وتظاهر لبنانيون احتجاجاً على الأزمة الاقتصادية التي اشتدّت مع إجراءات الإغلاق العام التي تهدف لاحتواء تفشي وباء كورونا. وفقدت العملة المحلية أكثر من 50 في المئة من قيمتها وفرضت البنوك قيودا مكبلة على رأس المال، وسط أزمة في السيولة.
ويقول مراقبون إن لبنان يتجه إلى أزمة سياسية كبيرة، في ظل توقعات بتزايد حدتها الفترة المقبلة، وسط تحذيرات من انزلاق الوضع إلى ما هو أصعب من ذلك.
تظاهرات ومواجهات
وتظاهر مواطنون ليل الاثنين الثلاثاء احتجاجاً على الأزمة الاقتصادية التي اشتدّت مع إجراءات الإغلاق العام التي تهدف لاحتواء تفشي وباء كورونا.
وقال الجيش اللبناني في بيان إنّ "مندّسين أقدموا على أعمال شغب"، وأحرقوا آلية عسكرية، واستهدفوا إحدى دورياته بقنبلة يدويّة، أضرموا النار بمصرف واحد على الأقلّ. وبحسب الجيش، جرح نحو 30 شخصاً، من بينهم فوّاز السمان (26 عاماً) الذي توفي لاحقاً متأثراً بجراحه.
وقالت "الوكالة الوطنية للإعلام" إن الهدوء عاد إلى طرابلس صباح الثلاثاء، مع انتشار قوى الأمن في المدينة.
كما أجرى الجيش مداهمات لتوقيف المشتبه بإحراقهم إحدى آلياته، وإضرام النار بصرافات آلية، بحسب الوكالة.
ويشهد لبنان احتجاجات مطالبة بإسقاط المنظومة السياسية اللبنانية الحاكمة التي تلومها شريحة كبيرة من الشعب على مشاكل البلاد الاقتصادية.
انتفاضة مقبلة
رياض عيسى، الناشط المدني اللبناني، قال إن "الانتفاضة الشعبية كانت في استراحة نتيجة إجراءات الحكومة لمواجهة فيروس كورونا، إلا أن سياسات الحكومة التي لم تتغير، وزادت من حدة الأزمة الاقتصادية، وتسببت في انهيار العملة أمام الدولار".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "أغلبية الشعب اللبناني بات تحت خط الفقر، وما بقى أمامهم إلا المخاطرة، والنزول للشارع لإطلاق صرخة بوجه الحكومة والطبقة السياسية الحاكمة".
وتابع: "البعض كان يعول على الحكومة الحالية في وقف الهدر والفساد، وإعادة الأموال المهربة، لكنها غير قادرة على وقف التصاعد الجنوني للدولار، والبضائع بدأت في النفاد، لذلك من المتوقع أن تزيد الانتفاضة الشعبية الفترة المقبلة، وأن ينضم إليها العديد من المواطنين".
واستطرد: "من غير المتوقع أن يتحسن الوضع الاقتصادي، ويبدو أننا ذاهبون نحو مسلسل تجويع الشعب اللبناني، ومواجهة السلطة المنقسمة حاليًا على نفسها، وتخوض معركة تصفية الحسابات على حساب المواطنين".
تطورات خطيرة
من جانبه قال فيصل عبدالستار، المحلل السياسي اللبناني إن "التطورات الأخيرة التي ظهرت على الساحة اللبنانية لا تحمل نذير خير على الإطلاق وتبشر بسيناريوهات سوداء، ربما تفتح لبنان على المجهول".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "البلاد يمكن أن تنزلق إلى فوضى شاملة، أمنية واجتماعية، في حالة من النهب والتخريب لمؤسسات الدولة العامة، والممتلكات الشخصية، ما يعني إفقاد الدولة سلطتها على التحكم في الشارع".
وتابع: "كان هناك عدد من المصابيين في صفوف المحتجين والأمن، فضلا عن إحراق آليات تابعة للجيش، وذلك كان بالتزامن مع اجتماع مجلس الوزراء الذي كان يحاول حسم الأمور بشأن الخطة الاقتصادية الإصلاحية التي من المحتمل أن تمكن الحكومة من وضع حد لانهيار سعر صرف العملة، والاقتصاد الذي وصل لمستويات خطيرة تنذر بفوضى شاملة في البلاد".
وأكد أن "هناك من يقول إن هذا التزامن قد يعني أن تيارات سياسية دفعت بهذه التحركات لمحاصرة الحكومة ومنع وصولها لحل ينقذ البلاد".
وأشار إلى أن "لبنان ربما سيكون أمام موجة أوسع من العنف، وربما سيكون هناك بعض التدخلات السياسية التي ستحول الحراك إلى بيئة تستثمر فيه، الأمر اختلط بين الموجوع والمأجور والمتهور".
وأكد أن "هناك أحاديث أيضا تقول إن الأمر ليس ببعيد عن الولايات المتحدة الأمريكية، وخاصة السفيرة الأمريكية التي قامت بزيارات متعددة لبعض الأقطاب السياسية، والذي يشير إلى أن هناك أمرًا ما قررته أمريكا".
تحذيرات ومساعدات
وأعلنت فرنسا اليوم في بيان لوزارة الخارجية أنها على استعداد لدعم الحكومة اللبنانية في الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
وأشار البيان إلى أن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أكد أن فرنسا تعتزم عقد اجتماع لـ"مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان" فور انتهاء إجراءات الحظر المتعلقة بوباء كورونا.
وكانت الجامعة العربية قد دعت الحكومة اللبنانية إلى الإسراع في اتخاذ خطوات عملية وسريعة لإصلاح الاقتصاد وتلبية مطالب اللبنانيين وذلك بعد تصاعد أعمال العنف بين متظاهرين والجيش اللبناني في مدينة طرابلس، مؤكدة أن الأوضاع في لبنان يمكن أن تنزلق بسرعة إلى ما لا يحمد عقباه.