تحويل أقنعة الغوص إلى جهاز تنفس اصطناعي يستخدمه المصابون بفيروس كورونا للتزود بالأكسجين، واحدة من الأفكار التي جادت بها قريحة طلبة كلية المهندسين بمحافظة صفاقس جنوبي البلاد، في إطار سعيهم المشترك إلى مكافحة هذه الجائحة وإنقاذ الأرواح البشرية، في ظل النقص المسجل على مستوى أجهزة التنفس في المستشفيات العمومية.
يقول الأستاذ مجدي عبيد وهو المشرف على الطلبة في كلية المهندسين بصفاقس في حديثه لـ"سبوتنيك"، إن الهدف من هذا الابتكار هو تمكين المصابين من التنفس اصطناعيا وكذلك حماية الإطارات الطبية من العدوى لدى مدهم المرضى بالأكسجين.
ويضيف عبيد: "تطوعت شركة خاصة لتزويدنا بكميات هامة من أقنعة الغوص التي حولناها إلى أجهزة تنفس اصطناعي باستخدام تقنية ثلاثي الأبعاد، بعد إضافة أجهزة وسيطة تعمل على ربط أقنعة الغوص بأجهزة التنفس الموجودة في المستشفيات".
ويؤكد عبيد أن هذه الأجهزة بإمكانها ضمان التزود بالأكسجين لمريضيْن إلى أربعة مرضى، شريطة أن يكونوا في نفس المرحلة المرضية وفي نفس الحجم الجسدي، وهو ما سيساعد على تخفيف الضغط على أجهزة التنفس في حال تضاعفت حصيلة المصابين بفيروس كورونا.
ويوضح عبيد لـ"سبوتنيك" أن طلبة كلية المهندسين بصفاقس استوحوا فكرة هذا الابتكار من إيطاليا التي شرعت منذ فترة في استخدام أقنعة الغوص المزودة بصمام ثلاثي الأبعاد كبديل لأجهزة التنفس بعد تسجيل نقص حاد في هذه الأجهزة التي يحتاجها المرضى المقيمون في غرف العناية المركزة للبقاء على قيد الحياة.
ويبين محدثنا أن طلبة كلية الهندسة بصفاقس طوعوا النموذج الإيطالي ليكون متماشيا مع المعايير التونسية وملائما للأجهزة الموجودة في المستشفيات العمومية، مؤكدا أنه يمكن استخدام هذه الأجهزة أكثر من مرة.
ابتكار أقنعة واقية
ولأن أصحاب السترات البيضاء هم الأكثر عرضة لخطر العدوى بفيروس كورونا نتيجة تعاملهم المباشر مع المصابين بهذا الوباء، ابتكر طلبة المدرسة الوطنية للمهندسين في محافظة سوسة طريقة لحماية الإطارات الطبية من العدوى عن طريق صنع جهاز وقاية ثلاثي الأبعاد.
مدير الكلية عارف المدب قال لـ"سبوتنيك" إن الفكرة بدأت بإطلاق المدرسة الوطنية للمهندسين بسوسة بالتعاون مع كلية الطّب بالجهة تحديا "challenge" على مواقع التواصل الاجتماعي لتصنيع أنموذج لأجهزة تنفس اصطناعي، قبل أن تتحول الفكرة إلى صناعة أجهزة واقية، نظرا لحاجة الأطباء والممرضين الملحة إليها نتيجة احتكاكهم المباشر بالمصابين.
وأضاف المدب: "لاقت الفكرة تفاعلا واسعا من عديد الناشطين وخاصة طلبة مدرسة المهندسين الذين بادروا بتقديم نموذج للأجهزة الواقية".
وأشاد محدثنا بمشاركة متطوعين في الجهة في انجاح هذا الابتكار عن طريق تزويد الطلبة بالمواد الأولية وبالمطابع، وهو ما مكنهم من انتاج نحو 300 جهاز واقٍ يوميا.
وتعمل هذه الأجهزة على تغطية الوجه بشكل كامل ومن جميع الاتجاهات، كما تمنح الطبيب امكانية الاقتراب من المصاب بفيروس كورونا لمسافة قريبة جدا ورؤيته بشكل واضح بفضل السطح الأمامي الشفاف.
ويؤكد المدب أن نجاح هذه الأجهزة وسهولة استخدامها جعل الطلب عليها متزايدا، خاصة من قبل أعوان الأمن والموظفين الذين يتعاملون مع الناس بشكل مباشر على غرار العاملين بمكاتب البريد.
ويذكر أن عدد الإصابات بفيروس كورونا في صفوف الإطارات الطبية وشبه الطبية بلغ 55 حالة مؤكدة، تنقسم إلى 8 حالات وافدة و47 حالة عدوى افقية محلية.
وصرح وزير الصحة التونسي عبد اللطيف المكي، أمس، خلال جلسة استماع بمجلس نواب الشعب أن وزارة الصحة باشرت في التحضير لـ "سيناريو كارثي" نتيجة خرق عدد من المواطنين للحجر الذاتي والحجر الصحي العام، موضحا أن تونس تراهن على وعي التونسيين خلال هذه المرحلة الحساسة والتزام بالبقاء في منازلهم حتى تبقى في السيناريو المعتدل.