يرى مراقبون أن استمرار تلك الحالة قد يؤدي إلى فقدان السيطرة في ظل غياب الدولة التام، وأن الحل في توحيد كل القوى العسكرية والأمنية والمالية والإدارية بيد سلطة واحدة قبل فوات الأوان... فهل يمكن السيطرة الآن؟
قال الدكتور ثابت حسين، الخبير العسكري والاستراتيجي اليمني، إن الوضع في عدن خاصة، والجنوب اليمني عامة، وضع مزدوج وغريب ومعقد أمنيا وعسكريا تحت سيطرة المجلس الانتقالي، لكن الموارد المالية ما زالت بيد سلطة الشرعية، كما أن السلطة الإدارية هي بيد التحالف وتحديدا السعودية، غير أن هذا الوضع المزدوج لم ولن يؤثر في حرب التحالف ضد الحوثيين في الشمال لسبب واضح ومعروف.
وأضاف الخبيرالاستراتيجي لـ"سبوتنيك"، أن التحالف لا يخوض حربا برية ضد الحوثيين بل كان وما زال يقدم الدعم بالضربات الجوية والغطاء الجوي والدعم اللوجستي بالمال والسلاح للمقاومة ضد الحوثيين، وفي حين نجحت المقاومة بقيادة المجلس الانتقالي بتحرير أراضي الجنوب من الحوثيين، أخفقت المقاومة في الشمال التي يقودها حزب "الإصلاح" ليس فقط في التقدم نحو صنعاء، بل وسلمت مواقعها في نهم والجوف وتعز وإب وحجة للحوثيين دون معارك جادة وحقيقية.
وأشار حسين إلى أنه من الواضح أن حزب الإصلاح ليس جادا في مقاومة الحوثيين، بل كرس ويكرس جهوده الحربية والإعلامية والمالية بمساعدة قطر وتركيا لافتعال مشاكل في الجنوب من ناحية، ومع التحالف وخاصة الإمارات من ناحية ناحية اخرى.
ولفت الخبير الاستراتيجي، إلى أنه كان يتعين على السعودية أن تسلم الإدارة الذاتية للجنوبيين "المناطق المحررة" وتضغط على الشرعية لحشد كل القوى والوسائل لتحرير الشمال من الحوثيين، أما بقاء الوضع كما هو وبنفس السياسات والأدوات فمعناه عدم استقرار الجنوب وبقاء الشمال تحت سيطرة الحوثيين.
من جانبه قال عبد العزيز قاسم القيادي بالحراك الجنوبي إنه لا الشرعية ولا الانتقالي تسيطر على عدن اليوم، وما يقال عن انشقاقات داخل القوات الموالية للمجلس ليس صحيحا، لأن تلك القوات لم يكن ولائها واحد وإنما أعلنت الإنضمام ولم تغير الولاء.
وأضاف قاسم لـ"سبوتنيك"، أن الواقع يقول إنه لا توجد سيطرة فعلية على الأرض لأي من قوات الانتقالي أو الشرعية سواء في عدن أو المحافظات الجنوبية الأخرى، لأن السيطرة تعني المسؤولية عن الأحداث سواء الأمنية أو الاقتصادية، وما يحدث في عدن أن هناك تحركات سواء كانت في المجلس الانتقالي أو الشرعية لكنهم لا يستطيعون اتخاذ قرارات.
وأشار القيادي بالحراك، إلى أن هناك قيادات يشار إلى أنها تابعة للانتقالي لكنها غير مرتبطة معه بأهداف بشكل وثيق، لأن بعضهم محسوب على المؤتمر الشعبي العام والبعض الآخر يتبع الحراك الجنوبي، وهناك خلافات بالفعل فيما يتعلق بالجانب التنظيمي.
وأوضح قاسم أن 40 لواء أعلن ولائه للانتقالي في البداية، لكن في حقيقة الأمر تلك الألوية عقيدتها العسكرية والفكرية لم ولن تنسجم في يوم من الأيام مع المجلس الانتقالي، وقد تكون اعلنت ولائها للتمكن من دخول عدن والسيطرة عليها والكثير منها تابع للشرعية وموجوده في عدن، وأيضا هناك قوات من الانتقالي، لكنها محصورة في أماكن محددة بعدن.
وأوضح القيادي بالحراك، أن عدن تعيش اليوم حالة من سيطرة المليشيات، حيث غاب الدور الرائد للرئاسة والحكومة الشرعية، وتحول الجنوب إلى الكثير من الولاءات بعد سيطرة السلطات المحلية أو الميليشيات كل منهم على منطقة في ظل غياب تام للدولة وسيطرة الولاءات.
وكانت الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وقعا، برعاية سعودية، في الخامس من نفمبر/تشرين الثاني الماضي، اتفاق الرياض لإنهاء التوتر والتصعيد العسكري بينهما على خلفية سيطرة قوات المجلس على العاصمة المؤقتة عدن في العاشر من أغسطس/آب الماضي، عقب مواجهات دامية مع الجيش اليمني استمرت أربعة أيام وأسفرت عن سقوط 40 قتيلاً و260 جريحاً، بحسب الأمم المتحدة.
وينص الاتفاق على "مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي في وفد الحكومة لمشاورات الحل السياسي النهائي لإنهاء انقلاب جماعة أنصار الله "الحوثيين" على الشرعية اليمنية.
ويحدد الاتفاق، في ترتيباته السياسية، تشكيل حكومة كفاءات لا تتعدى 24 وزيرا بالمناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية، يعينهم الرئيس عبد ربه منصور هادي بالتشاور مع رئيس الوزراء والمكونات السياسية خلال 30 يوما من توقيع الاتفاق على أن يؤدي أعضاؤها القسم أمام الرئيس في اليوم التالي بعدن، وهي المهلة التي انتهت بالفعل دون تنفيذ ذلك.
كما ينص على عودة جميع القوات التي تحركت من مواقعها ومعسكراتها الأساسية باتجاه محافظات عدن وأبين وشبوة منذ بداية آب/أغسطس الماضي- إلى مواقعها السابقة، وتحل محلها قوات الأمن التابعة للسلطة المحلية في كل محافظة خلال 15 يوما.
وتقود السعودية، منذ مارس/ آذار 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، سيطرت عليها الجماعة أواخر 2014، وبالمقابل تنفذ جماعة "أنصار الله" هجمات بطائرات بدون طيار، وصواريخ باليستية، وقوارب مفخخة، تستهدف قوات سعودية ويمنية داخل اليمن، وداخل أراضي المملكة.