وقال مسؤولون من بينهم وزير إسرائيلي مقرب من نتنياهو إن الحكومة قد تؤجل موعد البدء بإجراءات ضم أجزاء من الضفة الغربية، والذي حدده نتنياهو مع بداية شهر يوليو المقبل.
وأكد مراقبون فلسطينيون أن "تصريحات التأجيل جاءت بعد الموقف الفلسطيني الواضح والكبير وغير المتوقع، وكذلك بسبب التحركات العربية والدولية، خاصة في ظل رغبة أمريكا في تأجيل القرار حتى انتهاء الانتخابات الرئاسية".
تأجيل الضم
وقال وزير التعليم العالي وموارد المياه، القيادي في حزب "الليكود"، زئيف إلكين، لإذاعة الجيش الإسرائيلي، إن موعد "بسط السيادة" على أجزاء من الضفة "قد يتم تأجيله لأيام أو ربما لأسابيع".
وأشار إلكين إلى أن المساحة التي سيتم ضمها من الضفة تبلغ نسبتها 30% من المساحة الكلية للضفة الغربية، وأن "إجراءات الضم ستبدأ وفقا للاتفاق الائتلافي للحكومة في الأول من يونيو، لكنها قد تمتد لأسابيع".
وذكر إلكين أن التأخير في الإعلان قد يكون بسبب التأخر في تشكيل لجنة ترسيم الخرائط، مضيفا أنه "يعلم أنهم يعملون على الخريطة، وقد يستغرق ذلك بعض الوقت".
وحسب موقع "i24News" الإسرائيلي فإنه لم تجر أي مناقشات "هامة" حتى الآن بين مسؤولين عسكريين وسياسيين حول موضوع ضم أجزاء من الضفة الغربية، و"لم يتلق الجيش الإسرائيلي جدولا زمنيا أو خرائط أو وثيقة سياسية فيما يتعلق بضم المناطق المذكورة".
وفي وقت سابق، نقلت هيئة البث الإسرائيلي عن مصادر في حزب "أزرق أبيض" برئاسة بيني غانتس، أن تمرير قانون ضم الأراضي في الضفة الغربية بصورة أحادية، سيؤدي إلى انفراط عقد التحالف الحكومي.
تحركات فلسطينية وضغوط دولية
محمد حسن كنعان، القيادي بالقائمة المشتركة، وعضو الكنيست السابق، قال إن "التصريحات التي تتحدث عن إمكانية تأجيل خطط الضم الإسرائيلية، لم تخرج من وزير مقرب لنتنياهو وحسب، بل من عدة شخصيات بارزة".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "هذه التصريحات جاءت بسبب الخطوات الفلسطينية الواضحة، والتصريحات الأردنية القوية، وكذلك مواقف بعض الدول العربية والأجنبية المعارضة لقضية الضم".
وأكد أن "هذه الدول تعرف جيدًا أن تنفيذ هذه المخططات يعني إنهاء عملية السلام، واتفاقية أوسلو، وجميع الاتفاقيات التي جرت بين إسرائيل وفلسطين، كما يشكل خطرًا حقيقيًا في منطقة الشرق الأوسط، وقد يؤدي إلى تحرك جماهيري واسع في الدول العربية ضد أمريكا وإسرائيل".
وتابع: "في الأيام القادمة سنشهد ضغوطًا أوروبية، وأخرى دولية ومن منظمة الأمم المتحدة، لأن السلطة الفلسطينية والشعب بكل أطيافه لن يقفوا صامتين على هذه الخطوة، والتي تمنع قيام دولة فلسطينية باعتبار أن إسرائيل ستصادر أكثر من 30% من أراضي الضفة وغور الأردن، والتي من المقرر أن تقام عليها الدولة الفلسطينية".
واستطرد: "كما سنشهد تحركات سياسية شعبية، ومن المتوقع أن يكون هناك انتفاضية ثالثة للشعب الفلسطيني، والذي لم يعد أمامنا سوى النضال الشعبي، والوحدة الوطنية الشاملة لمواجهة كل هذه المخططات الإسرائيلية والأمريكية".
