعادة دورها السياسي الذي كانت تلعبه في السابق في المنطقة والذي تراجع كثيرا في العقود الأربع الماضية مع طغيان الدور الأمريكي على المشهد السياسي في المنطقة، وهي استعادة هيبتها السياسية في المنطقة عبر الأزمة اليمنية.
وأوضح الطه، أن هناك قبول بريطاني لدى دول مجلس التعاون الخليجي، وتطمح الأخيرة إلى خلق علاقات استراتيجية مع المملكة المتحدة، حيث أن دول الخليج في حاجة إلى تحالف سياسي مع قوى عظمى بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لكي تكون في موضع أفضل بالنسبة للقضايا الراهنة التي تشكل في بعض الأحيان حالة من الحرج والتي تحتاج إلى دعم وإسناد وفي مقدمتها الأزمة في اليمن.
ومن جانبه قال الدكتور عبد الله العساف المحلل السياسي السعودي لـ"سبوتنيك"، تطمح بريطانيا بعد أن تحررت نسبيا من الاتحاد الأوروبي إلى إعادة تشكيل مصالحها وتقديم نفسها كشريك يحظى بالقبول في المنطقة.
وأضاف المحلل السياسي، في إطار هيكلة بريطانيا وسياساتها الجديدة بعد البريكست تسعى لندن لتعويض الفرص الاقتصادية منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي لإيجاد صفقات تجارية في قطاعات التعليم والصحة والصناعة، كما سيكون الملف السياسي حاضرا وبقوة من خلال بحث الحلول السياسية للازمة اليمنية خصوصا.
وأشار العساف إلى أن وزير الخارجية البريطاني سيلتقي الرئيس هادي في الرياض "وفي تقديري أنها زيارة متوازنة لا يطغى فيها الاقتصاد على السياسية ولا السياسية على الاقتصاد، فهما قاطرتين يقودان بعضهما وتوجه إحداهما الأخرى، والأهم هو محاولة تجديد علاقة بريطانيا بدول المنطقة من خلال برنامج زيارته لعمان والالتقاء بسلطانها الجديد".
وبدأ وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، أول زيارة رسمية له إلى الخليج، اليوم الاثنين، لإجراء محادثات في السعودية وسلطنة عمان.
وسيلتقي الوزير، الذي عينه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في تموز/ يوليو، من العام الماضي، بقادة اليمن في محاولة لتنشيط الجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي للحرب الأهلية الدائرة هناك منذ خمسة أعوام.
وقال راب في بيان إن "الخليج مهم لأمن المملكة المتحدة، وتحمل المنطقة أيضا فرصا هائلة. وترغب عمان والسعودية في تنمية قطاعات مثل الصحة، والتعليم، والثقافة وهي (قطاعات) تقود فيها بريطانيا العالم".
وأضاف "أتطلع إلى بحث التجارة والأمن الإقليمي والتغير المناخي وحقوق الإنسان في هذه المنطقة الحيوية".
وسيتوجه راب إلى عمان أولا لإجراء محادثات مع السلطان هيثم بن طارق، ووزير الدولة العماني للشؤون الخارجية يوسف بن علوي.
وسيجري الوزير بعد ذلك مباحثات في السعودية تتناول التجارة ورئاسة السعودية لقمة مجموعة العشرين واستضافة بريطانيا لقمة للمناخ، كما سيجتمع راب خلال زيارته للرياض بالرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
وذكر بيان الخارجية البريطانية أن الوزير "سيبحث عن فرصة للدفع باتجاه حل سياسي للأزمة في اليمن وذلك بعد زيادة العنف أخيرا من قبل الحوثيين".