الموافقة على المساعدة المالية الطارئة جاءت لتلبية احتياجات ميزان المدفوعات العاجلة الناشئة عن تفشي جائحة كورونا، لكن تبقى التساؤلات حول مدى قدرة المساهمة المالية الحالية على سد الاحتياجات، والفترة الزمنية التي تغطيها، وما إن كانت ستلجأ مصر لطلب دفعة مالية أخرى أما لا؟
في البداية، قالت عضو البرلمان المصري، بسنت فهمي، إن القرض الأخير الذي وافق عليه صندوق النقد الدولي، ضمن المساعدات المالية الطارئة، التي تلجأ إليها الدول في حال التغيرات غير المرئية نتيجة أزمة ما.
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن أزمة كورونا تسببت في نقص كبير في العملة الأجنبية التي كانت تدخل مصر، سواء من السياحة أو قناة السويس، أو تحويلات المصريين بالخارج، وأنه مع استمرار الأزمة تؤثر بشكل كبير على الاحتياطي النقدي.
وفيما يتعلق بما إن كانت هناك أي شروط للقرض، أوضحت فهمي أنه يختلف عن القروض السابقة، حيث يشترط فقط أن تكون الدولة قادرة على السداد، ما يعني أن وضعها المالي مستقر.
هل تسد الحزمة احتياجات مصر؟
وترى بسنت أن حزمة التمويل الطارئة تكون غير كافية حال استمرار الأزمة لأكثر من 6 أشهر، وأن بعض الدراسات تشير إلى احتمالية استمرار الأزمة لنحو 18 شهرا، ما يعني أن الكثير من الدول ستبدأ التفكير في بعض البدائل منها مبادلة الديون وبيع أصول.
بشأن الخسائر التي تعرضت لها مصر خلال الفترة الماضية، أوضحت فهمي أن كافة دول العالم تعرضت لخسائر نتيجة الأزمة، إلا أنها تحسب كل 6 أشهر لتكون دقيقة في حجم التأثير والأرقام، وأن خسائر مصر يمكن حسابتها بعد نفس الفترة وهي الـ 6 أشهر.
حصة مصر لدى الصندوق
في ذات الإطار، قال الدكتور فخري الفقي، مساعد المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي بواشنطن سابقا، إنه لا شروط للقرض الجديد، حيث يعادل التمويل العاجل100 في المئة، من حصة مصر لدى الصندوق البالغة 2.77 مليار دولار، علي أن يخصص لمواجهة الآثار السلبية لأزمة كورونا علي القطاعات المتأثرة خاصة قطاع السياحة والطيران والنقل الجوي، وكذلك الفئات المتضررة.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن القرض يساهم في تعزيز القطاع الصحي، ومساعدة أكثر الفئات المتضررة، وتفادي تدهور الاحتياطي وقيمة الجنيه المصري.
وأوضح أن القرض يسد جزئيا احتياجات مصر المالية، وأن الصندوق سيخصص نافذة تمويلية أخري، تعرف بـ "ترتيب الاستعداد التمويلي"، يمكن مصر من الحصول على 5.5 مليار دولار أخرى، ويتم صرفه على شرائح، وأنها تتفاوض في الوقت الحالي عليه.
خسائر مصر نتيجة كورونا
وتابع أن خسائر مصر خلال الفترة الماضية، تتمثل في انخفاض معدل النمو الحقيقي، من نمو كان متوقعا 5.6% إلي 4.2% أي بنحو 5.25 مليار دولار، حتي نهاية يونيو/حزيران 2020 "نهاية 2019/2020".
وفي تصريحات سابقة، أوضح الفقي، أن تقرير آفاق الاقتصاد العالمي يصدر في أبريل/ نيسان، وأكتوبر/ تشرين الأول، باجتماع 10 آلاف مسؤول عالمي، وأن صندوق النقد الدولي قال إن الإقتصاد العالمي يتراجع فيه معدلات النمو -3% عام 2020 سنة ميلادية، مقارنة بسنة 2019، في حين أن توقعات النمو كانت تشير إلى 2.9% موجب، قبل فيروس كورونا.
وفسر أن الدول المتقدمة معدل النمو فيها سالب 3.3 %، فيما ستتراجع معدلات النمو في الدول النامية سالب 1%، وأنه لم يسلم من 189 دولة سوى 18 اقتصادا، منهم مصر في الترتيب السادس للسنة الميلادية 2020.
واستطرد أنه بحسب تقرير أفاق تراجع النمو في مصر إلى 2% موجب، في حين أنه كان 5.6% قبل أزمة فيروس كورونا، في حين أن وزارة التخطيط المصرية أكدت أن مصر حققة 5.6 في النصف الأول من السنة المالية، ما يعني أن الاقتصاد المصري ينمو في حدود 4.2 بنهاية السنة المالية، وهي أعلى من تقديرات صندوق النقد نظرا للاختلاف بين السنة المالية والميلادية.
ارتفاع مؤشر النمو
من ناحيته قال الدكتور محمد زكريا الخبير الاقتصادي المصري، إنه من المتوقع ارتفاع مؤشر النمو في مصر بنسبة أعلى من التي أشار إليها تقرير أفاق الاقتصاد العالمي، حيث يمكن أن أن يصل لنحو 4،5%.
وأضاف في حديث سابق لـ"سبوتنيك"، أن مصر قامت بإجراءات جادة منذ بداية أزمة كورونا ما ساعد في الحفاظ على النمو، منها ضخ 10 مليارات جنيه للحفاظ على البورصة من الانهيار، وأنقذت بذلك الشركات من الخسائر الفادحة التي كانت ستتعرض لها.
وأشار إلى أن تدخل البنك المركزي في السيطرة على عملية السحب والإيداع ساهم في الحفاظ على السياسة النقدية والقوة الشرائية، خاصة أنه في معظم دول العالم كانت هناك عمليات سحب كبيرة.
الحظر الجزئي
وأوضح أن الحظر الجزئي في مصر حافظ على الشركات ومناطق الإنتاج والصناعات، ما ساعد في استمرار عملية التداول، والحفاظ على عملية الإقتصاد الذي قامت به الدولة منذ فترة، وهو ما جعلها تحافظ على نسبة النمو. ويرى أن مصر ستكون بوابة للاقتصاد العالمي خلال السنوات المقبلة في ظل توافر العديد من العوامل التي تساعدها على ذلك.
وقال الصندوق، إن مصر حققت تحولا ملحوظًا قبل صدمة وباء كورونا، مشيرا إلى أنها نفذت برنامجًا ناجحًا للإصلاح الاقتصادي بدعم من مرفق التمويل الموسع "EFF" لصندوق النقد الدولي لتصحيح الاختلالات الخارجية والمحلية الكبيرة.
وأضاف الصندوق في بيان صحفي، الاثنين نشرته الصحف المصرية، إن الوباء والصدمة العالمية يشكلان اضطرابًا اقتصاديًا فوريًا وشديدًا يمكن أن يؤثر سلبًا على استقرار الاقتصاد الكلي الذي حققته مصر إذا لم يتم التصدي له.
وتابع أن السلطات أطلقت حزمة شاملة لاحتواء التأثير الاقتصادي لصدمة وباء كوفيد 19.
وبحسب إشارة البيان، أن هذا التمويل الذي يأتي ضمن أداة التمويل السريع سيساعد على التخفيف من بعض احتياجات التمويل الأكثر إلحاحًا، بما في ذلك الإنفاق على الصحة والحماية الاجتماعية ودعم القطاعات الأكثر تأثرًا والفئات الضعيفة.