تأجيل متوقع
من جانبه قال الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية، إن "هناك موقفًا دوليًا واضحًا وحاسمًا برفض قرار السلطات الإسرائيلية بضم أجزاء من أراضي الضفة تحت سلطتها، باستثناء امريكا فهي لا تعارض الضم من حيث المبدأ، لكنها تعارض الضم في الوقت الحالي".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "خطة صفقة القرن التي طرحتها إدارة واشنطن نصت بوضوح على ضم كافة المستوطنات والقدس والأغوار وأجزاء من الأراضي المصنفة ج في الضفة وفرض السيطرة الإسرائيلية عليها، وهذا يعني أن الرئيس ترامب يريد أن يكون تنفيذ قرار الضم وفق خطة صفقة القرن وليس أحاديًا من قبل حكومة الاحتلال الإسرائيلي".
وأوضح أن "إدارة ترامب تدرك أن قرار الضم لن يلق قبولا دوليا وسيواجه برفض دولي وستكون ارتداداته وخيمة على الأرض، وفي حال أقدمت حكومة الاحتلال على الضم بشكل أحادي وبدون اتفاق مع الفلسطينيين فإن مصداقية ترامب أمام شعبه ستتهاوى وستضعف حظوظه بالفوز بالانتخابات الرئاسية المزمعة أول نوفمبر، ولذلك تعارض إدارة ترامب الضم حاليا".
وأكد شعث أنه "توقع مسبقا أن إدارة ترامب قد تنجح بالضغط على نتنياهو لتأجيل قرار الضم لما بعد الانتخابات الأمريكية القادمة"، محذرًا "من قيام حكومة تل أبيب بالإعلان عن تأجيل عملية الضم تفاديا للضغوط الدولية وانتظارا لانتهاء الانتخابات الأمريكية، وفي الوقت ذاته تواصل تنفيذ إجراءات الضم على الأرض غير آبهة بالقانون الدولي والقرارات والإدانات الدولية".
واستطرد: "في حال أعلنت حكومة الاحتلال عن تأجيل الضم فإنها ستكون حتي نهاية العام الجاري فقط وذلك انتظاراً لمعرفة هوية الرئيس الأمريكي الجديد، وفي حال فاز المرشح الديمقراطي بالانتخابات الرئاسية الأمريكية فإنه لن يسمح بالضم، ولذلك ستقوم حكومة الاحتلال بتنفيذ مخططها بالضم عقب الانتخابات مباشرة".
وكرر شعث مطالبته للمجتمع الدولي بضرورة "فرض عقوبات على حكومة الاحتلال وعدم الاكتفاء بالإدانات، ودعا الدول العربية والإسلامية التي تقيم علاقات تطبيع مباشرة مع تل أبيب إلى قطعها، متسائلا: "كيف نطالب العالم بمعاقبة الاحتلال بينما بعض أشقائنا العرب تقيم علاقات طبيعية وتجارية علنية وسرية معه".
قانون إسرائيلي
وأكد نتنياهو في خطابه أمام الكنيست المضي قدما في خطة ضم أجزاء من الضفة الغربية، وقال "حان الوقت لتطبيق القانون الإسرائيلي وكتابة فصل آخر في تاريخ الصهيونية"، مضيفا أن الضم "لن يبعدنا عن السلام، بل سيجعلنا أقرب أكثر إليه".
وصرح وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد غابي أشكنازي، بأن خطة الرئيس الأمريكي للسلام في المنطقة تشكل "فرصة تاريخية لمستقبل إسرائيل" ولترسيم حدودها.
وأشار أشكينازي إلى أهمية العلاقات مع مصر والأردن اللذين وقعا معاهدتي سلام مع إسرائيل مؤكدا أنه سيعمل على "الدفع بعلاقات مع دول أخرى في المنطقة لتعزيز أمن إسرائيل.
وأعلن أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، توقف الأجهزة الأمنية الفلسطينية عن تبادل المعلومات مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي أي أيه" على خلفية المخطط الإسرائيلي لضم أجزاء من الضفة الغربية.
وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إنهاء جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الإسرائيلية والأمريكية.