فقد توقفت حركات التنقل ما تسبب بتعطيل أنشطة كثيرة عن عملها، وأغلقت مجمعات الدراسة ما أقلق الطلاب في جميع أنحاء العالم، وخاصة أولئك الذين بتعلمون لغة أجنبية بقصد السفر وإكمال الدراسة العليا أو الاختصاص، أو حتى العمل.
وتزامنا مع صعوبة الظرف الراهن، اتفقت مجموعة من الأساتذة التونسيين، الذين يتقنون اللغة الألمانية ويحملون شهادات تخصصية بها، على استغلال الوقت بفتح المجال لتعليم هذه اللغة مجانياً وعبر الإنترنت.
وفي ذلك، قالت المديرة العامة للمعهد وأحد أفراد الكادر التدريسي سوسن سلطاني: "تقوم مراكز "educaro" بتدريس اللغة الألمانية مجانا أثناء الحجر الصحي".
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك": "في إطار التشجيع على تطبيق الإجراءات المتخذة من طرف الحكومة التونسية للحد من انتشار فيروس كورونا، ولضمان استمرار تعليم اللغة الألمانية للطلبة الذين ترتبط مصالحهم بالدراسة والعمل في ألمانيا، تطوع 40 أستاذ وأستاذة من شركة "educaro" للتدريس عبر الإنترنت وبشكل مجاني.
كانت الغاية مساعدة الطلبة في الحصول على فرص الدراسة وتأمين العمل لخريجي الجامعات والمعاهد في ألمانيا.
وعن السبب في جعل الدورة مجانية بالكامل استطردت قائلة: إن "المشاكل الإلكترونية التي تعيق فاعلية شبكة الإنترنت قد تحول دون مواصلة الدروس، ولتفادي أي مشاكل مالية قد تطرأ بعد الدفع قمنا بجعلها مجانية، وأيضا إسوة بكثير من الشركات التونسية التي دعمت الدولة في موجهة هذا الوباء".
وتابعت: "تمكن أكثر من 2000 طالب من الاستفادة من التسجيل في جميع الأقسام اللغوية لكل المستويات (A1, B2, B3) وتمت الدراسة عبر الإنترنت من خلال موقع "Zoom" المتبع حاليا في التواصل عن بعد".
وختمت سلطاني حديثها بالقول: "لدينا خمسة أفرع في تونس، وثلاثة خارج تونس، في المكسيك وتركيا والهند، وستكون الوجهة القادمة روسيا ومصر والجزائر".
وعن إقبال الطلاب لهذه الدورة قال المدرس صادق جراب، أحد أفراد فريق المعهد: "كنت أعلم من البداية كيف ستكون نسبة إقبال الطلاب على دراسة اللغة الألمانية بصفة مجانية، لذلك لم يكن شعوري مختلفاً عن الظروف العادية، ولكن تولد عندي احساس أنني أساهم بشكل ما في الاستفادة قدر المستطاع من البقاء في المنزل".
ولفت إلى أن "الطالب العادي يشعر أنه غير مجبر على الحضور في التوقيت والالتزام بقواعد الدرس, لأنه لم يدفع مقابل الدرس, فيختار ما يناسبه، لكن الطالب المجتهد ليس عنده فرق بين المدفوع والمجاني, فهو متواجد ذهنياً وعضوياً".
وختم: "مجانية الدروس زادت المدرسين حماساً، لأن هناك تأثيراً جيداً في كل الأحوال، وإذا أردنا مقارنة هذا بالدروس المدفوعة، فهناك يفقد المدرس عند المتعلم ذلك الشعور لأنه يكون مجبراً على التركيز والقيام بواجباته".
أما الطلاب فقد عبروا عن سعادتهم وفخرهم بما يقومون به، فوصفت الطالبة مروى شطورو الدورة "بالمفيدة للغاية".
وأضافت في حديثها لوكالة "سبوتنيك": "مجانية الدورة كانت سببا في تعلم هذه اللغة، وذلك لأنني لم أعد قادرة على تعلم اللغات بسبب تحدثي لأربعة، وقررت تعلم الألمانية بالمجان ومع توالي الدروس اكتسبت ثقة أكبر بالنفس وارتفعت معنوياتي، حتى أنني أريد إتقان هذه اللغة والاستفادة منها بأي طريقة"، مؤكدة في الوقت نفسه أكدت:
دعوة أصدقائها للانضمام، وقد أحبوا اللغة واندمجوا بها سريعا بسبب الأسلوب الممتع والمفيد المتبع.
وتابعت: "بسبب هذه الدورة نشأت عندي أهداف لم أكن أدركها، لذلك لا يوجد أي سبب لعدم مواصلة الدروس، لأنها ترسم بصيصا من الأمل في ظل الأوقات الصعبة التي نعيشها".
وأكد ذلك أيضا الطالب نضال وسلاتي، في حديثه لـ"سبوتنيك": "لقد وجدت ذلك جيد ومفيد جداً، وتمكنت من خلال هذه الدورة من تحسين مستوايي في اللغة الألمانية والتعرف على أصدقاء جدد، وأنا سعيد بهذه التجربة، وعازم على إكمالها".
وأضاف: "لدي العديد من الأصدقاء الذين دعوتهم لحضور الدروس، وفي مستويات مختلفة بينهم صديق يعيش حالياً في ألمانيا ووصف لي مدى سعادته بهذه المبادرة، خصوصا بعد الحجر هناك"، وأوضح أن:
النقود ليس لها أي دور أو تأثير على مردود الأستاذ على القيمة العلمية للدرس بكل اصرار وشغف واحتراف.
وختم: "في النهاية أريد أن أشكر كل من ساهم في نجاح هذه المبادرة من طاقم إداري وأساتذة لاسيما في هذه المرحلة الهامة والدقيقة.