وبدأت القوات السوفيتية في 16 أبريل/نيسان 1945 عملية برلين الهادفة إلى دحر المعتدين في عقر دارهم عبر السيطرة على مدينة برلين عاصمة الرايخ الثالث (ألمانيا النازية).
وحشدت ألمانيا حوالي مليون جندي وضابط و8 آلاف من قطع المدفعية و1200 دبابة و3.5 ألف طائرة للدفاع عن برلين، وأمر ادولف هتلر، زعيم ألمانيا النازية، بالدفاع عن عاصمة الرايخ الثالث "دفاع المستميت"، آملا في تجنب الهزيمة الكبرى.
وكانت آماله مبنية على توقعات تشير إلى إمكانية حدوث خلاف بين الحلفاء الذين حاربوه (الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا).
آمال زعيم الرايخ الثالث
قال المؤرخ ميخائيل مياغكوف، المدير العلمي لجمعية التاريخ العسكري الروسية، لـ"سبوتنيك"، إنه كان هناك ما يدعم آمال هتلر بحدوث مثل هذا الخلاف بين الحلفاء، إذ بدأت المخابرات الأمريكية المفاوضات مع الجنرال فولف، قائد القوات الألمانية في إيطاليا، حول استسلام القوات الألمانية في إيطاليا وتوقيع اتفاقية السلام المنفصلة بين الولايات المتحدة وألمانيا.
ثم زودت الولايات المتحدة وبريطانيا القوات السوفيتية بمعلومات كاذبة مفادها أن ألمانيا تنقل أحد جيوش المدرعات من جبهة القتال الغربية إلى منطقة برلين ليقوم بتطويق القوات السوفيتية التي استعدت لمهاجمة عاصمة الرايخ الثالث بعد أن أصبحت المسافة الفاصلة بين القوات السوفيتية وبرلين 60 كيلومترا، لتقرر القيادة السوفيتية لدى تلقي هذه المعلومات تعليق الهجوم على برلين حتى إشعار آخر، وليتبين في وقت لاحق أن ألمانيا سحبت مجموعة من الدبابات من الجبهة الغربية إلى الجبهة الشرقية، ولكنها لم تتوجه إلى برلين، بل ذهبت إلى منطقة أخرى في المجر في محاولة لوقف هجوم القوات السوفيتية هناك.
وليس مستبعدا – والكلام ما زال للمؤرخ مياغكوف – أن يكون الأمريكيون والبريطانيون حاولوا عرقلة القوات السوفيتية لكيلا تدخل برلين قبلهم. في كل الأحوال كانت القوات الأمريكية والبريطانية بعيدة عن برلين، ولم يكن بمقدورها مهاجمة عاصمة الرايخ الثالث.
كانت ألمانيا النازية قد جعلت عاصمتها حصنا منيعا تحميها الحواجز والعوائق الطبيعية والمصطنعة، وكانت هناك ثلاثة خطوط دفاعية، وبلغ إجمالي عرضها مائة كيلومتر، كما تم زرع حوالي ألفي لغم في كل كيلومتر.
وأوكلت مهمة الدفاع عن برلين إلى مليون مقاتل تقريبا، وظل زعيم الرايخ الثالث موجودا في برلين.
ومن أجل اختراق الدفاعات المستحكمة لجأت القوات الروسية إلى استخدام المدفعية والكشافات الضوئية، ودمرت مدفعية الجيش الأحمر الخط الدفاعي الأول، وفي موازاة القصف المدفعي أنارت الكشافات الضوئية مواقع القوات الألمانية لمدة ساعتين، مشيرة إلى الطريق الذي يجب أن يسلكه المهاجمون، وأعمت المدافعين.
سقوط برلين
في 19 أبريل/نيسان اخترقت القوات الروسية الخط الدفاعي الثالث، ودخلت مدينة برلين، وفي 30 أبريل/نيسان، وصلت القوات الروسية إلى "رايخستاغ" برلمان ألمانيا النازية الذي دافعت عنه وحدات النخبة في الجيش الألماني.
واستمرت المعارك الضارية هناك حتى 2 مايو/أيار حين سلّم الجنرال هلموت فيدلينغ، قائد الدفاع عن برلين، نفسه إلى القوات السوفيتية. وكان هتلر قد عينه قائدا للقوات المدافعة عن برلين قبل يومين من سقوطها. وقبل ذلك أراد هتلر أن يعدمه رميا بالرصاص لنقل مقر قيادته إلى مكان آخر دون معرفة هتلر.
وعندما علم الجنرال فيدلينغ بقرار هتلر الجديد بشأن تعيينه قائدا للقوات المدافعة عن برلين عبر عن أسفه، قائلا: "حبذا لو بقي هتلرعلى قراره السابق".
وتم تدمير فلول الجيش الألماني التي رفضت الاستسلام بحلول يوم 7 مايو/أيار، وفي اليوم التالي أعلنت ألمانيا النازية استسلامها اللا مشروط.
وبلغت خسائر القوات السوفيتية التي اقتحمت برلين، حوالي 80 ألف قتيل و300 ألف جريح، فيما بلغت خسائر ألمانيا النازية 380 ألف قتيل ونحو نصف مليون أسير.