وفي ظل ما يعانيه لبنان من أزمات اقتصادية واجتماعية حادة، حطت أزمة فيروس كورونا لتثقل كاهل المواطنين المجبرين على الالتزام بالحجر المنزلي لمنع تفشي الوباء، لا سيما وأن شريحة واسعة منهم تعمل وفق نظام (العمل اليومي) لتأمين مداخيلها وحاجيات عائلاتها.
وبهذا الصدد يقول الباحث في شركة "الدولية" للمعلومات محمد شمس الدين لـ"سبوتنيك": "إن وضع لبنان سيء ومتراجع، وجاء انتشار وباء كورونا ليزيده تردي وصعوبة، فاليوم الوضع الاقتصادي صعب جداً، ولدينا عجز في الموازنة، وارتفاع في نسبة البطالة والفقر، والاحتجاجات الأخيرة زادت الأمور صعوبة.
ولفت شمس الدين إلى أنه لا يوجد إحصاءات من بعد شهر شباط/فبراير، لأن الاحصاءات تحصل بالحد الأدنى كل 6 أشهر أو سنة.
وتابع قائلاً إن "نسبة البطالة الرسمية المعلنة هي 11.6 % لكن الواقع أنها تجاوزت الـ 25% وربما 27% لأننا نعلم أنه من 17 تشرين/كانون الأول لغاية كانون الثاني 15 ألف فقدوا عملهم و حوالي 50 ألف، أو تراجعت مداخيلهم بنسبة 50% أو 20%، وفي شهري شباط/فبراير و اذار/مارس حكماً اصبح هناك تراجع أكثر وأكثر لأن كل القطاعات الخدماتية من سياحة و سفر ونقل كلها متوقفة".
وأضاف: "نحن أمام كارثة حقيقية، مصرف لبنان أعلن عن حوافز للمؤسسات حيث سمح لها أن تتدين بفائدة 0% لتغطية الرواتب والأجور لأشهر آذار/مارس ونيسان/أبريل /وأيار/مايو ولكن هناك العديد من المؤسسات الفردية التي هي خارج النظام المصرفي وبالتالي تجد صعوبة في الحصول على هذه القروض المدعومة".
ونوه إلى أن "الوضع صعب والخوف يتمحور باستمرار إقفال المؤسسات لأشهر قادمة حينها نكون أمام كارثة حقيقية".
وأكد شمس الدين أن "لبنان في وسط الأزمة وإذا استمر الإقفال حكماً سنكون أمام انهيار تام وكبير لأن هناك 55% من المواطنين ليس لديهم إمكانية الصمود والاستمرار والمساعدات التي تعطيها الحكومة لا تكفي، اليوم إذا تم إعطاء كل أسرة مساعدة 180 ألف ليرة لبنانية لـ 100 ألف أسرة بينما لدينا 300 ألف قد يكونوا بحاجة لمساعدات في الأشهر القادمة".
بالمقابل قال الباحث في علم الاجتماع الدكتور طلال عتريسي لـ"سبوتنيك": إنه "لا شك أن الأزمة الاقتصادية قبل وباء كورونا كانت أزمة قوية، والمجتمع اللبناني كان متضرر منها وخصوصاً أن موضوع المصارف أوقع الناس في مأزق عدم القدرة على سحب أموالهم، واليوم تأتي أزمة كورونا لتزيد وتفاقم من وضع المواطنين الصعب".
وتابع "اليوم الجزء الأكبر في المنازل وهناك قسم كبير يعيش من عمله اليومي وهذا الأمر أصبح متعذر اليوم، في ظل تطلع المواطن إلى مساعدات حكومية للمياومين وللموظفين الذين صرفوا من أعمالهم".
وعن إمكانية حصول انفجار اجتماعي قال عتريسي: إن "هناك خوف من المرض ومن الخروج من المنزل ومن التجمعات الكبيرة، واليوم المواطن يتحمل الوضع الاجتماعي من أجل الحفاظ على صحته، وبالتالي لا أتوقع أن يحصل انفجار اجتماعي، لكن سيتراجع وضع الناس، والأمر مرهون بإجراءات الحكومة كيف ستقدم مساعدات وكيف من الممكن أن تلزم أصحاب المصارف بفتح الأبواب للناس لاسترجاع أموالها وإلزامها بتقديم مساعدات أو دعم من الأموال التي حصلت عليها من السنوات الماضية".
وأشار عتريسي أنه يوجد مجموعة من الإجراءات التي من الممكن أن تخفف عن الناس تستطيع الحكومة أن تقوم بها أما أن تخرج الناس بتظاهرات وبمطالب فهذا مستبعد بسبب الظروف الصحية.
وأكد أن "الوضع الاقتصادي للمواطنين سيء، قبل أزمة كورونا واليوم ازداد الوضع سوء خصوصاً بعد ارتفاع الأسعار، وبالتالي نحن نعيش أزمة اقتصادية ولهذا السبب على الحكومة أخذ إجراءات سريعة، ويجب أن تلزم أصحاب المصارف الذين هم سبب من أسباب الأزمة المالية والاقتصادية".