قال الدكتور محمد مصطفى، رئيس المركز العربي الأفريقي لثقافة السلام والديمقراطية بالسودان: "الجبهة الثورية التي تأسست عام 2012 لأسباب موضوعية ومصيرية، مثلت حينها تظاهرة ثورية فريدة جمعت بين أربع قوى ثورية ذات أحجام معتبرة، واستطاعت الجبهة الثورية في بدايتها أن تختبر الحكومة البائدة اختبارا صعبا، جعل البشير يتحسس مقعده الذي كان يدعي إن خالد فيه".
أجندة متناقضة
وأضاف رئيس المركز العربي الأفريقي لـ"سبوتنيك": "لكن نسبة التباينات في الأمور الفكرية والأعراف والتقاليد الاجتماعية والنزاعات الجهوية، سادت على أجندة التحرير والمصير المشترك، مما دفع قادتها للانشقاق مستندين على خرق رئيسها حينها الفريق مالك عقار للدستور، وتمسكه بمنصبه رئيسا للجبهة رغم انتهاء دورته الرئاسية منذ قرابة الثلاث سنوات".
تجمع المهنيين والفوضى الخلاقة
وأشار مصطفى: "رغم احترامي لبعض قادتها الذين لم يركضوا خلف الأضواء ولم تساندهم بعض الدوائر، وتدفع بهم إلى الجماهير في عملية تلميعية صناعية واضحة، فهم لم يخططوا للثورة لكن وجدوها ماثلة أمامهم ووضعوا عربتهم أمام قاطرتها وقادوها بنجاح، بدعم مقدر من نافذين في الحكومة البائدة"، مضيفا: "عندما سقط النظام، سارعوا هم وحلفاؤهم في الحرية والتغيير لاحتكار مكتسبات الثورة ولأنهم كما أسلفت لم يخططوا للثورة، ما كان لهم استعداد ولا استراتيجية للتحالف والحكم، وبالتالي بديهي أن يتخبطوا في شكل التحالف والتنظيم والإدارة، ثم يعودوا إلى فصائلهم".
ولفت رئيس المركز العربي الأفريقي، إلى أن "ما جرى قد نعتبره نوع من الفوضى، التي قد تكون خلاقة فتستقر إلى تحالف استراتيجي هادف يقود الساحة السياسية بالبلاد إلى بر السلام والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، وإلا سنعود جميعا إلى عسكرة النظام مستسلمين وخانعين، وهنا سوف تكون الفوضى هدامة".
السلام ومرحلة الخطر
وقال منصور أرباب، رئيس حركة العدل والمساواة الجديدة: "الثورة السودانية منذ يوم نجاحها لم تتخطى مرحلة الخطر وتم اختطافها".
وأضاف أرباب لـ"سبوتنيك": "الانشقاقات والخلافات المتوالية في منظومات القوى السياسية والثورية المسلحة هي التي أقعدت السودان منذ الاستقلال وإلى يومنا هذا".
وتابع رئيس العدل والمساواة: "الإقصاء يولد إقصاء مضادا، وعدم قبول الآخر يدمر بناء الأوطان والشعوب، وغياب الرؤية والبرنامج الوطني والانتهازية وحب الذات والجهل السياسي للساسة السودانيين أضر بالسياسة السودانية، وفشلت الدولة وأشعلت فيها خروقات أهلية لمدة تزيد عن 55 عاما".
وتابع البيان: "كذلك ظلت الحركة تعمل بجد ونكران ذات لوحدة قوى المقاومة المسلحة على نهج قائدها الملهم المفكر الدكتور جون قرنق ديمبيو، ذلك القائد الذي استطاع أن يوحد كل قوى المقاومة المسلحة انطلاقا من إقليم جنوب السودان، ومرورا بجبال النوبة والنيل الأزرق وشرق السودان وحتى أقصى الشمال والوسط تحت مظلة الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان، ثم انتقل بها الى حيث وحدة المقاومة الشاملة متمثلة في التجمع الوطني الديمقراطي، مؤمنا بوحدانية الأزمة السودانية وتعدد مساراتها الثقافية والاقتصادية والدينية الموضوعية رافضا أي تشخيص جهوي أو إثني ضيق للأزمة وبذل جهدا مقدرا للمحافظة على وحدة قوى الكفاح المسلح".
وتابع: "من أجلها تجاوز كل المرارات في التعامل مع منافسيه خصمائه فما انشقت منه مجموعة أو فردا إلا وسعى لاستعادته متبعا منهجا استراتيجيا مرنا في ذلك".
وأشار البيان إلى أن الحركة قررت "العمل مع القوى الثورية والسياسية الحية لتحقيق وحدة كل الحركات والأحزاب والتنظيمات السياسية والعسكرية المؤمنة بوحدة السودان والصادقة تجاه تحقيق دولة المواطنة المتساوية، والرفض التام لأي محاولة من أي قوى لاحتكار العملية السلمية لأن الأزمة تقتضي إشراك كل الثوار والسياسيين المعارضين في عملية الحل".
وتركز مفاوضات السلام السودانية في جوبا على 5 مسارات، هي: مسار إقليم دارفور (غرب)، ومسار ولايتي جنوب كردفان (جنوب) والنيل الأزرق (جنوب شرق)، ومسار شرقي السودان، ومسار شمالي السودان، ومسار وسط السودان.
وإحلال السلام في السودان هو أحد أبرز الملفات على طاولة حكومة عبد الله حمدوك، وهي أول حكومة في البلاد منذ أن عزلت قيادة الجيش، عمر البشير من منصب الرئيس، الذي ظل فيه منذ 1989 حتى تم عزله في 11 أبريل/ نيسان 2019، تحت وطأة احتجاجات شعبية بدأت أواخر 2018، تنديدا بتردي الأوضاع الاقتصادية.
ومنذ 21 أغسطس/ آب الماضي، يشهد السودان، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم السلطة خلالها كل من المجلس العسكري، وقوى "إعلان الحرية والتغيير"، التي تقود الحراك الشعبي.