قالت الدكتورة نوارة أبو محمد المتخصصة في التنمية الريفية والعلوم البيئية بشرق السودان لـ"سبوتنيك" الحولية بشرق السودان منطقة "سنكات" هي إحياء لذكرى السيدة الشريفة مريم الميرغنية، وهي كانت امرأة تهتم بالمجتمع والتعليم والمساعدة في التعليم وهنالك مدرسة تحمل اسمها "مدرسة الشريفة مريم الميرغنية"، وهي مدرسة أساس وكانت ترعى الأيتام والفقراء والمساكين حتى لقبت بأم المساكين.
وتابعت أبو محمد، تقام الحولية سنويا لإحياء ذكرى الشريفة مريم وهي ابنة هاشم بن محمد عثمان المرغني قائد الطريقة الختمية ويكون هنالك مهرجانات احتفالية كبيرة يتخللها تسوق ومدائح وسباق للهجن وهي الجمال وأيضا هي فرصة للتواصل وحل للمشكلات مابين القبائل والافراد المختلفين بوجود "المراغنة" وهم الذين ينتمون إلى الشريفة مريم من أبناء وأحفاد، ويقومون بحل المشاكل التي غالبا ماتكون بين قبيلة وقبيلة في الرعي أو الأرض، كما أن الحولية تكون فرصة لتلاقي العائلات واختيار الفتيات للزواج والمصاهرات.
وقالت فاطمة حمد الباحثة في تراث شرق السودان لـ"سبوتنيك"، ولدت السيدة مريم الميرغنية في عام 1287 هجرية، ولم ترزق خلال حياتها بأبناء، لكنها جعلت من المساكين واليتامى والأرامل وأبناء السبيل أبناء لها، فعاشت حياتها فى عمل الخير والبر والإنفاق، فحفظ لها الناس هذا الصنيع. وظلت ذكرى رحيلها محضورة بالناس الشاكرين لها هذا الصنيع.
وأضافت حمد، ظلت الشريفة في ترحال شتاء وصيفا، وكانت ترتحل "لسنكات" صيفا وتعود شرقا لمدينة سواكن لقضاء فترة الشتاء، وقد نشرت ثقافة التسامح والتعايش بين الناس بمختلف قبائلهم، وهذا ما يفسر سمو مفاهيم المواطنة كأساس للتعايش بين الناس فى هاتين المنطقتين.
وتابعت الباحثة في التراث، كما اهتمت الشريفة مريم بقضايا التعليم، حيث أولت التعليم اهتماما كبيرا خاصة الدينى منه، فأقامت المساجد والخلاوي في كل من هيا وسنكات وجبت وكمسانة وسلوم، وساهمت في دعم المدرسة الثانوية المصرية، وكانت تشرف عليها وتدفع رواتب بعض العاملين بها، وساهمت أيضا فى قيام التعليم الأهلي ببورتسودان.
وأوضحت حمد أن الميرغنية كانت من أوائل الناس الذين حثوا البنات على التعليم، وأوفدت أول فتاة من المنطقة وهي زينب عبد الله عمر، لتكون أول زائرة صحية وقابلة تمارس المهنة بأسس علمية بدلا من التقليدية، وقد شهدت اللحظات الأولى لميلاد عدد من المشاهير فى المجالات المختلفة من أبناء المنطقة.
من هي الميرغنية
هي الشريفة السيدة مريم الميرغنية ابنة السيد محمد هاشم بن السيد محمد عثمان الميرغني الختم؛ مؤسس الطريقة الختمية النورانية. ووالدتها هي فاطمة أحمد عاولي؛ تنتمي إلى أعرق بيوتات الأرتيقا البجاوية القاطنة بمدينة سواكن وهي عمة السيد علي والأكبر سناً في جيلها من البيت الميرغني ولدت في العام 1287 من السنة الهجرية، قرأت القرآن وعلوم الفقه في زاوية جدها السيد محمد عثمان الميرغني الختم، التي أنشأها خصيصا لتعليم النساء أمور دينهن، واقترنت بابن عمها السيد محمد عثمان تاج السر الميرغني الذي ولد في العام 1266 من العام الهجري ثم توفي العام 1321 هجرية، ودفن بجوار مسجده الذي بناه في مدينة سواكن ومنذ وفاة زوجها نهضت الشريفة مريم بأعباء الدعوة إلى الله وإرشاد المريدين في مناطق البحر الأحمر بشرق السودان وكانت مهمومة إلى حد كبير بتعليم النساء.
لم تكن الشريفة مريم تأكل أو تشرب أو تسكن أو تلبس إلا بما تشتريه من مالها الخاص، وهو نصيبها الذي يليها من ميراث ممتلكات المراغنة في الحجاز، ولم تكن تشرب لبنا أو تأكل لحما إلا من غنمها التي كانت تحبسها وتجعل عليها حراسة حتى لا تعتدي على ممتلكات الغير، وكان شرابها وطهورها من ماء بئر حفرتها بحُر مالها في (حي الشاطئ) بمدينة سواكن، ففي شهور الصيف كان الماء يأتيها بالجمال يفرغونه ثم يعودون، وما كانت تأكل الطعام إلا من صنع رجل خصصته لذلك، طحنا وعجنا وعواسة، وكانت تتحاشى ما تصنعه النساء حذرا من أنهن قد يكن تحت وطأة السنن التي تعتري النساء.